تنقسم دول الاتحاد الأوروبي حول السرعة التي ستنهي بها الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية.
ولا يزال الاتحاد الأوروبي يعتمد بشدة على النفط والغاز الروسيين في الوقت الذي طبّق العقوبات على مجالات عمل أخرى.
وقال وزير الاقتصاد الألماني إن بلاده ستكون قادرة على تجاوز حظر نفطي روسي بحلول نهاية عام 2022، حيث يبدو أنه يدعم عقوبات أكثر صرامة.
ومع ذلك، قالت المجر إنها تعارض مثل هذه الخطوة، مضيفة أنها لن تدعم الإجراءات التي قد تعرّض الإمدادات إلى الخطر.
واجتمع وزراء الاتحاد الأوروبي الاثنين لمناقشة كيفية إدارة الوضع، تحت ضغط مكثف للحد من تدفق الإيرادات التي تدعم الحرب الروسية في أوكرانيا.
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، هناك نوعان من التحديات الرئيسية التي تواجهها الدول الأعضاء: أولاً كيفية دفع ثمن الطاقة الروسية بطريقة لا تخرق عقوبات الاتحاد الأوروبي أو تقوضها، وثانياً كيفية الحصول على مصادر بديلة وتطويرها للابتعاد عن الاعتماد على روسيا.
اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية
وفي مؤتمر صحفي الاثنين، قالت مسؤولة سياسة الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، إن روسيا عززت، عبر إيقافها إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، رغبة الاتحاد في الاستقلال عن الوقود الأحفوري الروسي.
لكن وفقاً لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، استورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 37 مليار جنيه إسترليني من الوقود الأحفوري منذ بدء الصراع. وكانت ألمانيا تليها إيطاليا أكبر مستوردين في العالم.
وأوقفت شركة الطاقة العملاقة الروسية غازبروم صادرات الغاز إلى بولندا وبلغاريا الأسبوع الماضي بعدما رفضت الدولتان الاستجابة لطلب روسيا التحول إلى الدفع بالروبل. ومن المقرر أن يواجه العديد من الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي المشكلة نفسها في منتصف مايو.
وكانت بولندا وبلغاريا تعتزمان التوقف عن استخدام الغاز الروسي هذا العام، وتقولان إن بإمكانهما التعامل مع توقف الإمدادات، لكنهما أثارتا مخاوف من أن تكون دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بما في ذلك ألمانيا، القوة الاقتصادية المعتمدة على الغاز في أوروبا، هي التالية.
وكررت سيمسون وجهة نظر المفوضية الأوروبية الاثنين بأن دفع ثمن الغاز بالروبل سيكون "انتهاكاً" للعقوبات و"لا يمكن قبوله".
وقالت إن الدول الأعضاء تعمل على مراكمة مخزون الغاز قبل الشتاء.
وقال ناثان بايبر، رئيس أبحاث النفط والغاز في إنفستيك، لبي بي سي إنه "من الواضح تماماً" أن الاتحاد الأوروبي يريد "الابتعاد" عن النفط والغاز الروسيين، لكنه أضاف أن الافتقار إلى الوحدة سببه "القدرة على جعل ذلك يحدث في الواقع".
تحصل أوروبا على حوالي 40٪ من غازها الطبيعي من روسيا التي هي أيضاً مورد النفط الرئيسي للاتحاد الأوروبي، لكن بعض الدول تعتمد على الوقود الأحفوري الروسي أكثر من غيرها، لذلك قد يكون لانقطاع الإمدادات المفاجئ تأثير اقتصادي هائل.
على سبيل المثال، تحصل ألمانيا حالياً على حوالي 25٪ من نفطها و40٪ من غازها من روسيا، وتلقت سلوفاكيا والمجر 96٪ و58% على التوالي من وارداتها النفطية من روسيا العام الماضي، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن بلاده "تمكنت من الوصول إلى وضع تكون فيه ألمانيا قادرة على تحمل حظر نفطي" وإنها "في طريقها لفعل الشيء نفسه بالنسبة للغاز".
وقالت مصادر دبلوماسية لبي بي سي إنه يجري النظر في التنازلات بشأن قيام الكتلة الأوروبية بالحظر الشامل، خصوصاً بالنسبة لدول مثل المجر وسلوفاكيا.
العثور على موردي نفط جدد أسهل من الغاز
قال بايبر إنه في ما يتعلق بالنفط، كان هناك المزيد من الخيارات للحصول على إمدادات بديلة، مقارنةً بالغاز الذي يُنقل بشكل شائع عبر خطوط الأنابيب.
وأضاف أنه من "الأصعب" أيضاً أن تجد دول الاتحاد الأوروبي غير الساحلية مصادر جديدة.
كما حذر من أنه بينما قد تتحرك ألمانيا لحظر النفط، فإن الاستغناء عن الغاز الروسي الذي يشكل 40٪ من إجمالي وارداتها "سيستغرق سنوات".
وقال: "يمكن لروسيا أن تقول.. إذا كنتم تريدون السعي إلى نفطنا، فما رأيكم في أن نخفض إمدادات الغاز؟".
وأضاف "يمكن أن يرفعوا السعر ويقللوا الأحجام. لديهم الكثير من القدرة على المساومة".
وقال معهد أبحاث الطاقة إن ألمانيا يجب أن تحد من استخدام الغاز الآن للاستعداد لاحتمال حدوث قطع روسيا الإمدادات مستقبلا.
وحذرت شركة يونيبر، إحدى أكبر شركات الطاقة الألمانية، من أن حظر الاتحاد الأوروبي للنفط الروسي قد يدفع روسيا إلى وقف تدفقات الغاز باتجاه الغرب.
الشجار حول الروبل يسبب البلبلة
وقالت الشركة الأسبوع الماضي إنها ستدفع باليورو الذي سيُحوّل إلى روبل، لتلبية طلب الكرملين الدفع بالروبل الروسي في جميع المعاملات.
وقال متحدث لبي بي سي: "نحن نعتبر أن تحويل المدفوعات بما يتوافق مع قانون العقوبات والمرسوم الروسي، أمر ممكن".
وبحسب تقارير، تستعد شركات الطاقة الأوروبية الأخرى للقيام بالشيء نفسه وسط مخاوف بشأن خفض الإمدادات.
وفي أواخر مارس، قالت روسيا إنه على "الدول غير الصديقة" أن تبدأ في دفع ثمن النفط والغاز بالروبل لدعم عملتها، بعدما جمد الحلفاء الغربيون مليارات الدولارات التي تحتفظ بها روسيا بالعملات الأجنبية في الخارج.
وبموجب المرسوم، يجب على المستوردين الأوروبيين دفع اليورو أو الدولار في حساب في بنك غازبروم، الذراع التجارية لشركة غازبروم ومقرها سويسرا، ثم تحويل ذلك إلى الروبل في حساب ثان في روسيا.
وتنص الغالبية- التي تبلغ 97% - من عقود إمداد الغاز لشركات الاتحاد الأوروبي مع شركة غازبروم على الدفع باليورو أو الدولار.
وتتطلع بعض الدول إلى التحول إلى الغاز الطبيعي المسال، حيث وافقت الولايات المتحدة على شحن 15 مليار متر مكعب إضافية إلى أوروبا بحلول نهاية العام.
وقد حظرت الولايات المتحدة بالفعل واردات النفط الروسية وتخطط المملكة المتحدة للتخلص التدريجي منها بحلول نهاية العام.
ووضع الاتحاد الأوروبي سابقاً استراتيجية لجعله مستقلاً عن الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2030، والتي تتضمن استخداماً أكبر لمصادر الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة.