نجاحات متتالية لمصر حققتها من خلال مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث شرعت مصر في إنتاج "الهيدروجين الأخضر" ليمثل أحد محاور استراتيجية لمصر ولتكون مركزا إقليما ودوليا للطاقة.
حيث استقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمس الأحد، فرانس تيمرمانز، النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية للصفقة الخضراء، والوفد المرافق له، لمناقشة عدد من ملفات التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة الخضراء.
وحضر اللقاء الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والسفير محمد نصر، مدير إدارة البيئة والتنمية المستدامة بوزارة الخارجية، والسفير كريستيان برجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر.
وخلال اللقاء أشاد مدبولي بمستوى التعاون والشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى ما اكتسبته العلاقات بين الطرفين من زخم قوى بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية إلى بروكسل في فبراير الماضي، والتي التقى خلالها بقيادات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك رئيس برلمان الاتحاد الأوروبي، فضلا عن لقائه مرتين مع أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية في بريست الفرنسية وبروكسل البلجيكية في فبراير أيضا، بما يعزز من أواصر العلاقات المتميزة.
تعميق الشراكة في قطاع الطاقة
وأضاف مدبولي، أن مصر تتطلع لمزيد من الدعم من شركائها في الاتحاد الأوروبي، لاسيما من خلال تعميق شراكتها في قطاع الطاقة، لافتا إلى الاهتمام الذي يوليه الرئيس السيسي لهذا الملف الحيوي، ومن بين أمور أخري، الجهود التي تقوم بها مصر لتصبح ممراً لعبور الطاقة النظيفة، ومن ثم مركزاً محورياً للربط الكهربائي وصادرات الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي.
من جانبه، أشار النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية للصفقة الخضراء، إلى أن تداعيات الأزمة الأوكرانية فرضت على الدول الأوروبية تسريع وتيرة التحول إلى الطاقة المتجددة، وتنويع مصادر الحصول على الطاقة الخضراء.
ولفت إلى أن زيارته الحالية تأتي لبحث ثلاثة موضوعات ذات أولوية مع مصر، أولها دعم الجهود المصرية لاستضافة الدورة الـ 27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، المزمع عقدها في نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ، وثانيها دعم حصول مصر على القمح في ظل الأزمة الأوكرانية.
ونوه إلى قرار الاتحاد الأوروبي بتخصيص 100 مليون يورو لدعم الأمن الغذائي لمصر، وتسهيل وصول القمح إليها بأسعار مناسبة.
وفيما يخص الموضوع الثالث، أشار فرانس تيمرمانز إلى أنه يتعلق ببحث سبل تعزيز التعاون في مجال الطاقة، سواء على المدي القصير، من خلال توفير إمدادات الطاقة من الغاز المسال لأوروبا عبر شراكات إقليمية، أو على المدي الطويل، من خلال المساهمة في بناء مرفق لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، وذلك في ضوء تمتعها بعوامل تساعدها على أن تكون مركزاً لإنتاجه، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز بما يساعد في سهولة نقله إلى أوروبا.
ولفت تيمرمانز إلى أن زيارته الحالية تعد الثانية إلى مصر خلال وقت قصير، بما يؤكد اهتمام الاتحاد الأوروبي بتسريع وتيرة التعاون مع مصر في مجال الطاقة النظيفة والخضراء، مشيراً إلى أنها من مجالات التعاون الواعدة، والتي تحمل فرصاً كبيرة بالنسبة لمصر.
كما أكد حرصه على تذليل كل العقبات من أجل تسريع وتيرة التعاون في هذا المجال الذي أصبح محور اهتمام العالم، مضيفا أن عددا كبيرا من الدول العربية والأفريقية أصبحت تولي أهمية خاصة لتوسيع التعاون مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال.
مواقع لإنتاج الهيدروجين الاخضر
تعقيبا على ذلك، رحب مدبولي بقرار الاتحاد الأوروبي بتخصيص 100 مليون يورو لدعم الأمن الغذائي لمصر، ومعرباً عن تطلعه لدعم الاتحاد الأوروبي لمصر لتخطي التداعيات الاقتصادية السلبية الناجمة عن الأزمة الأوكرانية لاسيما في القطاعات الحيوية ذات الابعاد الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً أيضاً إلى استعداد مصر لإقامة الشراكات اللازمة للتعاون مع الاتحاد الأوروبى فى مجال الطاقة النظيفة، حيث تسعي إلى تعظيم الاستفادة من الفرص المطروحة في ضوء رئاستها لمؤتمر المناخ COP27، وذلك من خلال إقامة شراكات مع عدد من الأطراف والشركات الأوروبية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأكد مدبولي أن مصر خصصت المواقع اللازمة لإقامة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتعمل حالياً على تحديث "استراتيجية الطاقة في مصر" لتشمل "الهيدروجين الأخضر" كمصدر للطاقة، كما تم إقرار حوافز إضافية للاستثمار في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
اهتمام عالمي للهيدروجين الأخضر
وفي هذا الصدد، قال المهندس حسام محرم، المستشار الأسبق لوزير البيئة، إن في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة التغيرات المناخية وتداعياتها الكارثية التي داهمت العالم خلال العقود الأخيرة ومتوقع ازدياد آثارها الكارثية على البيئة وعلي الاقتصادات العالمية بل وعلي الاستقرار الاجتماعي والسياسي خلال الفترة القادمة.
