قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

بالنبوت والأواني .. حكاية مقاومة قرية بني عدي للحملة الفرنسية بأسيوط

النصب التذكاري لشهداء قرية بني عدي
النصب التذكاري لشهداء قرية بني عدي
×

قدمت 3000 شهيد للدفاع عن الكرامة

حورية عيسى الغزولى وعزالعرب مخلوف ابرز شهيدات المقاومة

" حكاية قرية مصرية ، رواها النيل ، زراعية تجارية " و أرض نخيل ، غزاها الغاصب المحتل ، وعقله اختل ، ساعة شافها بآلافها ، في ساعة الحرب فدائية ، حكاية قرية مصرية " بهذه الكلمات عبر عبد الحميد دردير البالغ من العمر نحو 90 عاما ، عن ملحمة البطولات التي سطرها أبناء قرية بني عدي بمركز منفلوط في أسيوط لمقاومة الحملة الفرنسية وتصدي قرية بني عديات التابعة لمركز منفلوط للجنرال دافو قائد الحملة الفرنسية والذي وصل إلى أسيوط في 16 ابريل 1799 بعدما هاجم أبناء قرية بني عدي السفن الفرنسية التابعة للحملة والتي كانت تعبر نهر النيل متجهه إلى جنوب مصر.

تحل علينا غدا الاثنين مرور 223 عاما على مقاومة أهالي قرية بني عدي البواسل للحملة الفرنسية عام 1799 ، حيث هاجمت قوات الحملة الفرنسية قرية بني عدي ولكن فوجئ الجنرال دافو قائد الحملة الفرنسية بتشكل مقاومة كبيرة في بني عدى بقيادة عدد من المشايخ وهم على أحمد العياط العدوى وأحمد خطيب البنوفرى وحسن طايع العدوى وسليمان أحمد طايع العدوى والذي ضم 3 آلاف من أبناء بني عدى و300 من المماليك و450 من العرب وأهالي دارفور الذين جاءوا مع القوافل التجارية لأن القرية كانت مركز التقاء القوافل التجارية القادمة من السودان ودارفور والواحات.

وتوجه على الفور الجنرال دافو يوم 18 أبريل 1799 إلى القرية للقائهم وعزز قواته بكتيبة من الفرقة 88 والفرقة 15 من الفرسان ووجد بها حشدا كبيرا من الفلاحين والعرب يتأهبون للقتال.

وشكل قائد الحملة الفرنسية جيشه إلى طابورين أحدهما لمهاجمة القرية والآخر لمحاصرتها، وبدأت المعركة التي انسحب المماليك منها وتركوا أهالي القرية وحدهم في ساحة القتال، واشتبك أبناء القرية مع جنود الحملة الفرنسية في معركة حامية في طرق ومنازل بني عدى التي حصنها الأهالي وجعلوا منها شبه قلاع كان الرصاص ينهال منها على الجنود الفرنسيين، فلقى الجيش الفرنسي في بني عدى ما لم يلق مثله في كثير من البلاد، واستمرت المعركة حتى المساء واستخدمت فيها المدفعية.

وعندما وجد الفرنسيون أنفسهم على وشك الهزيمة أشعلوا النيران في القرية فتحولت إلى رماد واحتلها الجنود الفرنسيون وراح فيها أكثر من 3 آلاف شهيد من أبنائها منهم الشيخ أحمد الخطيب وأحمد السباعي، ومن النساء اللاتي خرجن في المعركة واستشهدن حورية عيسى الغزولى وعزالعرب مخلوف التي وجد طفلها يرضع من ثديها وهى شهيدة.

ولم يكن غريبا على أبناء بني عدى البطولة والصمود، حيث شهدت القرية عام 1470 بمنطقة السويقة وسط القرية معركة راح فيها 40 شهيدا بعد أن أرسل الأمير يشبك الداويدار، نائب السلطان قايتباي، جنوده إلى بني عدى لأنها رفضت الرضوخ للذل وامتنعت عن تقديم الضرائب الباهظة، فكان يريد أن يجعلهم عبرة لكل المصريين وانتقى 40 رجلا ووضعهم على عربة خاصة تجرها الخيول بها 40 خازوقا وبعد أن خلع ملابسهم ووضعهم على الخوازيق واستشهدوا، لم يكتف بذلك بل جاء بشيخ بني عدى محمود دقيلة وأحرقوه على الحطب حيا.

وخيم الحزن بالقرية على هؤلاء الرجال ودفنوهم وأقاموا بجوارهم مسجدًا سمى مسجد الأربعين، وطفح الكيل من ظلم الأمير يشبك فأخذوا يدعون عليه بقول "حسبي الله ونعم الوكيل" وبالفعل استجاب لهم الله حيث قتل الأمير على أيدي عبيده بعد أن عذبوه وقطعوه أشلاء واشتهرت بني عدى بعدها بأنها بلد "حسبي الله ونعم الوكيل".

