بدأت تركيا في الأونة الأخيرة العمل على تغيير سياساتها تجاه دول المنطقة خاصة الدول الكبرى وصاحبة النفوذ القوي وهي:مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
سر تراجع أردوغان عن سياساته
ويأتي هذا التحول أو التغيير في محاولة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكسر العزلة التي فرضتها سياساته التصادمية على بلاده، بالإضافة لفتح آفاق جديدة تساعد على تجاوز بلاده للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها.
وشهدت الشهور القليلة الماضية، تغيير في الخطاب السياسي التركي وتحركات على الأرض وزيارات من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - إلى المنطقة في خطوة للتعبير عن حسن النوايا بدأها بزيارة إلى دولة الإمارات المتحدة في فبراير الماضي، وكانت الأولى منذ 9 سنوات.
كما قام أردوغان، الخميس بـ زيارة إلى المملكة العربية السعودية، هي الأولى له منذ 5 سنوات، وجاءت أيضا ضمن مساعيه لتحسين العلاقة مع دول المنطقة، والتغلب على العزلة الدبلوماسية المتزايدة التي أدت إلى تراجع كبير في الاستثمارات الأجنبية داخل تركيا وأثرت على اقتصادها.
تعديل بوصلة سياسات تركيا تجاه دول المنطقة، لم يكن وليد يوم وليلة، وإنما هي مساعي تبذلها تركيا منذ العام الماضي، في محاولة لتقريب وجهات النظر مع الدول العربية، وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قد أكد في تصريحات سابقة مطلع 2022، أن هذا "العام سيكون عام انفتاحات إقليمية جديدة، وسوف يشهد تسارعا في خطوات تحسين العلاقات مع العديد من الدول، وإنهاء التوتر في الملفات الإقليمية".
وأوضح أن أنقرة تحرص على تجاوز الأزمات والتوترات المرحلية، والإقدام على خطوات تحسين جديدة، مشيرا إلى أن "الخطوات التي أقدمها تركيا ناحية مصر والإمارات تأتي في هذا الإطار، ويمكن أن يتبع ذلك خطوات أخرى".
وقام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فبراير الماضي، بزيارة إلى الإمارات، تكللت بإعلان إماراتي عن إنشاء صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار، لدعم الاقتصاد التركي، والخميس، قام بزيارة مشابهة إلى المملكة العربية السعودية، في إطار محاولات تقريب وجهات النظر مع دول المنطقة الكبرى، وفك العزلة عن بلاده.
وفي تصريحات سابقة، بعد زيارته للإمارات، قال أردوغان، إن "بلاده سوف تتخذ خطوات تقارب مع مصر".
محاولات تركيا التقارب مع مصر
وتحركت تركيا للتقارب مع مصر، وعقد الطرفان جولات محادثات استكشافية، في أنقرة والقاهرة، ولكنها لم تسفر عن استعادة العلاقات بشكل كامل.
وفي تحرك جديد للسلطات التركية، أعلنت أمس عن إغلاق مقر قناة مكملين الإخوانية واستوديوهاتها بالكامل، والتي كانت تبث منذ 8 سنوات، بمحتوى إعلامي مسموم وبث الشائعات والأكاذيب عن الأوضاع في مصر.
وأعلنت قناة مكملين الإخوانية، أن إدارة القناة قررت نقل بثها واستوديوهاتها وكافة أعمالها إلى خارج تركيا، وأن القناة ستغلق مقرها بالكامل في تركيا وستنطلق من عواصم عالمية مختلفة خلال المرحلة المقبلة.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمتخصص في الشأن التركي، إن العلاقات المصرية التركية أعقد من مثيلاتها بسبب ملف الإخوان وتعنت تركيا في ملف الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن حجم إجراءات حسن النية من تركيا قليلة لأنها أخطأت في حق مصر وقيادتها وشعبها، وعلى أردوغان أن "يبدأ بالاعتذار ويقدم دلالات على حسن النية".
وأكد عبد الفتاح - خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن تركيا هي التي بدأت الحرب السياسية، وعليها أن تقدم ترضيات لمصر وقيادتها لكسر الحاجز بين البلدين، موضحا أن القاهرة ليس عندها مانع، ولكن على أنقرة أن تقدم حسن النية وتثبت حقيقة أنها تريد بالفعل عودة العلاقات مع مصر.
وأشار إلى أن أردوغان، حتى يطبع علاقاته مع إسرائيل، طرد قيادات حركة حماس استجابة لمطالب تل أبيب، وهي دولة احتلال، ومن المفترض أن حماس حركة مقاومة، ولكن الأمر في مصر مختلف، فالإخوان المسلمين جماعة إرهابية أرادت هدم الدولة ومع ذلك استضافتهم تركيا، وفتحت لهم المنابر الإعلامية والسياسية، ولا يزال حجم التغيير في السياسية التركية لا يذكر، حيث أنها "لا تطردهم أو تسلمهم إلى مصر".
وأكد المتخصص في الشأن التركي، إن حجم التغير في السياسية التركية لا يذكر، لأنها تتدخل في شؤون دول الجوار مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا، كما ويرفض أردوغان ترسيم الحدود بين دول شرق المتوسط ويريد فرض صيغة معينة تتعارض مع المبدأ السائد في شرق المتوسط، وبالتالي عليها أن تتخذ خطوات حقيقة تجاه القاهرة في الملفات العالقة و تثبت حسن نيتها وحرصها على التقارب.