دعا الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي، إلى الاجتهاد فيما تبقى من أيام معدودة وساعات محدودة من شهر رمضان لاغتنام الأجر والخير والبركات، وإحسان الظنّ بالله تعالى، والاستبشار بسعة فضله عزّ وجلّ.
الجنة حفّت بالمكاره
وقال خطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي أن انصرام الأزمان أعظم معتبر، وفي تقلّب الأيام أكبر مزدجر، مبيناً أن شهر رمضان موسم عظيم، ينفح بالبركات والعطاء، ويعمّ بالخير والسخاء، أبواب الرحمة فيه مفتوحة، والأجر فيه مضاعف، أكرمنا الله بصيام نهاره وقيام ما تيسّر من ليله، ووفق فيه الكثير من الطاعات والعبادات والأذكار والدعوات والصدقات، فلله الحمد والمنة وله الشكر على هذه النعمة، ونسأله الثبات في القول والعمل.
وأوضح خطيب المسجد النبوي أن الصبر على المداومة والاستقامة والثبات من أعظم القربات، فالثبات والاستمرار دليل على الإخلاص والقبول، فأحبُّ الأعمال إلى الله أدومها، قائلاً: " طرق الخيرات كثيرة، فأين السالكون، وإن أبوابها مفتوحة فأين الداخلون، وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون، فخذوا عباد الله من كل طاعة بنصيب، فطاعته سبحانه خير مغنم ومكسب، ورضاه خير رضا ومكسب".
وبيّن خطيب المسجد النبوي أن الجنة حفّت بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات، وإنما يوفى العباد يوم القيامة أجورهم فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، داعياً إلى تدارك ما بقي من شهر رمضان المبارك والمبادرة إلى التوبة، والمسارعة إلى الطاعة، لأن الأعمال بالخواتيم، وسلوا الله تعالى الثبات على الطاعات إلى الممات، وتعوّذوا من تقلّب القلوب، فالحسنة بعد السيئة تمحوها، وأحسن من ذلك الحسنة بعد الحسنة تتلوها، وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحُقها.
وذكر أن للعبادة المقبلة أثر بعد الإيمان فأثرها في القلب والجنان، إصلاح النيّة وتزكية النفوس والتقوى والإخلاص والخشوع لله تعالى، وأثرها في الجوارح والأركان الكفّ عن المعاصي والمحرمات، والمثابرة على فعل الخير والطاعات.
وختم خطيب المسجد النبوي الخطبة بالحثّ على مراقبة الله في كل الأعمال، فهو سبحانه لاينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا ولكن ينظر - سبحانه - إلى قلوبنا وأعمالنا، ورُبّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا العطش والجوع والنصَب، ورُبّ قائمٍ ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، مذكّراً أن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله وأن الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.