الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نقاط الانفجار المرتقبة

إسلام كمال
إسلام كمال

إن كان الكل يضع يده على قلبه، ترقبا للنهاية، خاصة مع تحرك القاذفات النووية الروسية في الأجواء الأوكرانية، ردا على الاستفزازات الأمريكية، فالكثيرون يراقبون عدة نقاط أخرى مؤهلة لاشتعال بل انفجار أكبر مما هو حادث في الأجواء الأوكرانية، ومنها ما يشارك في فكرة تشكيل صورة النظام العالمى الأجدد.

وسيكون منطقيا واعتياديا، لو تحدثنا في هذا الإطار عن التوترات الصينية التايوانية، والتى تشارك أمريكا في إثارتها بصورة مستفزة، معتاد أن تكون واشنطن سببًا لتوترات ما بين بكين والصين تايبيه، في إطار الحديث عن استقلال الجزيرة، التى تمثل صداعا كبيرا للتنين الأصفر، لكن من غير التقليدى أن تتجاوز المكايدة الأمريكية الحدود بهذه الطريقة، مع الزيارات الأمريكية المكوكية لتايبيه والتصريحات التحريضية الأمريكية ضد الصين لصالح تايوان، والصينيون لن يحافظوا على هدوئهم طويلا، خاصة إن ردهم على التجاوزات الأمريكية لم يعد بالتصريحات الهجومية الساخنة فقط، تحت شعار الصين واحدة خط أحمر لا مساس به، بل بالمناورات العسكرية الفورية بالمقاتلات والأسلحة الثقيلة، والتى تشعل بحر الصين بشكل غير عادي خلال الأيام الأخيرة.

مما يجعلها النقطة الأكثر اشتعالا بعد النقطة الروسية الأوكرانية، في إطار حرب الإنهاك الأمريكية، التى تقوم بها واشنطن ضد أعدائها ومناوئيها خلال الفترة الأخيرة، ولا أحد يستطيع أن يعرف إن كان سينقلب السحر على الساحر، وتنتهى هذه الحروب بوضع عالمى جديد ضد الأمريكان، وفق أغلب السيناريوهات أم لا؟!

والنقطة الثالثة التي لا تقل في اشتعالها عن الثنائيات الدموية، روسيا وأوكرانيا، والصين وتايوان، هى ثلاثية كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية واليابان، وهى نقطة مرتبطة بشكل مباشر بالصين وروسيا بالطبع، خاصة أن الزعيم الكوري الشمالي "كيم" من السهل جدا استثارته، وهو يرى إن النهاية الأمريكية اقتربت، وأن المعسكر الروسي يتضاخم، وهذا يقرب جدا نهاية عالم القطب الواحد، ويفتح الباب لتعددية الأقطاب، وبالفعل الأمر مؤهل لذلك، خاصة إن واشنطن لم تعد تخفي قلقها من الخروج المتوالى من حظيرتها لمن تعتبرهم حلفاءها، بالذات بعدما أثبتت عدة مرات إنها تبيع عملاءها وحلفاءها، والنماذج تكررت من العراق لإسرائيل والسعودية والإمارات، والأمر كان فادحا في أفغانستان ودمويا في أوكرانيا.

ولذلك، قلق الكثيرون من أن يأتى الدور عليهم، وبالتالى كانت لهم مواقف مختلفة، على غير توقع واشنطن، ومنهم الهند والبرازيل، ومن ورائهما بعض الدول الخليجية الغاضبة من رفع الغطاء الأمريكى عنها، حتى مع هجوم إيران وأذرعتها عليها.

والنقطة الرابعة، بين نقاط الإثارة غير المستبعدة، منطقة البلطيق وما يسمى بألبانيا الكبرى، فلن تتوقف القصة عند حد إغلاق موسكو لسفارات دول البلطيق لديها وطرد دبلوماسييها، وليس بعيدا بالمرة عن الحرب الروسية الأوكرانية، هجوم الرئيس الصبري على داعمى كوسوفا بالصفقات العسكرية، وهو مثال مشابه جدا لسبب اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث اتهمت صربيا حلفاء كوسوفو بأنهم يدعمون مشروع ألبانيا الكبري بأبعاده القومية والدينية، وبالمناسبة لا ننسى أبدا أن كوسوفو من الدول المطبعة بقوة مع إسرائيل، حتى أنها أعلنت عن إحتمالية فتح سفارة لها بالقدس المحتلة، رغم إنها دولة مسلمة.

القصة في غاية التعقد، وكل نقطة من هذه النقط المؤهلة لاشتعال لا تقل عن الحرب الروسية الأوكرانية، تحتاج مساحة مقال وحدها، لكن الجمع بينهم كان من المهم جدا، لرسم صورة كاملة عن الوضع العالمى المتفجر.

ولا يمكن أن ننهى استعراضنا للنقاط المؤهلة لانفجار مدمر، قبل النظام العالمى الأجدد، دون التعرض إلى التصعيدات الإسرائيلية الدموية في المسجد الأقصي، والتى تؤهل بشكل كبير لحرب دينية، اضطرت إثرها كثير من الدول لانتقاد تل أبيب لأول مرة، وإن كان الإسقاط غير منطقي بين هذه النقطة التاريخية في التعقد، والنقطة الروسية الأوكرانية، خاصة إن أغلب العالم يعاقب روسيا على التعرض لأوكرانيا، لكن لا يمس أحد إسرائيل ولو بكلمة، مهما تجاوزت مع الفلسطينيين، في وضعية مستفزة، لا أمل في تغييرها في النظام العالمى الجديد، رغم التحول الروسي على إسرائيل، بعد المواقف الإسرائيلية المباشرة ضد موسكو، والتى وصلت لحد المكايدة بين موسكو وتل أبيب، بصورة غير مسبوقة.

إجمالا في النهاية، من غير المستبعد، أن تتفجر نقطة من هذه النقاط التى أشرنا لها سريعا، بشكل متزامن أو تالٍ على الحرب الروسية الأوكرانية، لتقربنا أكثر وأكثر إلى النظام العالمي الأجدد، الذي من غير المتوقع حتى الآن تحديد طبيعته، هل سيكون أحادي القطب وتفوز واشنطن في حروب الإنهاك لأعدائها وأصدقائها، أم تخسر أمريكا اللعبة وتتراجع لتكون قطبا من ضمن أقطاب إدارة العالم، كما كان الوضع قبل الحرب العالمية الثانية؟!

نترقب..