دعونا نعيش فى دهاليز ثقافة العمل المصرفي وأهمية ذلك فى إطار العلاقة بين البنك والعميل، بعيداً عن تكييف هذه العلاقة وعما إذا كانت فى إطار المسؤولية العقدية التي تقوم على الإخلال بالتزام تعاقدي يختلف باختلاف ما اشتمل عليه العقد من التزامات، أو المسؤولية التقصيرية التي تقوم على الإخلال بالتزام قانوني واحد لا يتغير هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير، وبعيداً عن طبيعة التزام البنك تجاه العميل وهل هو التزام ببذل عناية أم التزام بتحقيق نتيجة، فهذه مسائل قانونية تحتاج عدة مقالات أخرى.
ودعونا فى البداية وقبل الدلوف إلى موضوع المقال أن نؤكد على أن الخدمات المصرفية هي من أهم وظائف البنوك ومنها العمليات المصرفية المتعلقة بالإئتمان (منح القروض أو التسهيلات الإئتمانية) أو الودائع أو الشيكات أو عمليات التحويل أو فتح الاعتمادات.
وفى ذات السياق تبقى ثقافة العمل المصرفي بين العميل والبنك أعمق من اختزالها فى مجرد علاقة سطحيه يسعى من خلالها العميل إلى الحصول على قرض من البنك أو توفير وعاء إدخاري يقوم به البنك، بل تلك الثقافة تقتضي من البنك تطوير السلوك المهني لموظفي البنوك وثقافة التعامل مع العميل، وحماية حقوق العميل بالتوازي مع حماية أصول البنك والالتزام بالمتطلبات الرقابية والقانونية وفلسفة الحفاظ على سرية الحسابات شريطة ألا يتعارض ذلك مع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، هذا بخلاف ضرورة اهتمام البنوك باستراتيجية التحول الرقمي من خلال تطوير البنية التحتية للاعتماد على حلول وأنظمة بنكية مواكبة للأنظمة العالمية.
وإذا كان ما سلف هو ثقافة البنك بشأن العمل المصرفي، يبقي التأكيد على أهمية ثقافة العميل فى ضرورة الالتزام بتنفيذ واجباته تجاه البنك ومنها تقديم المعلومات الكاملة والدقيقة، واستخدام الخدمة التي يقدمها البنك وفقاً للأحكام والشروط المعمول بها والتي يجب أن يطلع عليها العميل والتأكد من فهمها وملائمتها لاحتياجاته، والحذر من منح وكالة رسمية للغير لإنجاز المعاملات المالية وضرورة التأكد من حدود تلك الوكالة ونطاق نفاذها.
وفى النهاية »يجب أن نؤكد على أهمية الوعي، وهو الفهم والإدراك لما يحدث، وضرورة تحكيم العقل جيداً قبل اتخاذ القرار المناسب، ويبقى الوعي بالقانون هو الصورة الشاملة للوعي المجتمعي الذي يسعى إلى تصورات قانونية سليمة«.