شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة مدينة القدس، حالة من التصعيد الخطير قام بها المستوطنون اليهود ضد الفلسطينيين الأمنين، تحت مسمع ومرأى ودعم من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي سمحت باقتحام وتدنيس المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين بداخله.
حالة التصعيد الدائرة منذ أيام، تخللها كر وفر واشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وبين الشباب الفلسطيني المرابط داخل المسجد الأقصى، وعدة مدن فلسطينية أخرى؛ هبت لنصرة الأقصى وللتضامن مع المرابطين به، الذين يوجهون القمع الإسرائيلي بكل ثبات.
وندد الكثير من الزعماء العرب والقادة الدوليين والمنظمات الأممية بحالة التصعيد والاستفزازات التي يقوم بها المستوطنون اليهود مدعومين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، واقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه دون مرعاة لحرمة أماكن العبادة.
وحول الموقف الدولى مما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتصعيد الأخير، الذي شهدته مدينة القدس، وأعمال العنف والاستفزاز المتواصلة من قبل المستوطنين اليهود وقوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وحالة التضامن ومنها: الاتصال الأخير الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس محمود عباس أبو مازن، للإطلاع على مستجدات الأوضاع، أجرى "صدى البلد" الحوار التالي مع الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، جهاد الحرازين:
ما الذي جعل الأوضاع تنفجر في الأراضي المحتلة؟
بعد الأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة ما يدور بـ المسجد الأقصى من اعتداءات همجية إسرائيلية متواصلة، واقتحامات للمسجد من قبل المستوطنين وقوات الشرطة والجيش الإسرائيلي، الذين لا يزالون يمارسون أبشع أنواع القتل والاعتداءات تجاه المصليين دون مراعاة لحرمة شهر رمضان، وتدنيس المسجد الأقصى، حدثت حالة من الغليان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويبدو أن دولة الاحتلال تستغل ما يجري في العالم من أحداث خاصة الحرب في أوكرانيا، التي طغت علي مجمل العملية السياسية في كافة المحافل الدولية؛ لتمرير مجموعة من مخططاتها المتعلقة أساسا بتدنيس المسجد الأقصى وتقديم القرابين كما يدعون بـ ساحات المسجد الاقصى، وصولا إلى ما يسمى بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وهذا ما أدى إلى أن يكون هناك حالة من التصدي والصمود من قبل أبناء الشعب الفلسطينيي، لمواجهة تلك الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.
وماذا عن رد الفعل تجاه ما يحدث بالأراضي المحتلة؟
التصعيد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل جيش الاحتلال قبول بحالة من الاستنكار وعدم القبول خاصة بما يحدث داخل المسجد الأقصى، فالعديد من الدول العربية والإقليمية والأوروبية أدانت حالة الاستفزاز، ودعوا لضبط النفس ولكن السؤال الحقيقي، من الذي يضبط نفسه؟، من الذي يقوم بالاعتداء على المصلين والمرابطين داخل المسجد الأقصى؟، من الذي يقوم بالاقتحام؟، من الذي يقوم بعمليات القتل والاعدام بدم بارد ويضرب الأطفال والشيوخ والنساء ويقوم باعتقالهم ويصيبهم بالرصاص، ويمارس أبشع حالات القتل والاعتداء والضرب على المصلين والأشخاص؟.
الأمر الذي يجب أن تعرفه الدول التي أدانت واستنكرت وشجبت ودعت الأطراف إلى ضبط النفس وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة، الذي كان يجب أن يكون له موقف بخلاف عمليات الدعوة إلى ضبط النفس والهدوء، كان يجب أن يدين تصرفات الاحتلال، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، وهناك بعض التحركات التي تجريها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس أبو مازن، الذي يواصل إجراء الاتصالات مع كافة قادة دول العالم وبعض الدول المؤثرة في العالم حتى يكون هناك موقف حقيقي تجاه الاعتداءات التي تقوم بها حكومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين والمصلين الفلسطينين وبحق الأماكن المقدسة وأماكن العبادات.
ماذا عن الموقف والتحرك العربي لدعم الأشقاء؟
جرت اتصالات بين القادة العرب منهم: الملك عبدالله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى الرئيس الفلسطيني أبو مازن مع الملك عبدالله الثاني، وأرسلت العديد من الرسائل إلى الدول ليكون هناك تحرك حقيقي وجاد لوقف تلك الاعتداءات والممارسات الإسرائيلية المتواصلة بحق شعبنا وبحق أماكن العبادة خاصة المسجد الأقصى حتى لا تنفجر الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية.
