هل يجوز تقديم زكاة الفطر ؟.. سؤال يتردد عبر شبكة الإنترنت حيث يتسأل البعض قائلاً هل يجوز تقديم زكاة الفطر ؟، وما حكم إخراجها قبل وقتها لموائد الرحمن أو لأسرة واحدة نظراً لظروفها المعيشية الصعبة؟
ومن خلال التقرير التالي نجيب على أسئلة هل يجوز تقديم زكاة الفطر ؟، وهل يجوز إخراج الزكاة على دفعات؟، وحكم إخراجها قبل موعدها لأسرة أو لموائد الرحمن.
هل يجوز تقديم زكاة الفطر ؟
زكاة الفطر هي نوع من الزكاوات المفروضة على من صام رمضان، وتخرج قبل أداء صلاة العيد وإلا تصبح صدقة من الصدقات، لكن يتردد في ذهن البعض حكم التعجيل بها قبل دخول رمضان حتى لا تنقضي الأيام وتنسى، وفي الإجابة عن هذا التساؤل نرصد ما ذكرته دار الإفتاء المصرية في حكم تقديم زكاة الفطر.
وتعادل زكاة الفطر صاع شعير أي نحو اثنين كيلو ونصف الكيلو جرام من القمح عن كل فرد، نظرًا لأنه غالب قوت أهل مصر، ويجوز إخراجها من أول يوم في شهر رمضان، ويستمر إلى قبل صلاة عيد الفطر المبارك، وشرط وجوب زكاة الفطر هو اليسار، أمَّا الفقير المعسر الذي لم يَفْضُل عن قُوتِه وقُوتِ مَنْ في نفقته ليلةَ العيد ويومَهُ شيءٌ فلا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنه غيرُ قادِر.
وقد شرعها الله تعالى طُهْرَةً للصائم من اللغو والرفث، وإغناءً للمساكين عن السؤال في يوم العيد الذي يفرح المسلمون بقدومه؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أغنوهم عن طواف هذا اليوم».
يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن زكاة الفطر مفروضة على كل مسلم، غنياً كان أم فقيراً، مشيراً إلى أن الفقير يمكنه إخراج زكاة الفطر مما يتحصله من زكاوات الأغنياء لأنها وجبت على الجميع فمادام وجد عندك ما يزيد عن قوت يومك يجب أن تخرجها، خلاف الزكاة الأخرى فهي مفروضة على الأغنياء دون الفقراء.
ويوضح على جمعة أن اجتماع الناس على الذكر والخير والإطعام هو أمر طيب وجميل، وأن البعض قد يعترض على موائد الرحمن، منوهاً أن موائد الرحمن لها ثواب كبير.
وأشار إلى أن كثير من الأسئلة ترد إلينا عن حكم عمل موائد الرحمن من أموال الزكاة، منوهاً أنه تجوز في حالة واحدة وهي قصر موائد الرحمن على الفقراء فقط، لافتاً إلى أن موائد الرحمن إذا كانت عامة ومفتوحة للجميع فتكون من الخيرات والتبرعات والصدقات ولا تجوز من أموال الزكاة.
حكم إخراج الزكاة على دفعات
قالت دار الإفتاء المصرية إن إخراج الزكاة يجوز في ثلاث حالات، فقد يكون مقدم، وقد يكون وقت الزكاة، وقد يكون مؤجل، على سبيل المثال زكاة شهر رمضان القادم، أقوم بإخراجها في الوقت الحالي أو في شهر رجب أو شعبان، هنا يكون إخراج الزكاة مقدم، وفي هذه الحالة يجوز تقسيم الزكاة على دفعات مادام هناك وقت على موعد الزكاة.
وأضافت: “أما إذا جاء وقت الزكاة فلا يجوز تقسيم الزكاة على دفعات، لأن في هذه الحالة يكون هناك تأخير في الزكاة، فإن كان التأخير يوم أو يومين يجوز أما بداية من شهر فلا يجوز، فالزكاة كالصلاة لها وقت محدد، فقد يتوفى صاحب الزكاة ولا يوجد من يسدد الزكاة عنه، فتبقى معلقة في رقبته، إذاً إخراج الزكاة على دفعات يجوز فقط في حالة إن كان هذا الإخراج مقدماً”.
