إشارات إيجابية خافتة تسربت عقب اجتماع وفدي التفاوض الروسي والأوكراني أمس في مدينة إسطنبول التركية، وبدت للمرة الأولى بوادر ملموسة على تقارب المواقف بين الطرفين واستعدادهما لتقديم تنازلات من أجل وقف الحرب.
حياد أوكرانيا مقابل الضمانات الأمنية
وكشفت روسيا عن مقترحات أوكرانيا في جولة مباحثات أمس الثلاثاء في تركيا، مشيرة إلى أنها تتركز على الضمانات الأمنية. وأضافت أن أوكرانيا اقترحت أن تكون دولة حيادية غير نووية خارج أي تحالفات.
وأوضحت موسكو أن "الضمانات الأمنية لأوكرانيا لا تنطبق على القرم ودونباس".
ولفتت إلى أن أوكرانيا تعهدت بعدم الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية أو نشر قوات أجنبية على أراضيها، "كما تعهدت بالحصول على موافقتنا المسبقة لاستضافة أي قوات أجنبية".
وأعلنت روسيا عن عدم معارضتها انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. وأضافت أن أوكرانيا طلبت صياغة الاتفاق النهائي خلال قمة تجمع الرئيسين فلاديمير بوتين مع زيلينسكي.
وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن وفدي التفاوض الروسي والأوكراني اتفقا على بعض المسائل، في وقت أعلن فيه رئيس الوفد الأوكراني ميخائيلو بودولياك عن إحراز تقدم كاف في المحادثات بما يسمح بعقد لقاء بين رئيسي البلدين.
وقال وفد التفاوض الأوكراني: "سنوافق على وضع الحياد بشرط وجود ضمانات أمنية"، مشيرا إلى أن إسرائيل وتركيا وبولندا وكندا قد تكون من الدول الضامنة.
وهذه المرة الأولى التي يلتقي فيها وفدا البلدين اللذين وصلا في اليوم السابق إلى تركيا، بعد جولات عدة من المحادثات عبر الفيديو.
وذكر التلفزيون الأوكراني أن المحادثات مع روسيا بدأت دون أن يتصافح أعضاء الوفدين. وقال مراسل أوكراني: "كان هناك ترحيب بارد ولم تكن هناك مصافحة"، دون أن يوضح ما إذا كان قد شهد اجتماع الوفود أو أن المسؤولين أبلغوه بذلك.
وقال ميخائيلو بودولياك المستشار السياسي للرئيس فولوديمير زيلينسكي على "تويتر" إن الوفود ستبحث "البنود الأساسية لعملية التفاوض. تعمل الوفود بشكل متواز على مناقشة مجموعة كاملة من القضايا الخلافية".
ولم يحدث توافق بشأن الضمانات الأمنية بعد، وتسعى كييف إلى إدراج تركيا ضمن الدول الثماني الضامنة لأي اتفاق مبرم. وقال الوفد الروسي إنه سينقل مقترحات الطرف الأوكراني إلى الرئيس، فلاديمير بوتين، للاطلاع عليها واتخاذ القرار بشأنها.
قرار روسي بتهدئة العمليات العسكرية
وقال نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين، عضو الوفد الروسي المفاوض في جولة المحادثات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في تركيا، إن موسكو اتخذت قرارا يقضي بـ "تخفيف حدة العمليات العسكرية" في مدينتي كييف وتشيرنيهيف.
وأضاف فومين أن الخطوة الروسية تهدف إلى "تعزيز اجراءات الثقة المتبادلة وتهيئة الظروف المناسبة لإنجاح المفاوضات"، لكن عددا من الزعماء الغربيين أعربوا عن شكوكهم بشأن نوايا روسيا.
شكوك غربية في نوايا روسيا
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الوقت سيبين ما إذا كانت موسكو ستلتزم بتعهداتها، مضيفا أن واشنطن وحلفاءها سيستمرون في مساعدة أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا.
وبدوره قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بعد محاددثات هاتفية مع قادة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، إنه يجب الحكم على موسكو من خلال أفعالها وليس أقوالها.
وكانت جولة مفاوضات مباشرة انطلقت صباح يوم الثلاثاء بين الوفدين الروسي والأوكراني في قصر "دولما بهتشه" التاريخي، في مدينة اسطنبول التركية.
واجتمع المفاوضون الأوكرانيون والروس للمرة الأولى منذ أسبوعين، في الوقت الذي تسعى فيه كييف إلى وقف إطلاق النار دون التنازل عن الأراضي أو السيادة.
وافتتح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، جولة المفاوضات الجديدة بكلمة قال فيها: "دخلنا مرحلة تحقيق نتائج حاسمة في هذه المفاوضات، لدى الطرفين مخاوف مشروعة ويمكن التوصل إلى حل خلال هذه المفاوضات يضمن مصالحهما معا". ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وقال إن وقف المأساة "متروك لكلا الجانبين".
وأضاف أردوغان: "بادرنا بجهود صادقة على كل السبل لوقف هذا التصعيد الذي دخل أسبوعه الخامس، ولم نتخل عن مسؤوليتنا في تحقيق السلم والأمن في المنطقة، واستمرار الصراع لا يخدم أي طرف"، حسب تعبيره.
زيلينسكي يعترف: يستحيل إخراج روسيا من جميع أراضي أوكرانيا
يأتي ذلك في وقت أبدى فيه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق، استعداده للنظر في حياد بلاده، بمعنى عدم تحالف أوكرانيا عسكريا مع دول أخرى، وهو مطلب كان قد رفضه من قبل.
وأكد أن الخطوة الجديدة لن تُتخذ إلا بناء على استفتاء، أو انسحاب من جانب القوات الروسية.
وعلى الرغم من ذلك اعترف زيلينسكي، في وقت سابق، بأنه سيكون من "المستحيل" إخراج روسيا من جميع الأراضي الأوكرانية، وقال إن ذلك يعني اندلاع "حرب عالمية ثالثة".
بيد أنه أضاف أن مفاوضيين من كييف يدرسون مطلبا روسيا بالحياد الأوكراني، وقال قبل المحادثات: "هذه النقطة من المفاوضات مفهومة بالنسبة لي وهي محل مناقشة ودراسة بعناية".