تحت مدافع الدبابات ونار الصواريخ وهول الإنذارات ومنع التجوال كتبت السلامة لبطل مصري في الخارج وسط استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا بعد أن أنقذ 35 إنساناً من جنسيات وعرقيات وديانات مختلفة خلال شهرين وبدون أي مقابل قرر خلالها أن يهب حياته لإنقاذ كل من يستنجد به على الأراضي الأوكرانية غير عابئ بصعوبة أي تحديات تواجهه وبمساعدة أشخاص آخرين وعلى رأسهم السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج.
يقول البطل إسلام العشيري، مدرب غوص سافر إلى أوكرانيا لدراسة اللغات وفتح مجالات عمل له في حديثه لموقع «صدى البلد»: «كنت غواص في البحر الأحمر ثم سافرت أوكرانيا منذ سنتين لتطوير مهارتي اللغوية وفتح مجالات عمل سياحية لي، وقد كانت جميع الأمور تسير على ما يرام حتي اندلعت الحرب بشكل مفاجئ وسريع قررنا على أثره مغادرة الدولة».
لم يكن ترك مدينة كييف عاصمة أوكرانيا سهلاً بالنسبة للبطل المصري، إسلام العشيري ابن محافظة الفيوم، وباقي أصدقائه من المصريين من محافظات كالمنيا والإسكندرية وغيرهم حيث عم الخطر في أرجاء أوكرانيا سريعاً كما أنهم لم يكن معهم ما يكفيهم من المال للسفر خارج البلد، فصرافات البنوك توقفت بشكل كبير، وعن تلك الفترة يوضح «إسلام»: «اضطريت أشتغل بعربيتي أوصل الناس زي التاكسي علشان أجمع فلوس المعيشة والسفر في الفترة دي».
وبعدما استطاع إسلام صاحب الـ 27 عاماً وأصدقائه المصريين جمع أموال للسفر وبالفعل قربوا من الحدود البولندية وجد على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي وبالتحديد «سناب شات» سيدة عراقية تستنجد لإنقاذها وأطفالها الأربعة من مدينة بيلا تسيركفا الأوكرانية حيث دمر منزلها كاملاً في قصف للقوات الروسية مع رفض أحد أبناء جاليتها إنقاذها مستغلاً المأساة في طلب مبلغ مالي لم تكن تمتلكه، فرجع إسلام مسافة كبيرة جداً بسيارته وأنقذهم خلال رحلة محاطة بالصعوبات استمرت 3 أيام.
أنقذ إسلام العشيري خلال شهرين حوالي 35 شخصاً للخروج إلى الحدود البولندية وغيرها، منهم: «5 عراقيين، سعودي وزوجته، وفلسطينيين، وعائلة يمنية مكونة من 3 أطفال وأمهم في مدينة كاماروفكا، وأسرة لبنانية في لفيف، وعائلة إماراتية من 5 أفراد وخرج بهم من سومي إلى رومانيا، و3 أردنيين من طلاب الجامعات، وآخرين مصريين»، منوهاً على موقف عائلته: «أمي كان قلبها مقبوض خصوصاً إني الولد الوحيد مع 3 بنات، لكن والدي كان داعمني في شهامتي وساعدني بإرسال أموال لي تساعدني على التحرك داخل أوكرانيا وشراء بنزين».
ولم يكن والدا إسلام العشيري هما الداعمين له في هذه البطولات التي أنقذت حياة أسر وعائلات كاملة فكان هناك رجل لبناني يتمتع بشهامة كبيرة، يدعي محمد القعقور، كرس ما يمتلكه من معرض لتأجير السيارات لمساعدة إسلام في مهمته، مبيناً: «قابلني هو وزوجته بعربين وأعطاني واحدة منهم، ورغم إنه مأتورها اتحرق من السرعة الكبيرة في التحرك بها أعطاني 3 آخريات حتى أتممت مهمات الإنقاذ».
ومن أبرز الأمور التي أسعدت إسلام العشيري أنه استطاع إنقاذ شاب أسواني يدعي بسام ويبلغ من العمر 26 عاماً كان مفقوداً لمدة 12 يوماً في مدينة إربين الأوكرانية، فبحث عنها من خلال تحديد موقعه عبر الوسائل الحديث وبالتواصل مع أهله وبالفعل أخرجه، منبهاً: «معظم عمليات الإنقاذ كانت للسفيرة نبيلة مكرم حقيقي دور كبير في متابعتها لحظة بلحظة معايا عبر الهاتف».
أما عن تكريم السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج للبطل المصري، إسلام العيشري فيعلق مختتماً: «بحب أشكر الوزيرة جداً على متابعتها معايا طوال هذه الفترة كما أنها ساهمت في خروجي بأمان من أوكرانيا وذلك بعد إرسال رقمي إلى السفارة المصرية في بولندا والتي سهلت إجراءات نزولي إلى أرض الوطن ثم قامت بتوصيلي عربية خاصة من المطار إلى حيث أريد ومن بعدها تواصلت معي الوزيرة لمقابلتها في المكتب وتفاجأت بتكريمي بدرع الوزارة تقديراً لما قدمته وأرآه شرف لي، وأستكمل حالياً مع مجموعة من الشباب المساهمة في تسهيل خروج مصريين وغيرهم من أوكرانيا حاليا من خلال معارفنا، وأتمني أن أوفق في فتح مجالات للسياحة هنا أو أن أجد عملاً في وقت قصير في تخصصي في الغوص مع تأثر القطاع السياحي بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا خاصة أن نسبة كبيرة من السائحين الزائرين إلى مصر من الطرفين».