أعمال ليلة القدر .. بدأت رابع الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان 2022، فيكثر البحث معها عن أعمال ليلة القدر، خاصة وأن في تلك الليلة أمور عظام لم تشرف بها ليلة غيرها، فقد نزل فيها القرآن الكريم، وتجاب فيها دعوة كل مريد، ومن خلال التقرير التالي نسلط الضوء على أعمال ليلة القدر.
أعمال ليلة القدر
ليلة القدر هي ليلةٌ من ليالي شهر رمضان، تنزل فيها مقادير الخلائق إلى السماء الدنيا، ويستجيب الله فيها الدعاء، وهي اللَّيلة التي نزل فيها القرآن العظيم.
جاء عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. أما بالنسبة للدعاء المأثور إذا أكرم الله المسلم بهذه الليلة فعن عائشة _رضي الله عنها_ قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» أخرجه الترمذي وصححه.
ليلة القدر من الليالي التي عظم أجرها وكثر الحديث عن مكانتها في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة وأقوال العلماء، بل إن فضلها لا جدال عليه، ففيها أنزلت سورة من سور القرآن الكريم، بل إنها ليلة أنزل فيها القرآن الكريم على خاتم الرسل وسيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
والقَدَرُ: وقتُ الشيء أَو مكانه المقدَّر له، وهو القضاءُ الذي يَقضي به الله على عباده، فالقدر: مبلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه، والجمع أَقْدَارٌ، وهو في اللغة: اسم مصدر من قدر الشيء يقدره تقديراً، وقيل إنه مصدر من قدر يقدر قدراً، عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور.[ابن الأثير]، وقيل: هو كون الشيء مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نقصان، وقدّر الله هذا الأمر بقدره قدراً: إذ جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة، أما في الشرع فهو ما يقدره الله من القضاء ويحكم به من الأمور.
وسميت ليلة القدر بذلك؛ لأنه يُقَدَّر فيها ما يكون في تلك السَّنَة؛ لقوله تعالى: {فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، وقيل: سميت به لعظم قدرها عند الله، وقيل: لضيق الأرض عن الملائكة التي تنزل فيها، وقيل: لأن للطاعات فيها قَدْرًا.
يقول الشيخ محمد عيد كيلاني وكيل وزارة الأوقاف، إن ليلة القدر حدثنا الله عنها في القرآن الكريم بأنها خير من ألف شهر لعظمتها.
وأضاف خلال لقاء له لبرنامج “كلمة السر”، عبر فضائية “صدى البلد”، تقديم الإعلامي “خالد ميري”، أنه علينا أن نعبد الله لذاته ليس خوفا من النار ولا طمعا في الجنة، بل لذاته فقط، لافتاً أن النبي صلى الله عليه وسلم، حدثنا عن آخر ليلة من ليالي شهر رمضان بأنها من أجمل الليالي وفضلها كبير.
وأشار إلى أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم علمنا أن نثني على الله بالحمد والإجلال والتسبيح وطلب الاستغفار.
أعمال ليلة القدر
اختلف في موعدها إلا أن التماسها دائماً ما يكون في الوتر من العشر الأواخر لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال:""مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِسًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وِتْراً"، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "وَإِنِّي أُريْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ"، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ».
وقد ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- أن موعد ليلة القدر توافق ليلة السابع والعشرين من رمضان، مؤكدًا رأيه بالأدلة العددية التي وردت في سورة القدر، التي منها أن قوله تعالى: «سَلَامٌ هِيَ» فالضمير «هِيَ» هو الكلمة السابعة والعشرون من السورة، وكلمات سورة القدر ثلاثون كلمة، والسابعة والعشرون «سَلَامٌ هِيَ».
فيما ذكر بعض المفسرين ومنهم ابن حجر العسقلاني، أن الإعجاز العددي لآيات القرآن الكريم، يعد محاولة لاستنتاج قضايا إعجازية من الأرقام، إما على سبيل التوافق وإما بعمليات حسابية أو بما يسمى «حساب الجُمَّل» الذي يذكر في الحروف المقطعة كما سيأتي.
وأضاف المفسرون أنه يتم الاستنتاج من رقم السورة والآية والجزء وعدد الكلمات والحروف والآيات، ومن أرقام صرح القرآن بها، منوهين إلى أن هناك ما يدل على أن العلماء قديمًا استندوا إلى الإعجاز العددي.وأشار المفسرون إلى أن كلام ابن عباس -رضي الله عنهما-، كان محاولة للاستنباط من قِبل ابن عباس - رضي الله عنه - في معرفة ليلة القدر مستأنسا بذكر العدد سبعة في قضايا متعددة في القرآن، ومن أقوى الأقوال في ليلة القدر أنها ليلة السابع والعشرين.