ويكشف الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، الرأي الشرعي في تعجيل الزكاة قبل الحول على هيئة مرتبات شهرية، قائلاً إن خلاصة ما قاله أهل العلم ذلك وهو كما يلي:
ﺗﻌﺠﻴﻞ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﻮﻝ: اﺗﻔﻖ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻌﺠﻴﻞ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﻣﻠﻚ اﻟﻨﺼﺎﺏ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺑﻬﺎ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺰ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻛﺄﺩاء اﻟﺜﻤﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻴﻊ، ﻭاﻟﺪﻳﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﺘﻞ.
ﺃﻣﺎ ﺗﻌﺠﻴﻞ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻣﺘﻰ ﻭﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺏ اﻟﺰﻛﺎﺓ، ﻭﻫﻮ اﻟﻨﺼﺎﺏ اﻟﻜﺎﻣﻞ، ﻓﻔﻴﻪ ﺭﺃﻳﺎﻥ ﻟﻠﻔﻘﻬﺎء .
الرأي الأول: ﻗﺎﻝ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ: ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻄﻮﻋﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮﻝ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎﻟﻚ ﻟﻠﻨﺼﺎﺏ، ﻷﻧﻪ ﺃﺩﻱ ﺑﻌﺪ ﺳﺒﺐ اﻟﻮﺟﻮﺏ، ﻭﻟﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﻠﻲ ﻛﺮﻡ اﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﺃﻥ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺳﺄﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻴﻌﺠﻞ ﺯﻛﺎﺓ ﻣﺎﻟﻪ ﻗﺒﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ، ﻓﺮﺧﺺ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻷﻧﻪ ﺣﻖ ﻣﺎﻝ ﺃﺟﻞ ﻟﻠﺮﻓﻖ، ﻓﺠﺎﺯ ﺗﻌﺠﻴﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﺟﻠﻪ ﺃﻭ ﻣﺤﻠﻪ، ﻛﺎﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﺆﺟﻞ ﻭﺩﻳﺔ اﻟﺨﻄﺄ، ﻓﻬﻲ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺤﻘﻮﻕ، وحديث علي رضي الله عنه ﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ، ﻭﺫﻛﺮ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﺃﻧﻪ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺮﺳﻼ ﻭﺃﻧﻪ ﺃﺻﺢ (ﻧﻴﻞ اﻷﻭﻃﺎﺭ: 149/ 4).
الرأي الثاني: ﻗﺎﻝ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻭاﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ: ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﺧﺮاﺝ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﻮﻝ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﺼﻼﺓ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺰ ﺇﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﻗﺖ، ﻭﻷﻥ اﻟﺤﻮﻝ ﺃﺣﺪ ﺷﺮﻃﻲ اﻟﺰﻛﺎﺓ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺰ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻋﻠﻴﻪ، ﻛﺎﻟﻨﺼﺎﺏ.
وشدد على أن الراجح أنه يجوز تقديم الزكاة قبل موعدها لمدة عام أو عامين كما رجحه بعض العلماء، وعلى هذا فلا حرج على المسلم في إخراج زكاة ماله قبل الحول على هيئة راتب شهري على أن يتم الحساب كاملا آخر الحول، بل إن هذا يعد من الرفق بالأسر الفقيرة وهو الأصلح في زماننا.
حكم إخراج زكاة المال في شكل إفطارٍ للصائمين
حكم إخراج زكاة المال في شكل إفطارٍ للصائمين .. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.
وقالت دار الإفتاء، في فتوى ، إن تفطير الصائمين أو ما يُعْرَف بـ"موائد الرحمن" مظهرٌ مشرقٌ من مظاهر الخير والتكافل بين المسلمين، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَن فَطَّرَ فيه -أي في رمضان- صائِمًا كان مَغفِرةً لذُنُوبِه وعِتقَ رَقَبَتِه مِنَ النَّارِ، وكان له مِثلُ أَجرِه مِن غيرِ أَن يَنقُصَ مِن أَجرِه شَيءٌ» رواه ابن خزيمة، لكنها لما كانت تجمعُ الفقيرَ والغنيَّ فإن الإنفاق فيها يكون من الصدقة لا من الزكاة، إلا إذا اشترط صاحب الطعام أن لا يأكل منه إلا الفقراء والمحتاجون وأبناء السبيل، فحينئذٍ يجوز إخراجها من الزكاة.
