الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سد النهضة بين الحكمة وعدم الاستيعاب..مرسي يهدد والسيسي: مفاوضات لحماية حق مصر

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس المعزول محمد مرسي

فارق بين السماء والأرض في تعامل النظام السابق للرئيس المعزول مرسي وجماعته المتمثلة في جماعة الإخوان مع القضايا الحساسة الخاصة "بملف سد النهضة"، والرئيس عبد الفتاح السيسي واهتمامه الواضح حول هذه القضية واعتباره "ملتزما" بحماية حق مصر.

وكشفت أحداث الحلقة 25 من مسلسل "الاختيار 3" قيام خيرت الشاطر بالتخطيط لإجهاض ثورة ٣٠ يونيو دون الاهتمام بأزمة إثيوبيا وسد النهضة.

وقال خيرت الشاطر خلال الحلقة: "سيبك من إثيوبيا والسد، في أزمة أكبر، العيال بتوع تمرد واتحادهم مع المعارضة، فلازم يكون عندنا خطة بديلة حتى لو الأمور انفلتت في ٣٠ يوليو".

ودعا خيرت الشاطر إلى اجتماع وطني للمعارضة لمناقشة أزمة سد النهضة، وتمت إذاعة الاجتماع على الهواء مباشرة، وتم تداول خطط وأسرار تضر بأمن مصر، مما دفع وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لطلب إنهاء هذا الاجتماع فورا.

الاختيار 3 

وفي التقرير التالي، يستعرض موقع "صدى البلد" الفرق بين الرئيس المعزول مرسي في التعامل مع ملف سد النهضة والرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يتمتع بالحكمة العالية في القضايا التي تمس أمن مصر القومي:

بين الحكمة وعدم الإدراك 

التعاطي مع ملفات الأمن القومي يسير وفق أسس واعتبارات شديدة الخصوصية، هذا في فهم الأنظمة التي تدرك كيفية إدارة الدول، لا سيما وقت إدارة الأزمة، لكن دولة ما قبل 30 يونيو "في ظل حكم الإخوان" الذي جثم على صدور المصريين لعام كامل، لم تكن تدرك الحد الأدنى من التعامل مع تلك الملفات، وكأن الحديث عن الأمن القومي أمر يخضع للأهواء ولا اعتبارات أخرى.

وفيما وصف بالفضيحة المصرية المدوية، كان اجتماع الرئيس الأسبق محمد مرسي العياط، مع عدد من قياداته ومؤيديه من شخصيات كانت محسوبة على قوى سياسية وقتها، بمثابة ناقوس الخطر الحقيقي في ملف سد النهضة الإثيوبي، والمسمار الأخير في نعش هذا الملف لولا تدارك الأمر بعد قدوم الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيسا للبلاد وتعامله مع الأزمة التي سببها الرئيس الإخواني بمنطق رجل الدولة الحقيقي الذي يدرك كيفية التعامل مع قضايا تختص بالأمن القومي المصري.

الاجتماع الذي تسبب في حرج كبير للدولة المصرية، بُث على الهواء مباشرة، ولم يظهر الحاضرون فيه الحد الأدنى بضرورة الالتزام بما يخرج من أفواههم ما تقتضيه تلك اللحظة، لكن الحوار كان مفتوحا ودون مسئولية، وكان للحاضرين رأي آخر ففتح مجال النقاش وتحدث الموجودون بأريحية كبيرة كشفت خواء من كان يظنه البعض منهم أنهم أساطين في السياسة.

ولم يكن ليدرك الحاضرون أن شئون الأمن القومي لا تدار هكذا ولا تناقش على الملأ، لكنها الفطرة غير السوية التي اعتاد عليها الحضور لتكشف بلادتهم السياسية وفكرهم الملوث، وثقافة الوجاهة على حساب الدولة المصرية.

ففي الثالث من يونيو لعام 2013، دُهش العالم من جراء إذاعة اجتماع بخصوص سد النهضة على الهواء مباشرة بحضور مرسي ومؤيديه من عدد من السياسيين، كان قد دعا له مرسي لبحث آلية التعامل مع سد النهضة، وبدأ الحضور في سرد آرائهم حول كيفية إيجاد حلول لهذا الأمر.

