الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان بالمصري

منى احمد
منى احمد

أنوار الشهر الكريم تنطلق ببهجته المتجولة في كل شوارع مصر باحتفالات كرنفالية :زينات وفوانيس أضواء مبهرة  أجواء اختلطت فيها العادات بالعبادات في شكل احتفالي وخصوصية تنفرد بها مصر فرمضان مصر مختلف رغم أن العبادة بآدابها وأحكامها واحدة  إلا أن النسخة المصرية متفردة التفاصيل. 

هالة ساحرة  امتزج  فيها البعد الديني بالاجتماعي في آن واحد فهو ليس شهر روحانيات فقط بل عيد تمتد طقوسه الاحتفالية لثلاثة وثلاثين يوما حتى نهاية عيد الفطر ، تزدان فيه الشوارع وتضاء له المساجد وتمارس فيه طقوس خاصة تصبغه بصبغة مصرية خالصة جعلته غير قابل للتكرار في أي مكان آخر فالمصري المحب للحياة  لون الدين بالدنيا. 

والجميع يحتفي باليالي رمضان كلا بطريقته بداية من عمل ميزانيات خاصة بالبيوت المصرية  في الشهر الكريم وشراء سلع يطلق عليها الرمضانية إلي تواصل الأرحام وتبادل الزيارات العائلية والعزومات فهو شهر الخير والتلاحم والتكاتف بين أفراد الشعب المصري الذي يتحول لعائلة واحدة على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية وان كانت موائد الرحمن هي الملمح الأبرز الذي يعكس حالة التكافل الاجتماعي  ورمز من رموز هذا التماسك المجتمعي.

وموروثات اجتماعية لم تتوارى  مع الزمن أمام طغيان ماديات الحياة وضغوطها او تختفي بتطور ادواتها او حتي بفعل جائحة الوباء  فقد حفظها الوعي الجمعي المصري بأصالته وظلت في وجدانهم  الذي حول  جانبا كبيرًا من أداء الشعائر الفردية  إلى أداء جماعي. 

وبالتوارث من جيل لجيل ينقلونها لشعوب المنطقة بداية من مواكب استطلاع الهلال الي موائد الرحمن التي تحولت في ظل كورونا  لوجبات الخير مرورا بالمسحراتي الذي يطوف شوارع  مصر ليلا  وان اختفى هذا الملمح من المدن إلا أنه مازال موجودا في القرى والريف بالإضافة إلى سرادقات الكنافة والقطايف  والفوانيس التي تتخذ أشكالا مختلفة لتضيء كل مكان في أرض مصر المحروسة.

فرمضان مصر له سحر من نوع خاص ورموزا يكتمل بها جمال شهر الخير أبرزها صوت السماء محمد رفعت الذي يرفعك الى روحانيات آيات القرآن الكريم وابتهالات شيخ المنشدين سيد النقشبندي التي كانت تنطلق من القلب لتمس القلوب وتأخذنا إلى أجواء ايمانية بديعة وما بين العبادة والاحتفالية ينطلق صوت محمد عبد المطلب مرحبا برمضان ويشاركه المطرب احمد عبد القادر الذي لم يشتهر سوي بأغنية وحوي ياوحوي ذات الأصول الفرعونية ويأتي صوت الموسيقار سيد مكاوي في المسحراتي مع الشاعر فؤاد حداد وحكايات ألف ليلة وليلة التي مازالت تحرص عليها الإذاعة المصرية ويكتمل الشكل الاحتفالي.  

وكأن روعة الصيام وفرحته لا تكتمل إلا بهذه الرموز المحفورة في الوجدان والتي تكاملت معا في لوحة رفيعة المستوى شديدة التفرد لرمضان الطبعة المصرية بأيامه ولياليه التي لا تتكرر تفاصيلها في اي بقعة اخرى غير مصرية ورغم من ان الشعيرة دينية إلا أنها مغلفة بالروح المصرية الخالصة المتفردة الخصوصية.