الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حفنة من الحنطة ومقدار من الأمل

ماريان جرجس
ماريان جرجس

في لحظة محتقنة من تاريخ البشرية ، حيث يواجه العالم مخاطر وتحديات عدة ، وصفتها وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية "سفينيا شولتز" أنها قد تكون أخطر مجاعة يواجهها العالم منذ الحرب العالمية الثانية نتيجة الجفاف والتصحر وجائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية ، مما يهدد بتفاقم الجوع في العالم  وارتفاع أسعار المواد الغذائية بمقدار الثلث، تنتصر مصر مرة أخرى في واحد من أصعب التحديات ولكن يبدو أنها أتقنت فن الاختيار وأصبح لديها أدوات خاصة في تطويع الظروف الصعبة وصناعة الانتصار منها .

وكأن الاختيار هو أحد مقدرات الدولة المصرية  ويظل قرينًا لكل تحدي تمر به تلك الأمة الأبية ، فالشعب يختار دائمًا الحياة ولكن لا يعي الضريبة المدفوعة أمام كل اختيار، فكان اختيارا لإصلاح الاقتصادي عام 2016م  اختيارًا ملزمًا أمام الرئيس لمعالجة كل العوار الاقتصادي التي تسببت فيه الاضطرابات السياسية والثورات والسنوات التي تعطلت فيها الدولة ولأن نبل الهدف يعطى الجرأة ، استطاعت دولة الثلاثين من يونيو خوض تلك المعركة باختيارها وبكل جرأة ونجحت في خطة إصلاح اقتصادي سريعة وقوية .

وهكذا مرة أخرى تنتصر الدولة المصرية وتختار الاختيار الصحيح، فأزمة السلع الأساسية نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية  هي أزمة عالمية ، نتيجة نقص الحبوب وإيقاف توريدها من روسيا وأوكرانيا ، وكان بالأحرى في غضون تلك الأزمة أن تبحث الدولة المصرية عن بدائل للقمح المستورد  من بلدان أخرى، ولكن يبدو أن الدولة المصرية تؤمن أن الاختيار الصحيح هو الاختيار الأصعب  فأخذت على عاتقها توطين زراعة القمح و تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ، وتكبدت مجهودات كثيرة  لتوريد أكبر كمية من الذهب الأصفر من كافة محافظات مصر.

وها نحن في موسم حصاد القمح ، تتجلى نتائج اختيارات الدولة المصرية الصحيحة ، من قدرة استيعابية على التخزين وهى كانت واحدة من المشاكل التي تعوق تخزين القمح نتيجة غياب الصوامع والتعامل الذكي من قبل الحكومة مع الفلاح المصري ورفح سعر توريد أردب القمح وتحفيز الفلاح المصري على زراعته كما أكد الرئيس على وجود حزمة تحفيزية للفلاح المصري لزراعة القمح ، فنجد كافة محافظات مصر من المنيا وبني سويف وكفر الشيخ والدقهلية والفيوم والشرقية  تحصد الذهب الأصفر وتورده للشون والمصانع حتى قال أحد أصحاب الجرارات الزراعية بالمنوفية في مركز منوف ، أن موسم حصاد القمح هذا العام يُعد من أفضل مواسم القمح  منذ فترة كبيرة وان الفدان يحقق 12 أردب قمح ويعد ذلك أكبر إنتاجيات محصول القمح.

ولا شك أنه علي الجانب الأخر ، يتم البحث عن بدائل للقمح الأوكراني مثل الهند والبرازيل ولكن لم يكن هذا الاختيار الرئيسي أمام الدولة المصرية إيمانا بأن العمل والجهد والرؤية الذكية هي طريقنا للخروج من الأزمات ، ولعل يوم ما ستعود مصر لتكون سلة غداء العالم.