وأوضح محرم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن ظاهرة التغيرات المناخية أحد دوافع الاهتمام بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، التي تعد بديل أنظف بمعيار تولد انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة التغيرات المناخية، ويعد "الهيدروجين الأخضر" واحد من مصادر الطاقة النظيفة بالمعيار البيئي، وبدأ يحظى بالاهتمام العالمي ومن المتوقع ازدياد ذلك خلال السنوات والعقود القادمة.
وتابع: يتم إنتاج وقود الهيدروجين الأخضر من خلال التحليل الكهربائي لجزئيات الماء ليتم فصل الهيدروجين عن الأكسجين في تلك الجزئيات، مع الحصول علي الكهرباء التي تستخدم في التحليل الكهربائي من مصادر جديدة او متجددة وهو سبب وصفنا الهيدروجين الناتج من عملية التحليل الكهربائي بوصف الأخضر، حيث أن ذلك لا يؤدي إلي انبعاث أي من غازات الاحتباس الحراري المسببة لظاهرة التغيرات المناخية.
وأضاف أنه "يمكن اعتبار الهيدروجين الأخضر هو ذلك الهيدروجين الذي لا يتسبب في انبعاثات ملوثة سواء خلال إنتاجه أو خلال استخدامه كوقود في تطبيقات متنوعة في الحياة العملية من بينها استخداماته في قطاع النقل وتوليد الطاقة الكهربائية وفي الصناعة وفي الاستخدامات المنزلية والتجارية كالطهي والتدفئة".
وأكد أن "من بين المشكلات العملية التي تعترض طريق هذه التقنية الجديدة هو ارتفاع تكلفة تخزين ونقل الهيدروجين الأخضر بسبب ارتفاع حجمه مقارنة بالبدائل الأخرى مثل الغاز الطبيعي، وهو ما قد يتسبب في إبطاء معدل انتشار هذه التقنية، نسبيا لحين تجاوز تلك العقبات، وإن كان لن يمنع الاستثمارات في هذا التقنية بمعطياتها الراهنة".
الهيدروجين الأخضر وفوائده
ويعد الهيدروجين الأخضر وقودا خاليا من الكربون ومصدر إنتاجه هو الماء، وتشهد عمليات الإنتاج فصل جزيئاته عن نظيرتها من الأوكسجين في الماء، بواسطة كهرباء يتم توليدها من مصادر طاقة متجددة، ويحظى باهتمام عالمي في العقد الأخير باعتباره مصدراً واعدا للطاقة في المستقبل القريب.
ويعد الهيدروجين الأخضر المنتج من الطاقة النظيفة المستخدم على نطاق واسع بحلول عام 2030، قادرا على إنقاذ العالم من الوقود الأحفوري الذي يعتمد على الفحم والنفط عادة، وأهم فوائده كالتالي:
- انخفاض أسعار الطاقة الكهربائية النظيفة بدون انبعاثات، مع وجود الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو في المناطق الغنية بالشمس، والتي يعد توليد الكهرباء فيها أرخص بكثير من الكهرباء القائمة على الوقود الأحفوري تقترب أسعار الهيدروجين الأخضر الناتج عن التحليل الكهربائي بقدر كبير من أسعار الهيدروجين الرمادي الذي يتم إنتاجه باستخدام الوقود الهيدروكربوني.
- استخدام الهيدروجين الاخضر يودي إلى القضاء على الانبعاثات الكربونية ولكن لن يؤدي التوسع في توليد الطاقة المتجددة وحدها لذلك يمكن للهيدروجين الأخضر زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة، حيث يمكن تخزينه لفترات أطول، ويمكن نقله لأماكن لا يوجد بها إمكانية توليد طاقة متجددة، كما يمكن لباقة متنوعة من القطاعات الصناعية والتطبيقات استخدامه.
- ويمكن للهيدروجين القضاء على الانبعاثات الكربونية في العديد من القطاعات بصورة أكبر من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
- إنتاج الطاقة في الوقت الحالي يساهم بـ 40٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً، لكن هذا الرقم سينخفض مع استمرار نمو وانتشار الطاقة المتجددة أما القطاعات الأخرى مجتمعة مثل الصناعة والنقل، فتساهم بنسبة 55٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم.
- الهيدروجين الأخضر والمنتجات الأخرى المشتقة منه توفر إمكانات هائلة للتخلص من الانبعاثات الكربونية في جميع القطاعات.