خطط مصر السرية على الهواء مباشرة 

العشوائية وعدم الاستيعاب 

لكن بمنطق العشوائية وعدم القدرة على استيعاب خطورة الحديث عن ملف يختص بالأمن القومي المصري، لم يكن يدرك الحاضرون وعلى رأسهم الرئيس المعزول محمد مرسي، أن مناقشة مثل هذه الملفات شديدة الحساسية لا يمكن التعاطي معها بتلك الانسيابية المفرطة التي ظهرت لحظة بث الاجتماع على الهواء مباشرة، دون ترتيب مسبق لذلك.

الاجتماع وقتها لم يكن يتضمن تلميحات باستخدام القوة ضد إثيوبيا فقط، وإنما كان ليتسبب في حدوث قطيعة مع الجانب السوداني أيضًا، لما تضمنه من تلميحات غير مسئولة من بعض الموجودين في الاجتماع.

من بين ما تم الإفصاح عنه خلال الاجتماع على لسان أحد الحاضرين، القول بضرورة إنه "علينا أن نقسم على ألا يجري الإفصاح عما يدور في هذا الاجتماع لوسائل الإعلام"، ولم يكن مجرد الحديث هكذا مجرد إشكالية وإنما المعضلة في أن وسائل الإعلام بكاميراتها وعدساتها كانت تحيط المكان أولا عن آخر، وذلك قبل أن ينبهه أحد الجالسين بجواره إلى أن الاجتماع يبث على الهواء مباشرة فتضج القاعة بالضحك.

اعتذار عقب الفضيحة

عقب الفضيحة التي تسبب فيها هذا اللقاء، وبعد كشف كل الأوراق علانية أمام العالم، وتصدر اللقاء شاشات التلفاز ومانشيتات الصحف إقليميا وعالميا، لم يكن أمام إدارة الرئيس المعزول محمد مرسي سوى الاعتذار، فيما وصفته بـ"الخطأ غير المقصود"، في سقطة كبيرة كادت مصر تدفع ثمنها كثيرا نتيجة لهؤلاء الهواة.

وبعض الصحف العالمية عقبت على هذا الاجتماع وعنونت موضوعها بهذا الشأن بأن "خطط مصر السرية على الهواء مباشرة"، في فضيحة مدوية كبيرة لم يكن يعرف أي من الحاضرين أسس وقواعد إدارة الأزمات لإدارة مثل هذه اللقاءات.

لكن هذا الاعتذار لم يكن ليشفي صدور المصريين الغاضبة جراء إذاعة اللقاء على الهواء بهذا الشكل، لكنه لم يكن قد كشف جهلهم بإدارة الأزمة وإنما كذبهم المتعمد بأنهم لم يكونوا يدركون أن اللقاء على الهواء مباشرة، في الوقت الذي كانت تعلن إدارة مرسي قبيل اللقاء بساعات أنه سيكون هناك قناة على موقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب" ستنقل اللقاء مباشرة، أي أن الأمر مرتب مسبقًا.

أساليب التحريض وإثارة الفتن 

ويوجد فيديو قديم للمعزول محمد مرسي أثناء حديثه عن سد النهضة عام 2012 ومجموعة من قيادات جماعة الإخوان.

وخلال الفيديو، قال محمد مرسي: "حصة مصر من المياه مش هتنقص بل هتزيد وهندعى ربنا يحل الأزمة وينزل المطر".

الرئيس المعزول محمد مرسي 

وفي فيديو آخر، عرض أيمن نور وسعد الكتاتني وعمرو خالد وممثل عن حزب النور وغيرهم، رؤيتهم "الكارثية" في حل أزمة سد النهضة، ومنها استخدام أساليب التحريض لإثارة الفتن في إثيوبيا وعمل زيارات عسكرية لدول مجاورة والتنسيق مع دول إسرائيل وأمريكا وإيطاليا للتدخل في الشأن الداخلي الإثيوبي.

النيل حق لنا في الحياة

أما الرئيس السيسي في التعامل مع ملف سد النهضة، فقد عبر عن موقفه من سد منذ اليوم الأول كرئيس للدولة، ففي أول خطاب له بعد تنصيبه رئيسا، قال السيسي: «إذا كان سد النهضة حق لإثيوبيا في التنمية، فالنيل حق لنا في الحياة»

في الأول من مارس لعام 2014، أعلنت إثيوبيا الانتهاء من بناء 32% من سد النهضة، تلا هذا الإعلان تصريح من وزير الدفاع الإثيوبي يقول فيه إن بلاده جاهزة للرد على أي عمل عسكري، وبعد إعلان الصين وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وقف تمويل «السد»، ما دفع أديس أبابا لاستئناف المفاوضات مع مصر والسودان المستمرة حتى الآن.