ولفت المفسرون إلى أن الإمام ابن رجب الحنبلي بين في كتابه لطائف المعارف أن طائفة من المتأخرين - ليسوا السلف بل من المتأخرين - استنبطوا من القرآن أنها ليلة سبعة وعشرين من موضعين من القرآن، الأول قالوا: تكرر ذكر ليلة القدر في ثلاثة مواضع في القرآن، وليلة القدر حروفها تسعة، والتسعة إذا ضربت في الثلاثة مواضع التي تكررت فيها فهي سبع وعشرون.والثاني: أن الله قال فيها: «سَلَامٌ هِيَ»، فيقولون: كلمة «هِيَ» هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة، يقولون الكلمات ثلاثون كلمة السابعة والعشرون «سَلَامٌ هِيَ»، ثم نقل ابن رجب عن ابن عطية المفسر صاحب كتاب المحرر الوجيز، أنه قال: هذا من ملح التفسير، لا من متين العلم.
أحاديث ليلة القدر في العَشر الأواخر
عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها قالتْ: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يُجاوِر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ، ويقول: «تَحرُّوا ليلةَ القَدْر في العَشْر الأواخِر من رمضانَ» رواه البخاريُّ (2020)، ومسلم (1169
عن أبي هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنهُ : أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: «أُريتُ ليلَةَ القدْرِ، ثُمَّ أيقظَنِي بعضُ أهلِي فنُسِّيتُها؛ فالْتَمِسوها في العَشرِ الغَوابِرِ» رواه مسلم (1166).
عن عبدالله بن عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهُما قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول لليلةِ القَدْر: «إنَّ ناسًا منكم قدْ أُرُوا أنَّها في السَّبع الأُوَل، وأُرِي ناسٌ منكم أنَّها في السَّبع الغَوابِر؛ فالْتمِسوها في العَشْر الغَوابِرِ» رواه مسلم (1165)
عن عبدالله بن عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهُما قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ: «تَحَيَّنوا ليلةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخرِ - أو قال: في التِّسعِ الأواخِرِ» رواه مسلم (1165)
أعمال ليلة القدر
ومن الأعمال الصالحة في ليلة القدر الدعاء في ليلة القدر يغتنم المسلم ليلة القدر بالآتي:
1- الإكثار من الدعاء، والأذكار، والتسبيح، وسؤال الله -تعالى- العِتق من النيران، والتعوُّذ منها؛ فالدعاء فيها مُستجابٌ، والاجتهاد فيه مرغوبٌ، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة، والفوز برضا الله -عزّ وجلّ-، وتوفيقه، ونَيْل المنزلة الرفيعة.
2- الصلاة في ليلة القدر تؤدى صلاة القيام ركعتَين ركعتَين كما ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: «أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن صَلاةِ اللَّيْلِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى».
3- الحرص على أن تفطر صائمًا، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، وأنت بهذا العمل تكون حصلت على أجر صيام شهر رمضان مرتين لو فطرت كل يوم منذ أن يدخل الشهر إلى آخره صائمًا لما رواه زيد بن خالد الجهني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من فطر صائمًا كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء".
4- بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان، لتصلي سنة دخول المسجد، ولتتهيأ بانقطاعك عن الدنيا ومشاغلها علك تخشع في صلاتك، ثم إذا أذن ردد معه وقل أذكار الأذان ثم صل النافلة، ثم اذكر الله حتى تقام الصلاة، أو اقرأ في المصحف، واعلم أنك ما دمت في انتظار الصلاة فأنت في صلاة كما روى ذلك أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث"
5- إذا أقيمت الصلاة صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام.
6- اجعل لبيتك نصيبًا من العبادة في هذه الليلة سواء بالصلاة أو بغيرها.
7- لا تنس قبل خروجك من المسجد- أن تضع صدقة هذه الليلة، وإذا كان يصعب عليك إخراج صدقة كل ليلة من هذه الليالي فمن الممكن أن تعطي كل صدقتك قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر جهة خيرية توكلها بإخراج جزء منها كل ليلة من ليالي العشر.
8-لا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال صلى الله عليه وسلم: "من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة"، فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والحوقلة والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.