ثمرات قيام الليل .. مع اقتراب ثلث الليل الأخير يكثر البحث عن ثمرات قيام الليل وفضل الذكر قبل الفجر بساعة، وكيف يتحقق للمسلم والمسلمة ما يتمنون في هذا الوقت المبارك من أوقات الغفلة.
ومن خلال التقرير التالي نرصد أهم ما ثبت في ثمرات قيام الليل للمؤمن والمؤمنة، وكيفية قيامها بالصورة التي أرادها الشرع الحنيف.
ثمرات قيام الليل
يعد قيام الليل من العبادات التي ثوابها عظيم عند الله تعالى، فقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بقيامِ الليلِ فإنَّهُ دأبُ الصالحين قبلَكم فإنَّ قيامَ الليلِ قُرْبةٌ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ , وتكفيرٌ للذنوبِ , ومطردةٌ للداءِ عن الجسدِ ومنهاةٌ عن الإثمِ، وقال تعالى عن قيام الليل في كتابه الكريم في سورة المزمل يقول الله تعالى يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا﴾ وفي السطور القادمة قيام الليل وعدد ركعاته ودعاء قيام الليل.
وعدد الركعات المستحبة عند الصلاة في جوف الليل، لكن قبل ذلك فإن صلاة قيام الليل ممتدة من بعد العشاء وحتى قبل أذان الفجر وصلاة ركعتين في أي وقت من بعد صلاة العشاء وحتى قبل رفع أذان الفجر يعد قيام الليل، وورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن أفضل وقت لقيام الليل هو الثلث الأخير من الليل، لكن لو صلى المسلم في أي وقت في الليل من بعد العشاء وحتى الفجر فهو بذلك أدى سنة صلاة قيام الليل ونال الأجر إن شاء الله تعالى.
حديث شريف عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةِ اللَّيلِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «صلاةُ الليلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خشِي أحدُكم الصُّبحَ، صلَّى ركعةً واحدةً تُوتِرُ له ما قدْ صلَّى ، ويصلي الإنسان في قيام الليل ما شاء من الركعات، فالعدد فيها مطلق، والسنة الاقتصار على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة كما ورد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل.. قال تعالى إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ.
ثمرات قيام الليل
تتعدد ثمرات قيام الليل ومعجزاته ومن ذلك:
1- تكفير الذنوب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني، فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).
2- استجابة الدعاء: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (إنَّ من اللَّيل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة).
3- طرد العجز والكسل وداء الجسد: قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (عليكم بقيام الليل؛ فإنَّه دأبُ الصالحين قبلكم؛ فإنَّ قيامَ الليل قُرْبَةٌ إلى الله عز وجل وتكفيرٌ للذُّنوب ومَطْرَدَةٌ للدَّاء عن الجسد ومنهاة عن الإثم) وقال العراقيُّ: إسنادُه حسنٌ.
4- صلاح الأبناء والأسرة: فعندما يراك أهلك وأولادك تقوم الليل فإن هذا السلوك سيؤثر فيهم، ويحبب إليهم الدين والعبادة فيقتدون بك، والله سبحانه وتعالى يتولى ذريته حتى بعد مماته قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ).
5- سبب الرحمة: قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (رَحم اللهُ رجلاً قام من الليل فصلَّى وأيقظَ امرأتَه، فإن أَبَتْ نضح في وجهها الماءَ، ورحم اللهُ امرأةً قامت من اللَّيل فصلَّت وأيقظت زوجَها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء).
6- دخول الجنة: قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل،والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام).
ماذا يقرأ في صلاة قيام الليل ؟
يقوم المسلم بأداء ركعتين ركعتين، والمقصود أن يسلّم بعد كلّ ركعتين يؤدّيهما، ثمّ يؤدّي الوتر، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قيامه، وإن خاف المسلم أن يدرك صلاة الصّبح وهو لم يوتر بعد فيجوز له أن يوتر بركعةٍ واحدةٍ، يتلو فيها بعد سورة الفاتحة سورة الإخلاص، ثمّ يدعو دعاء القنوت.
وصلاة قيام اللّيل تكون في أوّل اللّيل، أو أوسطه، أو آخره، لكن في الآخر أفضل، وهو الثّلث الأخير، وعددها من حيث الأفضل أن تصلّى إحدى عشر ركعة، أو ثلاثة عشر ركعة، ومن السّنة أن يقوم المسلم بترتيل الآيات الكريمة عند القراءة، وقراءة ما تيسرّ له من القرآن الكريم، ومن المستحبّ عند القراءة أن يستعيذ بالله عند قراءة الآيات التي فيها وعيد، وأن يسأل الله الرحمة عند الآيات التي فيها رحمة، وأن يسبّح حينما تمرّ به آية تسبيح، وأن يطمئنّ في صلاته، ويخشع في ركوعه وسجوده.
والوتر إما أن يكون ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا، فعدد ركعات الوتر فرديّة، وقد رُوي عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: « الوترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ»، وفيما يأتي تفصيل لما ورد في صلاة الوتر:
1- أن يصلّى الوتر ركعةً واحدةً، كما كان يؤدّيها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-.
2- أن يصلّى الوتر ثلاث ركعات، فيقوم المسلم بصلاة الثّلاث ركعات متصلات، بحيث يسلّم في نهاية الصلاة، كما كان يفعل السّلف، ويقرأ فيهم: سورة الأعلى، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص، أو يصلّي ركعتي شفع ويسلّم، ثمّ يتبعها
بركعة وترٍ منفصلة عن أوّل ركعتين، فيشاء له ذلك مع ضرورة النّية من بداية الصّلاة.
3- أن يصلّى الوتر خمس أو سبع ركعات، ويكون ذلك بتشهّدٍ واحدٍ كما كان يفعل رسول الله، فقد رُوي عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: « كان رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم- يوترُ بسبعٍ أو بخمسٍ، لا يفصلُ بينهنَّ بتسليمٍ ولا كلام».
4- أن يصلّى الوتر تسع ركعات، ويجلس المسلم للتّشهد في الرّكعة الثّامنة، ثمّ يتمّ الرّكعة التّاسعة، بعدها ينهي صلاته بالتّشهد والسّلام.
وبصلاة الوتر تُختم صلاة اللّيل، لكن يجوز للمسلم أن يصلّي بعد ذلك ما يشاء من عدد ركعات القيام، على أن تكون الصّلاة ركعتين ركعتين، ولا يعيد الوتر، فقد رُوي عن قيس بن عليّ أنّه قال: «لاَ وترانِ في ليلةٍ».
فضل صلاة قيام الليل
عدّ العُلماءُ بضعة فضائل لصلاة قيام اللّيل، منها:
1- عناية النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - بـ صلاة قيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهادًا عظيمًا.
2- صلاة قيامُ اللّيل من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.
3- صلاة قيامُ اللّيل من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.
4- المحافظونَ على صلاة قيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته، فقد مدح الله أهل قيام اللّيل، وعدَّهم في جملة عباده الأبرار.
5-مدح الله أهل قيام اللّيل في جملة عباده الأبرار، فقال - عزَّ وَجَل -: « وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا».
6- صلاة قيام اللّيل أفضَلُ الصّلاة بعد الفريضة.
7- صلاة قيامُ اللّيل مُكفِّرٌ للسّيئاتِ ومنهاةٌ للآثام.
8-شرفُ المُؤمن صلاة قيام اللّيل.
9- صلاة قيامُ اللّيل يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدّنيا وما فيها.
أدعية ما بعد صلاة قيام الليل والفجر
1-عَنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ.
2-عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ أخذَ بيدِهِ، وقالَ: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ).
3- عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا أن يموتَ).
4-عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عن يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، قالَ: فَسَمِعْتُهُ يقولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَومَ تَبْعَثُ، أَوْ تَجْمَعُ، عِبَادَكَ).
5-عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ قالَ: كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ إذا سلَّمَ منَ الصَّلاةِ قالَ: اللَّهمَّ اغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ وما أسرَرتُ وما أعلنتُ، وما أسرَفتُ وما أنتَ أعلمُ بِهِ منِّي، أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ.
6- كانَ عبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبيرِ يُهلِّلُ في دبرِ الصَّلاةِ يقولُ:لا إلَه إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لَه لَه الملكُ ولَه الحمدُ وَهوَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ لا إلَه إلَّا اللَّهُ ولا نعبدُ إلَّا إيَّاهُ لَه النِّعمةُ ولَه الفضلُ ولَه الثَّناءُ الحسَنُ لا إلَه إلَّا اللَّهُ مخلصينَ لَه الدِّينَ ولَو كرِه الكافرونَ ثمَّ يقولُ ابنُ الزُّبيرِ كان رسولُ اللهِ يهلِّلُ بهنَّ في دُبرِ الصَّلاةِ.