التعاون مع إثيوبيا لحل أزمة

ومنذ صعوده إلى السلطة، حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على التعاون مع إثيوبيا لحل أزمة «سد النهضة»، والحفاظ على العلاقات التاريخية بين البلدين، والتقى رئيس وزراء إثيوبيا حينها، وقررا تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر، لتناول كل جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وعقب اللقاء تم الاتفاق على ضرورة استئناف الحوار بين مصر والسودان وإثيوبيا، والتقى وزراء الري في البلاد الثلاثة أكثر من مرة لمناقشة آلية تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين بشأن «السد»، وما زالت المفاوضات جارية بين الدول الثلاث للوصول إلى حل للأزمة.

وبعد 5 أشهر من توليه منصبه، زار الرئيس السيسي، أديس أبابا للمشاركة في اجتماعات القمة الأفريقية في دورتها الـ 24، تحت شعار «سنة تمكين النساء وتنمية أفريقيا من أجل تفعيل أجندة 2036»، والتقي خلالها رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين حينها، للتباحث في ملف سد النهضة، والمصالح المائية المشتركة بين البلدين.

والتقى السيسي، بوزير خاريجية إثيوبيا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2014.

لقاء السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين حينها 

إدارة الأزمة بالحوار الهادى والتفاوض 

وخلال تطورات الأحداث الخاصة بملف سد النهضة، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنه فيما يخص تعامل مصر مع إثيوبيا بشأن ملف سد النهضة، حرصت مصر منذ توليه رئاسة الجمهورية، على إدارة الأمر من خلال الحوار الهادئ والتفاوض بعيدًا عن أي شكل من أشكال الانفعال والتشنج، وأن يتم حل الأمور بشكل ودي، ونصل لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد.

وأضاف السيسي، خلال لقائه بالمراسلين الأجانب على هامش منتدى شباب العالم: "وفي 2015 وصلنا لاتفاق مع الأشقاء السودانيين والإثيوبيين في هذا الشأن يراعي كل الأمور، ولما استمرت الأمور سنة و2 و3، ولما لم نصل لحل اضطررنا للتحرك في اتجاه مجلس الأمن لنعطي قوة دفع بحيث يؤكد مجلس الأمن أهمية سرعة التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة".

وتابع الرئيس: "دائمًا نقول التعاون أفضل، وفي بداية كلامي قلت مهم ننظر بتقدير للتنمية لأشقائنا في إثيوبيا دون أن يتأثر الشعب المصري، لأن الشعب المصري يعيش على الشريط القادم من نهر النيل، وباقي الأرض صحراء، ولما افتتحنا محطة بحر البقر كنا بنتكلم أن لما نخلص مشروعنا هنكون الدولة الأولى في العالم التي أطلقت مشاريع لحسن استخدام المياه وإعادة تدويرها".

وواصل السيسي: "مياه النيل تأتي للنيل منذ أن كان شعب مصر مليون و2 و3 و4 دون تدخل، وحتى وصلنا 100 مليون، وهي نفس كمية المياه ولم تتغير، وبالتالي وصلنا طبقا لمعايير الأمم المتحدة لمرحلة الفقر المائي، إذ وصلنا لـ500 و600 متر مكعب للفرد في السنة، في حين أن المعيار العالمي للفرد أكثر من ألف في السنة".

وقال الرئيس: "ننظر لكم في إثيوبيا ومستعدون للتعاون فيما يخص مياه نهر النيل من أجل الرخاء لنا جميعا، إحنا عايزين نعيش لكن مش هنحرم غيرنا إنه يعيش وإلا مش هنبقى موضوعيين".

واختتم السيسي كلمته قائلاً: "ما نحتاجه في هذا الموضوع هو الوصول لاتفاق قانوني بشأن الملء والتشغيل يراعي حقوق الجميع ولا يقف ضد التنمية".

وكانت مصر وإثيوبيا تستأنفان المفاوضات، قبل أن تعلن مصر أن الأمور وصلت إلى "طريق مسدود".

وأكد السيسي في أكثر من مناسبة أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية فى مياه النيل.

الرئيس عبد الفتاح السيسي