الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاتن أمل حربي.. المسلسل الأهم رغم الهم والغم

خالد جمال
خالد جمال

أثار مسلسل "فاتن أمل حربي"، بطولة نيللي كريم، وتأليف إبراهيم عيسى، وإخراج ماندو العدل، جدلا كبيرا منذ بدء عرض حلقاته الأولى في الموسم الرمضاني الحالي، وحتى اليوم.

تعرض العمل الذي يناقش واحدة من أهم قضايا المرأة، وهو حقها في الحياة الكريمة مع بناتها بعد الطلاق، وهو الحق الذي يرى صناع المسلسل أنه لا يتحقق في ظل قانون الأحوال الشخصية الحالي.. تعرض لهجوم كبير، فالمطلقون رأوا أنهم يعانون أكثر من طليقاتهم في المحاكم، خاصة في حق رؤية أبنائهم، وأن بعض المطلقات يتعنتن معهم ويمنعنهم من رؤية أبنائهم، وهذا المسلسل يمكن أن يضع مزيدا من القيود عليهم لصالح زوجاتهم السابقات، والمحامون رأوا أن بعض أحداث المسلسل لا تتفق مع صحيح القانون، ومنها مثلا إيقاف الأب نفقة الابنة بعد سن الـ18، وليس بعد الزواج.

لكن دافع عن العمل المثقفون والفنانون، فضلا عن المجلس القومي للمرأة، والمهتمين بحقوق المرأة بشكل عام، الذين رأوا أن المسلسل يفتح قضية شائكة، خشي كثيرون من الاقتراب منها، بحكم تماسها مع القانون من ناحية، والدين من ناحية أخرى.

نجح مسلسل "فاتن أمل حربي"، في الدخول لهذه المنطقة المحظورة منذ سنوات بعيدة، في جرأة لافتة تذكرنا بالفيلم الخالد "أريد حلا"، بطولة فاتن حمامة ورشدي أباظة، وإخراج سعيد مرزوق، وإنتاج صلاح ذو الفقار، وهو الفيلم الذي كان سببا في تعديل قانون الأحوال الشخصية، عام 1975، بعد أن أشار صناعه إلى المعاناة التي تلاقيها المطلقة في المحاكم بعد عشرة سنين طويلة مع زوجها الذي كان يمثل لها أمانها وسترها. 

وليس بعيدا عن الأمر ذاته، تعود نيللي كريم، أو "فاتن أمل حربي" لتكمل مسيرة فاتن حمامة، في البحث عن حل مناسب لوضع المرأة المطلقة في عام 2022، ابتداء من حقها في مسكن كريم مع بناتها، وحقها في الولاية التعليمية عليهن، وحقها في حضانتهن حتى بعد زواجها من رجل آخر، إلى آخر الحقوق التي ترى أنها من أبسط حقوقها، في مجتمع ذكوري بطبعه، تعاني فيه المرأة من سيطرة الرجل، طوال حياتها .

بهذا المعنى فإن "فاتن أمل حربي" رغم كل جرعات الهم والغم اليومية، يظل هو المسلسل "الأهم" بكل تأكيد، من حيث أهمية القضية التي يناقشها، في دراما رمضان هذا العام، فضلا عن أن كل هذا الجدل الذي أثاره يحسب له لا عليه، خاصة أن صناع العمل كانوا حريصين منذ البداية على دقة التفاصيل بشكل واضح، ومن هنا اختيارهم لعدد من القانونيين على رأسهم المحامية المعروفة نهاد أبو القمصان، لمراجعة النص من حيث صحيح القانون، وانتقائهم تحديدا للدكتور الأزهري سعد الهلالي لمراجعة السيناريو من حيث صحيح الدين، بما يصعب مهمة المنتقدين سواء من حيث القانون أو الدين.

أما على المستوى الفني، فقد نجح المخرج ماندو العدل، والفنانة نيللي كريم - التي ظهرت تقريبا بدون مكياج طوال الأحداث - في نقل معاناة المطلقة في المحاكم بشكل مؤثر، حيث يذكرنا هذا النجاح بنجاحهما السابق في مسلسلهما السابق "لأعلى سعر"، وقدم شريف سلامة واحدا من أجمل أدواره في تجسيد شخصية الزوج الندل، الذي لا يراعي أبوة، ولا ضميرا، ولا عشرة عمر، وقدم خالد سرحان باقتدار دور القاضي المتعاطف مع الحالات الإنسانية أحيانا، والحاسم أحيانا أخرى، دون أن يكون في يده أي شيء لالتزامه بنص القانون، أما محمد ثروت فلم أر ضرورة لإيفيهاته الكوميدية في دور المحامي، وإن حاول من خلالها المخرج كسر حالة النكد والغم قدر الإمكان، وأبدعت فادية عبد الغني في دور "الحماة" التي تساند ابنها ظالما أو مظلوما ضد طليقته، حتى لو كان ذلك على حساب حفيداتها، والحقيقة أن اختيار كاست العمل كان موفقا من المخرج ماندو العدل الذي يبدو أنه يسير على طريق النجاح بخطوات ثابتة.

الخلاصة أنه رغم الهجوم، ورغم بعض الملاحظات الحقيقية على السيناريو نفسه، سيظل مسلسل "فاتن أمل حربي" واحدا من أهم أعمال الدراما المصرية في السنوات الأخيرة، إن لم يكن أهمها على الإطلاق.