وتكريما لأبناء بني عدى تم إنشاء أول مدرسة عسكرية وتخرج منها 24 ألف جندي عام 1823 وحضر محمد على باشا إلى القرية برفقة سفيرى فرنسا وإنجلترا للاحتفال بتخريج هذه الدفعة، كما أقيم أول عيد للعمال يوم الاثنين عام 1966 في مدرسة بني عدى القبلية وحضره 5 وزراء.

ولم يكن بغريب على القرية التي تشهد هذه الأحداث أن تنجب مشاهير مثل الشيخ حسانين مخلوف، مفتى الجمهورية الأسبق وعضو جماعة كبار العلماء وأحد مؤسسي رابطة العالم الإسلامي، والدكتور أحمد كمال أبو المجد، وزير الإعلام الأسبق، والشيخ إسماعيل صادق العدوى، إمام الجامع الأزهر الأسبق، والشيخ صالح موسى شرف، وكيل الجامع الأزهر الأسبق، والشيخ محمد قطة العدوى، رئيس المحققين بالمطبعة الأميرية الأسبق، وكثير من العلماء، خاصة في التعليم الأزهري بسبب ارتفاع نسبة التعليم الأزهري بالقرية.

وأطلق على كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بأسيوط "كلية اللغة العدوية" بسبب كثرة أعضاء هيئة التدريس من أبناء بني عدى، ولم تكن القرية رائدة في مجال التعليم فقط بل اشتهرت بصناعة الكليم العدوى المتميز الذي كان يصدر إلى الاتحاد السوفييتي والدول الأوروبية، كما تميزت بخلوها من جرائم الثأر، ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة التعليم الأزهرى بها.

و قال الدكتور على عبد الرحمن بودي رئيس مجلس أمناء أبناء بني عدي أحد أبناء قرية بني عدي أن القرية تبعد عن محافظة القاهرة مسافة 365 كيلو مترًا، وتقع على طرف الصحراء الغربية لمركز منفلوط ويحدها من الناحية الشمالية قرية العتامنة ومن الناحية الجنوبية قرية العزية وتبعد عن مدينة أسيوط نحو 30 كيلو مترًا؛ مشيرًا إلى أن ذكرى العيد القومي مطبوعة في ذاكرة الكثيرين من أهالي أسيوط لما تحمله من معاني التضحية والفداء.

وأوضح بودي أن أهالي القرية قدموا أكثر من 3 آلاف شهيد في تضحياتهم وتصديهم للحملة الفرنسية، مشيرًا إلى أن يوم 16 أبريل عام 1799، وصل الفرنسيون بقيادة "الجنرال دافو" إلى محافظة أسيوط، واتخذ تبة جبلية على مشارف قرية بني عديات مقرًا لجنوده لمحاصرة الأهالي بعد ورود أنباء عن تشكيل مقاومة من أبناء القرية وكانت من بين السيدات التي استشهدن في المقاومة السيدة " عز العرب " والتي وجدوا جثمانها ملطخ بالدماء وتحمل رضيعها .

وأضاف حسن على حمزة، أحد أبناء قرية بني عديات بمركز منفلوط بأسيوط أنه وفي يوم 18 أبريل، قرر الجنرال دافو تجهيز الجنود الفرنسيين والاستعداد لشن هجوم على قرية بني عديات ومحاصرتها ولكنهم فوجئوا بمقاومة الأهالي لهم مستخدمين الشوم والعصي والنبوت وأغطية الأواني والأدوات البدائية التي كان يستخدمها الأهالي داخل منازلهم في معركة دارت رحاها بين طرقات القرية واستمرت المعركة طول اليوم ولم يتمكن الفرنسيون من اقتحام القرية إلا بعد أن أشعلوا النيران في المنازل من تبة الجبل".

وأشار حمزة، إلى أن عدد شهداء المقاومة من أبناء قرية بني عديات تجاوز الـ3 آلاف شهيد ويعد أبرزهم زعيم المقاومة الشيخ أحمد الخطيب، الشيخ حسن طايع وأحمد عبد الله السباعي ومحمد أيوب العدوى والشيخ أحمد المغربي، وعلى أحمد العياط والشيخ سليمان طايع وعز العرب حسن مخلوف وحورية العزولي وغيرهم، ونحو 450 من الأعراب المصريين و300 من المماليك، الذين قدموا أنفسهم فداءً للدفاع عن قريتهم، وجميعهم دفنوا بمقابر الفدان بالقرية.