انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة المستشار أسامة محرم النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الى جواز إبرام العقد بين العاصمة الإدارية والوزرات إليه دون تحديد مدة حق الانتفاع المتعاقد عليه.
وأكدت الجمعية أنها استندت فى فتواها إلى خضوع هذا العقد لأحكام قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم (182) لسنة 2018، كما انتهت إلى جواز إبرام العقد المبُرم بين الوزارات والجهات الحكومية ممثلة في وزير المالية وبين العاصمة الإدارية ، تنفيذًا لتوجه الـدولــة نحو نقل الوزارات ، بالتعاقد على حق الانتفاع وفقًا لأحكام قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم (182) لسنة 2018.
جاءت الفتوى ردًا على التساؤلات التي أثيرت أثناء مراجعة اللجنة الثالثة للعقد ، بناءً خطاب رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء ، بشأن طلب مراجعة مشروع العقد والمتضمن، أن شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية وهي في سبيل تنفيذ اختصاصها بتخطيط وإنشاء وتنمية منطقة العاصمة الإدارية في ضوء خطة الدولة، أقامت مجمع مباني ومنشآت الحي الحكومي بمنظومة متطورة من جميع النواحي، وأن هذه المبانى أصبحت جاهزة للانتفاع بها من قِبل الوزارات ، ولدي مراجعة العقد ، أثير الخلاف في الرأي حول مدى جواز إبرام الجهة الإدارية العقد عن طريق حق الانتفاع بوصفها مُنتفعًا، ومدى مشروعية إبرامه لمدة غير محددة، وكذا تحديد النظام القانوني الذي يخضع له العقد، وكذا مدى جواز تعليق مسألة إلغاء العقد أو فسخه أو تعديله.
ورأت الفتوى، أنه بشأن المسألة الأولى المتعلقة بمدى جواز إبرام العقد المستطلع الرأى بشأنه عن طريق حق الانتفاع وفقًا لأحكام قانون تنظيم التعاقدات التى تبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم (182) لسنة 2018، ولما كان الثابت بالأوراق ، أن مجلس الوزراء بجلسته رقم (146) المعقودة فى 2/6/2021 وافق على قيام وزارة المالية عن نفسها، وبالإنابة عن الوزارات والمؤسسات الحكومية بالتعاقد مع شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية ، لشراء حق الانتفاع بالمساحة البنائية للحى الحكومى كمقر دائم ومقدارها (2014715)م2 اعتبارا من أول يناير 2022، ولما كان حق الانتفاع من الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية التي تجعل المشرع العقد أحد طرق اكتسابها .
وأنه ولئن كان المشرع فى قانون تنظيم التعاقدات التي تُبرمها الجهات العامة المشار إليه لم يورد تعريفًا محددًا لمفهوم الشراء خاصًّا به، فإن مؤدى ذلك أن إرادته تكون قد اتجهت إلى استصحاب وإعمال القواعد العامة لمفهوم الشراء ، الواردة بالقانون المدنى التى تتسع لتشمل ليس فقط حق الملكية، بل أى حق عيني آخر متفرعٍ عن هذا الحق كحق الانتفاع وحق الرقبة وحق الارتفاق وحق الحكر، وتشمل أيضا الحقوق الشخصية بمختلف صورها، وكذا الحقوق المعنوية كحقوق المؤلف والملكية الفنية والملكية الصناعية ، فمن ثم يكون شراء حق الانتفاع وفقًا لذلك إحدى صور العقود التى يشملها قانون تنظيم التعاقدات.
ولا ينال مما تقدم القول بأن الفقرة الأولى من المادة (7) من القانون رقم (182) لسنة 2018 أوجبت على الجهات المخاطبة بأحكامه أن يكون التعاقد لتلبية احتياجاتها من المنقولات أو العقارات أو مقاولات الأعمال أو تلقّى الخدمات بإحدى الوسيلتين؛إما شراءً أو استئجارًا، ولم يرد حق الانتفاع ضمنها، على خلاف الوارد بالفقرة الثانية من هذه المادة التى أجازت للجهات المخاطبة بأحكامه بيع أو تأجير المنقولات أو العقارات أو المشروعات التي ليس لها الشخصية الاعتبارية، أو منح الترخيص في الانتفاع أو استغلال العقارات والمشروعات، ومن ذلك المنشآت السياحية والمقاصف، بحسبان أن مفهوم حق الانتفاع يختلف عن مفهوم الترخيص في الانتفاع، إذ بينما كان من المستقر عليه أن حق الانتفاع هو حق عيني متفرع عن حق الملكية يخول للمنتفع سلطتي الاستعمال والاستغلال على شيء مملوك للغير، ولا يتبقى للمالك سوى حق التصرف ويطلق عليه (مالك الرقبة)، ويعطي حق الانتفاع للمنتفع مجموعة من الحقوق أبرزها الحق في استعمال الشيء فيما أُعد من أجله فحسب، فإن استعمله في غير ذلك كان للمالك إنهاء حق الانتفاع .
وفيما يتعلق بالمسألة الثانية بشأن تحديد النظام القانوني الذي يخضع له العقد بالعاصمة الإدارية ، ولما كان أحد طرفى العقد المشار إليه من الجهات المخاطبة بأحكام القانون رقم (182) لسنة 2018 المشار إليه، وكان هذا القانون يتسع ليشمل البيع أو الشراء أو أی تصرف يرتب التزامًا أيًّا كان مضمونه على النحو السالف بيانه، فمن ثم تكون أحكام هذا القانون هى الحاكمة للعلاقة فى العقد المشار إليه مع مراعاة الأحكام العامة للتعاقد الواردة بالقانون المدنى والأحكام القانونية الخاصة التى تخضع لها العقارات محل التعاقد بحسب طبيعتها القانونية.
وفيما يتعلق بالمسألة الثالثة ، بشأن مدى جواز إبرام العقد المشار إليه دون تحديد مدة حق الانتفاع، ولما كان المشرع قد أجاز ترتيب حق الانتفاع لصالح الأشخاص المعنوية، وترك لإرادة المتعاقدين تحديد مدته، فإذا لم تُحدد له مدة فى العقد استمر مع بقاء الشخض المعنوى المقرر له هذا الحق، فمن ثم يكون من الجائز وفقًا لذلك إبرام العقد المشار إليه دون تحديد مدة حق الانتفاع.
وفيما يتعلق بالمسألة الرابعة ، بشأن مدى قانونية البند التاسع من عقب العاصمة الإدارية ، فيما تضمنه من عدم جواز إلغاء العقد أو فسخه أو تعديله إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، ولما كان من المقرر قانونًا أن المشرع استنّ أصلا عامًّا من أصول القانون ينطبق بالنسبة إلى العقود المدنية أو الإدارية على حد سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين، وهو بهذه المثابة شريعة المتعاقدين، فما تلاقت إرادتاهما عليه يقوم مقام القانون بالنسبة إلى طرفيه، ولما كانت إرادة طرفي العقد قد تلاقت على الاتفاق على البند، وكان هذا البند مقررًا لمصلحة جهة الإدارة،ويمثل ضمانة جوهرية لها تحول دون تعطيل سير وانتظام المرافق العامة للدولة متمثلة فى جميع الوزاراتوالمؤسسات الحكومية الخاصة بها، فمن ثم يكون هذا البند متفقًا وصحيح حكم القانون