أكدّ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن نحو 5,487 مستوطنًا صهيونيًا اقتحموا ساحات الأقصى المبارك، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال الصهيوني، وبرعايته كاملة من حكومته المتطرفة.
اقتحام ساحة الأقصى
وتزامنت ذروة تلك الاقتحامات مع الاحتفال بما يُطلقون عليه "عيد الفصح"، والذي استمر من17 إلى 21 أبريل؛ حيث اقتحم خلال تلك الاحتفالات نحو 3,670 مستوطنًا ساحات الأقصى المبارك، ليسجل سابقة من نوعها فيما يخص أكثر عدد من المستوطنين الذين قاموا بتدنيس ساحات الأقصى خلال أسبوع واحد، وليصبح هذا العيد هو أكثر الأعياد الصهيونية اقتحامًا للأقصى من جانب المستوطنين منذ احتلال مدينة القدس عام 1967م وسيطرة الكيان الصهيوني على الأقصى المبارك.
ووفق متابعات مرصد الأزهر في تقريره الشهري حول الأوضاع داخل المسجد الأقصى المبارك في ظل تصاعد وتيرة الانتهاكات الصهيونية خلال أبريل المُنصرم، للأوضاع فإن دور شرطة الاحتلال الصهيوني في تمكين المستوطنين من تدنيس ساحات الأقصى المبارك لم يغب -كعادته-؛ إذ عمدت خلال أيام العيد الصهيوني إلى الاعتداء على المعتكفين وإخلائهم بالقوة المُفرطة، ومحاصرة الشباب في المُصلى القبلي، وكذلك النساء في مصلى قبة الصخرة. فيما كانت أبرز تلك الانتهاكات هو قيام جنود الاحتلال باقتحام الأقصى المبارك والاعتداء على المعتكفين والمُصلين، مستخدمة القنابل الصوتية الحارقة والأعيرة النارية والغاز السام، ما أسفر عن وقوع أكثر من 500 مصاب وجريح، واعتقال نحو 600 آخرين، وتحطيم 10 من نوافذ المسجد الأقصى خلال تلك الاقتحامات، والذي قال مدير دائرة الإعمار في الأقصى أنها تحتاج حوالي 6 أشهر لصيانتها وإعادة تركيبها.
كما كشف مرصد الأزهر في تقريره الدور الذي لعبته منظمات الهيكل المتطرفة عبر إطلاقها لدعوات مكثفة، سبقت عيد الفصح، للتحريض على ضرورة تقديم قربان "الفصح" داخل الأقصى، ومن ذلك دعوة الحاخام المتطرف "يهودا كروز" -أحد حاخامات جماعة السنهدرين الجديد المتطرفة- حين قال في كلمة ألقاها داخل الأقصى: "إن كل شيء بات جاهزًا لتقديم ذبيحة الفصح في جبل المعبد [يقصد الأقصى]... ينقصنا أن نخطو الخطوة الأولى".
وفي أحد أشكال التداخل والتعاون بين سلطة الاحتلال والجماعات المتطرفة، تحريض عضو الكنيست المتطرف، "إيتمار بن جفير"، في تصريحه الذي قال فيه: "حان الوقت للسماح بإقامة كنيس يهودي في باحات الأقصى". في تحريض يدعم مخططات التقسيم الزماني والمكاني للأقصى المبارك على غرار ما فعله الاحتلال في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل المحتلة.
وعلى الجانب الفلسطيني، أطلقت دعوات واسعة لشد الرحال إلى الأقصى والاعتكاف به للدفاع عنه أمام مخططات الاحتلال الصهيوني، والتي تمخض عنها توافد الحشود كطوفان هادر من أرجاء الوطن الفلسطيني المحتل، وهو ما أفشل تلك المخططات التي أعدّت لها منظمات الهيكل "المزعوم" مسبقًا، وأجبرت شرطة الاحتلال الصهيوني على منع إقامة طقوس "قربان الفصح" داخل ساحات الأقصى.
وكان من أبرز صور النضال الفلسطيني، التصدي لاقتحام شرطة الاحتلال الصهيوني التي استخدمت القوة المُفرطة لإبعاد المرابطين وإخلاء ساحات الأقصى أمام المستوطنين، وكذلك مشاركة نحو ربع مليون مصلٍ في إحياء ليلة الـ27 من رمضان في رحاب الأقصى، ومشاركة أكثر من 200 ألف في صلاة العيد، إضافة إلى الإقبال الحاشد في صلوات الجُمع والقيام. وأيضًا إطلاق مبادرة "عهد الأقصى" من فلسطينيي الداخل المحتل لشد الرحال إلى الأقصى؛ من أجل إبقاء حالة التواجد المُكثف داخل الأقصى بعد انتهاء شهر رمضان المعظم، وعدم تركه لقمة سائغة أمام أطماع الصهاينة.
وينبّه المرصد أن الصمود الفلسطيني خلال الشهر المُنصرم أرّق مضاجع تلك الجماعات المتطرفة وسلطات الاحتلال، ما دفعه إلى محاولة التغطية على الفشل الذريع الذي حازوه؛ الأمر الذي دفعهم إلى تجديد اقتحامات الأقصى المبارك بالتزامن مع ذكرى تأسيس الكيان الصهيوني في الـ5 من مايو الجاري؛ حيث اقتحم أكثر من 700 مستوطنًا ساحات الأقصى، رفقة عدد من الحاخامات المتطرفين، وحاولوا رفع علم الكيان الصهيوني، قبل أن تمنعهم شرطة الاحتلال خوفًا من استفزاز المرابطين المتواجدين داخل الأقصى، والذين أدّوا أطول صلاة ضحى في تاريخ المسجد الأقصى، والتي استمرت لمدة 3 ساعات، أمام المصلى القبلي، لمنع المستوطنين من المرور خلال اقتحامهم المسجد.
وفي ختام تقريره، يُحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من أي مساسٍ بالأقصى المبارك في إطار مخططات سلطات الاحتلال لإرضاء المستوطنين المتطرفين من أجل ضمان أصواتهم في انتخابات قادمة، وإقحام الأقصى المبارك في المعارك السياسية داخل الكيان الصهيوني.
كما يشدد مرصد الأزهر كذلك على أن المسجد الأقصى المبارك هو مكان مقدس خاص بالمسلمين وحدهم دون غيرهم، ولا مكان لموطئ قدم فيه للصهاينة، ولا صحة لمزاعمهم الباطلة بحق ديني أو تاريخي لهم في أي شبر من كامل التراب الفلسطيني، مجددًا رفضه لأي تغيير في الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم داخل الأقصى المبارك.