استماعها المتكرر لأشرطة الكاسيت التى كان يحضرها والدها الراحل لسماع المدائح النبوية و التواشيح الدينية ، لكبار المداحين والمنشدين، أخرج موهبتها الكامنة داخل الطفلة الصعيدية ، لتنطلق بأعلى صوتها منشدة فى حب رسول الله، فى الإذاعة المدرسية ، مروراً بحفلات المعهد العالى للخدمة الاجتماعية بـ قنا الذى التحقت به فى مرحلتها الجامعية وانتهاءًا بقصر ثقافة قوص، لتصبح "هدى مكى" أول منشدة دينية فى محافظة قنا.
رحلة الإنشاد الدينى لم تكن سهلة ميسرة لفتاة تعيش فى أقصى الصعيد، خاصة و أن حفلات المدح، يكاد يقتصر حضورها على الرجال دون النساء، لكن حبها للإنشاد الدينى والمدائح النبوية دفعها للبحث عن طريق آخر لتنمية موهبتها والحفاظ عليها ، فكان السبيل المتاح قصر ثقافة قوص الذى فتح أبوابه بكل ترحاب لاحتضان موهبة من نوع خاص، قد تكون خلال الفترة القادمة نموذج مهم فى الإنشاد الدينى.
قصر الثقافة والفعاليات الرسمية التى تشارك فيها " هدى مكى" ليست منتهى الطموح لأول منشدة دينية تعمل بشكل حر ومنفرد فى محافظة قنا، فطموحها أكبر من ذلك بكثير، فالشيخ أمين الدشناوى، الذى تأثرت بطريقة مديحه للنبى صلى الله عليه وسلم، ترى فيها مثالاً وقدوة تتمنى أن تصل إلي ما وصل إليه فى يوم من الأيام، بدعم ومساندة من الداعمين لها.
قالت هدى مكى " منشدة دينية"، بدأت فى الإنشاد الدينى منذ 20 عاماً منذ أن كنت تلميذة فى المرحلة الابتدائية، وتأثرت خلال هذه الفترة بالتواشيح والمدائح النبوية التى كنت أستمع إليها من شرائط الكاسيت التى كان والدى رحمة الله عليه يحرص على شرائها ، و كنت أندمج مع التواشيح والأناشيد التى يرددها الشيخ أمين الدشناوى، وكنت حريصة طوال فترات الدراسة على المشاركة فى الإذاعة المدرسية بتواشيح دينية ومدائح نبوية، و استمر هذا الوضع إلى أن التحقت بمعهد الخدمة الاجتماعية.
وتابعت مكى ، وبعد انتهاء فترة الجامعة كان لابد أن أبحث عن مكان يحتوى موهبتى وينميها، فلم أجد أمامى سوى قصر ثقافة قوص بدعم وتشجيع من الشاعر أحمد الشباط ، ابن قريتى جراجوس، الذى كان له دور كبير فى مساندتى فى هذا المجال، فضلاً عن المشاركة فى فعاليات ومناسبات مختلفة يتم تنظيمها فى إطار مركز قوص أو محافظة قنا ، وخاصة خلال شهر رمضان.
و أضافت مكى، فى البداية تعلمت الإنشاد بشكل ارتجالى من سماع المنشدين والمداحين، لكن منذ سنوات قررت أن يكون انشادى و أدائى بناءًا على تعليم وخبرة حقيقية، فانضممت لمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعى تضم مبدعين من مختلف الدول العربية لتعلم المقامات وقواعد الإنشاد، واستفدت منهم ثقافات و خبرات كبيرة كان لها دور فى صقل موهبتى والارتقاء بها ، ومازلت أتعلم للوصول للأفضل فى الأداء، حتى أتمكن من توصيل موهبتى وصوتى لأكبر عدد ممكن من محبى الإنشاد الدينى.
و أشارت مكى، إلى أن رحلتها فى مجال الإنشاد الدينى والمدائح النبوية لم تخلوا من العقبات، أبرزها أنها أول أنثى تخترق مجال الإنشاد الدينى، فضلاً عن العقبات المادية التى تقف حائلاً أمام انطلاقها وتحقيق أمنياتها فى هذا المجال لكنها ترى أن الوصول لأى حلم لابد له من عقبات وعراقيل كما أن الإنشاد الدينى جدير بأن تكافح من أجله لما له من هيبة ربانية و احترام لمن يجيد هذا الفن الراقى، ومشيدةً بموقف شقيقها محمود مكى، الذى لا يتوانى عن دعمها ومساندتها مادياً أو معنوياً حتى تحقق أحلامها.
وتأمل مكى ، أن تتمكن خلال الفترة القادمة من تكوين فريق إنشاد دينى خاص بالفتيات فى مركز قوص، مثل كثير من الفرق التى اختارت مجالات مختلفة، متوقعة أن يكون لهذا الفريق شأن كبير لما يتمتعن به الكثير من الفتيات من أصوات عذبة فى الإنشاد الدينى، لكنهن لا يجدن الفرصة أو الظروف المناسبة لإظهار مواهبهن.