هل يجوز تغيير النية بعد إخراج الصدقة
هل يجوز تغيير النية بعد إخراج الصدقة؟.. سؤال أجاب عنه الشيخ على فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال البث المباشر المذاع على صفحة دار الإفتاء وذلك عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.
وأوضح فخر، قائلًا: " أنه لو نوى إخراج صدقة لشخص ما ولكنه أعطاها لشخص اخر فلا شئ فى هذا، أما أنه لو نوى إخراج الصدقة ثم بعد أن أخرجها تغيرت نيته من صدقة الى زكاة فلا يصح هذا لأن الأعمال بالنيات.
حكم إخراج أموال الزكاة بنية الصدقة
قال الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا مانع من التصدق عن المتوفين من أموال الزكاة، إلا أنه لا يسع الإنسان أن يُخرج الزكاة بنية الصدقة.
وأوضح «فخر»، خلال استضافته بأحد القنوات الفضائية ، في إجابته عن سؤال: « هل يجوز للرجل إخراج صدقة على روح زوجته وأمه المتوفاة من أموال الزكاة؟»، أنه لا مانع من التصدق من مال الزكاة، لكن في هذه الحالة لا يكون إنفاقه تحت مُسمى الصدقة، وإنما الزكاة، منوهًا بأن الزكاة واجبة وفرض وركن من أركان الإسلام.
وأضاف أنه لا يصح إخراج أموال الزكاة بنية الصدقة، وإنما يمكن التقرب إلى الله بهذه الزكاة والدعاء بأن يرحم الله تعالى المتوفين بهذه الزكاة، منبهًا إلى أنه لا يسع الإنسان إخراج الزكاة بنية أخرى، وإنما ينبغي أن تخرج بنية الزكاة وفي مصارف الزكاة.
حكم الزكاة في أموال الصبي والمجنون
ومن خلال البث المباشر للأزهر الشريف من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، جاء بأن الإمام أبو حنيفة قال بأنها لا تجب كون الزكاة من العبادات وتشترط في صحتها البلوغ والعقل وخلافه، فيما رأي جمهور الفقهاء على أنها تجب على الجميع لقوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، أي أن الأمر مرتبط بمال مر عليه الحول دون النظر لمن يملكه.
فيما أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن جمهور العلماء يرى في أن حكم الزكاة واجبة في مال الصبي القاصر، ومال السفيه، أو المجنون المحجور عليه، وهذا هو الذي عليه الفتوى، لأنه حق يتعلق بالمال فلا يسقط بالصِّغَر أو السَّفَه أو الجنون.
واستشهدت "الدار"، بقوله تعالى: "خُذ مِن أَموالِهم صَدَقةً تُطَهِّرُهم وتُزَكِّيهم بها وصَلِّ عليهم إنّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لهم واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"، وقوله صلى الله عليه وسلم فى وصيته لمعاذ بن جبل، رضى الله عنه حين أرسله إلى اليمن: "فأَعلِمهم أنّ اللهَ افتَرَضَ عليهم صدقةً فى أموالهم تُؤخَذُ مِن أغنيائهم وتُرَدّ إلى فقرائهم"، رواه مسلم، لافتة: "القُصَّر والسفهاء والمجانين تُرَدُّ فيهم الزكاة إذا كانوا فقراء، وتُؤخَذ منهم إن كانوا أغنياء، وذلك لما رواه الإمام الشافعى عن يوسف بن ماهَك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ابتَغُوا فى أموال اليتامى، ولا تَستَهلِكها الصَّدَقةُ"، وهو مرسل صحيح يعتمد عليه.
وأوضحت دار الإفتاء أنه ينوب عن القاصر أو المجنون أو السفيه وَلِيُّه فى إخراجها، بشرط أن يكون هذا المال فائضًا عن نفقة الصبى، وحاجته الأصلية وأن يبلغ هذا المال النصاب ويحول عليه الحول القمرى ويخرج عليه ربع العشر، وأما عن زكاة الأسهم فى البورصة فإنها تكون على الأسهم الخاصة بالمؤسسات والأنشطة التجارية، حيث تكون الزكاة عليها من جنس زكاة التجارة، بينما لا زكاة على الأسهم الخاصة بمؤسسات وأنشطة خِدمية أو صناعية أو إنتاجية، وبالعموم غير التجارية.