توقع البنك الدولي تراجع معدل نمو الاقتصاد الأفريقي بنسبة 0.6% خلال العام الجاري ليبلغ 3.4%، مقابل نسبة نمو بلغت 4% خلال العام الماضي.
ونسب البنك الدولي - في أحدث إصدار له من تقرير نبض أفريقيا،هذا التراجع إلى الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد الكلي في العديد من البلدان الأفريقية، لا سيما زيادة نسبة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
الحرب في أوكرانيا ونمو الاقتصاد الأفريقي
كما سلط التقرير الضوء على بعض التهديدات الأخرى التي تواجه اقتصادات القارة، والتي تشمل التداعيات السلبية الناجمة عن ظهور سلالات جديدة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ومشكلات سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع الدين العام والصدمات المناخية وتباطؤ الاقتصاد العالمي، خاصة في معظم كبرى القوى الاقتصادية الدولية.
وعلاوة على التحديات سالفة الذكر، أشار التقرير أيضا إلى الصراع الروسي الأوكراني، الذي أسفر عن زيادة أسعار السلع العالمية، لا سيما السلع الغذائية الأساسية والأسمدة والنفط والغاز، موضحا أنه "في ظل الضغوط التضخمية العالمية، قد تضطر بعض الدول المتقدمة إلى سحب حوافزها السياسية المقدمة إلى الدول الأفريقية في بداية الجائحة".
وذكر التقرير، أنه بينما من المتوقع أن تسجل الدول الغنية بالمعادن - جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا - أعلى معدل نمو هذا العام يصل إلى 4.8%، فإن رواندا ستشهد أكبر انخفاض بنسبة 3.3%.
وخلص البنك الدولي، في تقريره - إلى أنه من غير المرجح أن تتمكن دول القارة من تخفيف وطأة الفقر وتحقيق نمو اقتصادي شامل على المدى القريب، داعيا حكومات الدول الأفريقية إلى تبني سياسات مبتكرة تستهدف توفير إغاثة مؤقتة لمواطني القارة المتضررين من تلك الأزمات.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد والعلوم الإدارية بأكاديمية السادات، إن الاقتصاد الأفريقي يعاني من العديد من المشاكل، ولكن الحرب في أوكرانيا زادت من المشاكل.
الحرب في أوكرانيا والتأثير على الواردات
وأضاف الدسوقي - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن معظم دول أفريقيا تعتمد على استيراد السلع الأساسية من الحبوب خاصة القمح من روسيا وأوكرانيا، إلى جانب حبوب أخرى ذات أهمية استراتيجية أيضا.
وأشار الدسوقي - إلى أن نقص الحبوب الغذائية سبب مشكلة لدول القارة الأفريقية، سواء في الاستيراد أو في أسعارها التي ارتفعت بدرجة كبيرة، مما أثر على جميع دول القارة بالسلب.
ومن جانبه قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن القارة الأفريقية بها مجموعة من المعوقات تقف حجر عثرة في طريق التنمية داخل القارة رغم الاستثمارات التي يتم ضخها ومنها:
- وجود بنية تحتية غير مؤهلة.
- الجماعات الإرهابية.
- الأزمات السياسية المتلاحقة.
- الأوبئة وآخرها جائحة كورونا.
- تدني النظام الصحي وغيرها الكثير.
ولفت الشافعي - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن القارة الأفريقية تحتاج إلى خطة حقيقية لمواجهة تلك التحديات والمعوقات والتعامل مع الأزمات التي تحدق بالعالم وآخرها الحرب في أوكرانيا حتى تستطيع الحفاظ على معدلات نمو الاقتصاد الأفريقي.
إعادة تحديث البنية التحتيةداخل القارة
وتابع: أفريقيا في حاجة لإعادة تحديث البنية التحتية من أجل تسهيل حركة التبادل التجاري فيما بين دول القارة، والتي تمتلك مقومات طبيعية كبيرة دون غيرها من القارات، معقبا: "حسن إدارة الموارد سوف ينعكس بالإيجاب على نمو الاقتصاد الأفريقي، ويخفف من وطأة الأزمات والمشاكل".
وأشار الشافعي - إلى أن عملية التحديث، سوف تنقل القارة الأفريقية نقلة نوعية كبيرة، وتحقق الرفاهية حينها لجميع مواطنيها، من خلال التكامل الصناعي بين دولها، وذلك لأن إفريقيا تعتبر منجم ولم يتم اكتشافه بعد، ولديها القدرات الهائلة التي لم تستغل حتى الآن، ولا بد أن يتم الاستمرار في إعادة تنظيم القارة الأفريقية، مثلما حدث في مصر منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويرى البنك أنه "نظرا لأن الدول الأفريقية تواجه حالة من عدم اليقين المستمر، واضطرابا في الإمدادات، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة، فمن المحتمل أن تلعب السياسة التجارية دورا رئيسيا من خلال ضمان التدفق الحر للأغذية عبر الحدود"، داعيا صانعي السياسات إلى البحث عن حلول مبتكرة مثل خفض رسوم الاستيراد على المواد الغذائية الأساسية مؤقتا لتوفير الإغاثة لمواطنيها.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع مؤخرا أن العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء ستعاني من أزمة الغذاء المتفاقمة بسبب ارتفاع التضخم العالمي.