كان هناك تواصل من قبل العديد من الرؤساء ووزراء الخارجية، وصدرت بيانات من جمهورية مصر العربية ووزارة الخارجية المصرية ومن الأزهر الشريف والكنيسة القبطية، بالاضافة إلى جميع الأحزاب والمؤسسات والبرلمان المصري، الذين كان لهم دورا كبيرا في إدانة ما يجري على الأرض، من أحداث واعتداءات واقتحامات من قبل قوات الاحتلال للمسجد الأقصى، بالإضافة إلى أنه يجري الآن التنسيق لعقد لقاء للمجموعة الوزارية العربية المعنية بشؤون مدينة القدس، أو بمتابعة أوضاع مدينة القدس، وهي اللجنة المشكلة والمنبثقة عن جامعة الدول العربية، وتضم كل من مصر والأردن وفلسطين والمملكة العربية السعودية والمغرب وتونس، وقد تكون الجزائر حاضرة في الاجتماع الذي ستستضيفه المملكة الأردنية بعدما أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نتيجة المشاورات التي أجراها والمباحثات، حيث دعا من خلالها إلى وقف الاعتداءات الاسرائيلية، وسوف يعقد الاجتماع الخميس القادم، الأمر الذي يؤكد بأن هناك تحرك عربي بالفعل لوقف تلك الممارسات حتى لا تذهب المنطقة إلى حالة من الانفجار.
ماذا عن الدوري المصري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية؟
مصر تحركت فورا لوقف ولجم العدوان الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية وعدم دخول المنطقة في حالة من الانفجار من خلال اللقاءات والاتصالات التي أجراها الوفد الأمني في محاولة لتهدئة الأوضاع، ولكن المطلوب الآن تحرك حقيقي وعاجل قادر على لجم العدوان الإسرائيلي وخطة عمل وموقفا عربيا وإقليميا ودوليا موحدا ينهى الاحتلال، فلا يمكن تهدئة الأوضاع دون انهاء الاحتلال، فالأوضاع في كل فترة زمنية معرضة للانفجار ولا حل غير الحل السياسي؛ لأن القبضة الأمنية والأوضاع الحديدية التي تستخدمها دولة الاحتلال لن تجلب لها الأمن والاستقرار، ولن يكون هناك استقرار بالمنطقة طالما تواصلت تلك الإجراءات من قبل الاحتلال بحق شعبنا.
ولذلك هناك تعويل كبير على التحركات المصرية والأردنية أيضا مع بعض الأطراف العربية والإقليمية للوصول لصيغة يتم من خلالها وقف الاعتداءات وفتح أفق سياسي قادر على تحريك المياه الراكدة في عملية السللام والزام الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بضرورة وقف مماراستها واحتلالها.
كيف ترى اتصال الرئيس بوتين بالرئيس أبو مازن؟
الاتصال الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس أبو مازن، والذي تناول من خلاله الأحداث الجارية بالمنطقة، خاصة ما يتعلق بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية وما يجري في إطار الأزمة الروسية الأوكرانية يدل على أن القضية الفلسطينية لا زالت حاضرة في ظل العالم الذي يكيل بـ مكيالين، ويرى ما يحدث في أوكرانيا ولا يرى ما يحدث في الأراضي الفلسطينية من اعتداءات وتغول وممارسات اختلالية جميعها مخالف للقانون الدولي لذلك تناول هذا الاتصال قتالية، جميعها مخالفة للقانون، ولذلك روسيا والرئيس الروسي اكد ان روسيا ستكون داعمة لهذه القضية، وسنواصل دعمها للشعب الفلسطيني، رغم انشغالها بالحرب الروسية.
هل يكيل العالم بمكيالين فيما يتعلق بالوضع داخل فلسطين؟
"يجب علي جميع الدول الاوروبية الاخري الا تكيل سياسة الكيل بالمكيالين، والا تنظر للشعب الفلسطيني علي انه من الدرجة السابعة، وتقف جانب هذا الشعب الذي يعاني من الاحتلال الاسرائيلي منذ ٧٤ عاما متواصلا، حيث تتواصل يوميا المجازر هناك، ويقوموا بالتعدي يوميا علي القانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية، لذلك المطلوب من الدول الاوروبية والولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم، الا ينظروا فقط لتلك الاحداث بوجوبية الدعوة الي ضبط النفس، ولكن يجب ان يقولوا صراحه ان الاحتلال هو الاداء المجرم، ولا يجب لهذا الاحتلال ان يستمر".
يجب الا تعامل دولة الاحتلال انها دولة فوق القانون، ويجب التأكيد علي قضية هامة جدا، ان الشعب الفلسطيني سيبقي صامدا، ويقف في ارضه متحديا جميع اشكال الاجراءات الاسرائيلية، لانه لا يمكن التخلي او التسليم بما يريده هذا الاحتلال، من اقتحامات واعتداءات، ولا يمكن للشعب الفلسطيني ان يفدي اقصاه "المسجد الاقصى"، لانه اغلي ما يملك الشعب الفلسطيني".
ماذا تتوقع بشأن الأيام القادمة وما المطلوب حاليا؟
"الشعب الفلسطيني يبحث عن انهاء هذا الاحتلال، لتعيش جميع شعوب المنطقة في امن وسلام واستقرار، ولذا من المطلوب ان تكثف تلك الجهود الاقليمية والدولية والعربية، الي ان تكون هناك عوده لمسار سلام يفضي، إلى انهاء الاحتلال، ويفضي لاقامة دولة فلسطينية، لذلك يجب ان يدرك الجميع بأن كل الحلول الامنية والقبضة الامنيه، وعمليات لقتل التي تمارسها دولة الاحتلال، لن تؤدي إلى نتائج، بل الذي يؤدي إلي حلول هو وجود افق حقيقي يحي عملية السلام، وانهاء هذا الاحتلال واقامة دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشريف".