اتمت الحرب الروسية الأوكرانية، شهرا كاملا، حيث إن اليوم الجمعة هو اليوم 30 بعدما بدأ القتال في 24 فبراير الماضي، وتستمر حتى الآن الاشتباكات بين القوات الروسية الأوكرانية، والتى غلب على أكثرها قصف روسي بالمدفعية والقوات الجوية والصاروخية، وكانت أخر الرشقات، قد أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية، في ساعات الصباح الأولى، باستهداف وتدمير أكبر موقع لتخزين الوقود للجيش الأوكراني الذي يقع خارج كييف، وذلك عبر هجوم صاروخي.
استمرار القصف الروسي
وقال المتحدث باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، إن الضربة وقعت تحديدا في ساعات الخميس المتأخرة، باستخدام صواريخ "كاليبر" أطلقت من البحر، موضحا أن المستودع المستهدف كان يستخدم لإمداد القوات الأوكرانية في وسط البلاد بالوقود، أما على المسرح الدبلوماسي، فقد رفضت المجر اليوم، طلبا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتزويد أوكرانيا بالأسلحة ودعم العقوبات على قطاع الطاقة الروسي، وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في مقطع مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إن طلبات زيلينسكي "تتعارض مع مصالح المجر"، وأن العقوبات على قطاع الطاقة الروسي "ستعني أن الاقتصاد المجري سيتباطأ ثم يتوقف في غضون لحظات".
المجر تتخلى عن أوكرانيا
كان الرفض المجري بعد خطاب الرئيس زيلينسكي، أمس الخميس خلال اجتماعه مع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، موجها كلامه على وجه التحديد لرئيس الوزراء المجري، الذي تعتبر بلاده أقرب حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتن في الاتحاد الأوروبي، وقال زيلينسكي: "اسمع فيكتور، هل تعرف ما يحدث في ماريوبول؟ أريد أن أكون منفتحا مرة واحدة وإلى الأبد، ويجب أن تقرر بنفسك ما هو موقفك".
ورفضت المجر، وحدها من بين دول الاتحاد الأوروبي المجاورة لأوكرانيا، تزويد جارتها بالأسلحة، ورفضت السماح لشحنات الأسلحة بعبور حدودها إلى أوكرانيا.
من جانبه أعلن أوربان، رئيس الوزراء المجري اليوم، أن 85% من الغاز المجري، وأكثر من 60% من النفط يأتي من روسيا، وأن منع صادرات الطاقة الروسية سيجبر المجريين على دفع ثمن الحرب.
زيلينسكي يطلب دعم أوكرانيا عسكريا
كان اجتماع حلف شمال الأطلسي "الناتو" رفيع المستوى ، وحضره قادة الدول الأعضاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، كما ألقى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي كلمته عبر الفيديو دعا خلالهاإلى دعم أوكرانيا بـ 1% من دبابات وطائرات الحلف، وقال زيلينسكي: "أطلب منكم إعادة النظر في موقفكم وتقييمكم واهتمامكم بالأمن، بإمكانكم توفير 1% من دباباتكم، و1% من طائراتكم، وليس بوسعنا أن نشتري تلك الأسلحة، حيث تعتمد تلك الإمدادات فقط على قرار الناتو".
وأضاف أنه ينتظر من الناتو اتخاذ قرارات وإعطاء ضمانات موثوقة تحقق السلم الحقيقي، كما تنتظر أوكرانيا إيصال الأسلحة ومن بينها راجمات الصواريخ والدفاعات الجوية، لافتًا إلى أن كييف بإمكانها تأمين أوروبا في وجه روسيا، مجددا الدعوة إلى قبول انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتوقف عن استخدام النفط الروسي، ومنع رسو السفن الروسية في الموانئ الأوروبية.
الناتو يعزز قواته ويوجه رسالة للصين
ومن جانبه، أعلن حلف الناتو أنه سيقوم بتزويد أوكرانيا بالمعدات القتالية وأخرى للتعامل مع أي هجمات كيميائية من روسيا، وأكد في بيان تلاه أمين عام الحلف ينس ستولتنبرج ، أن هجوم روسيا على أوكرانيا هو أخطر تهديد للأمن الأوروبي منذ عقود، وبالتالي سيتم نشر المزيد من الطائرات القتالية ورفع قدرة الحلف في شرق أوروبا، معلنا الموافقة على إضافة 4 كتائب عسكرية جديدة لدي الحلف ليصبح الإجمالي 8 مجموعات قتالية.
ودعا الناتو جميع الدول، بما في ذلك جمهورية الصين الشعبية، إلى دعم النظام الدولي ومبادئ السيادة والسلامة الإقليمي، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، والامتناع عن دعم روسيا عسكريًا بأي شكل من الأشكال، والامتناع عن أي عمل يساعد روسيا في الهروب من العقوبات المفروضة عليها.
وأعرب البيان عن قلق القادة من التعليقات الأخيرة لمسؤولي جمهورية الصين الشعبية، مضيفًا: "ندعو الصين إلى التوقف عن تضخيم روايات الكرملين الكاذبة، ولا سيما بشأن الحرب وحلف شمال الأطلسي، والترويج لحل سلمي للصراع".
في هذا الصدد، كشف الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، وخبير العلاقات الدولية، أن الناتو لن يصدر أي تجاوب لمطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وستبقى الأمور في إطارها الرمزي، رغم الوعود التي تم إصدارها الفترة الماضية، قبل اجتماع الناتو، بشأن إرسال الذخائر والسلاح والمعدات، ولكن لن يكون هناك سلاح في مسرح العمليات.
أسباب فشل دعم أوكرانيا
وأضاف فهمي، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن أمريكا أعلنت عن حزمة مساعدات بقيمة 13.5 مليار دولار، وما يعوق ذلك ليس عدم وجود نوايا جيدة، وإنما هناك مشكلات تتعلق بأمرين هما:
- استهداف روسية للقوافل العسكرية والمساعدات التي سوف تدخل من بولندا.
- إعلان روسيا أن اي دولة من دول الناتو ستتدخل في العمليات ستصبح مستهدفة وبالتالي هناك خوف من أن تكون بولندا مسرح العمليات التالي.
وتابع: "لهذه الأسباب لا يتم إرسال سلاح بصورة مباشرة، تخوفا من روسيا وصعوبة الأمر لوجيستيا وصعوبة النقل، موضحا أن الحلف منقسم الآن في التعامل مع الشأن الأوكراني، ويواجه أزمات حقيقية هيكلية متعلقة بمهامه ودوره في العمليات العسكرية، وإن مشاركة أمريكا وبايدن في اجتماعات الحلف ما هي إلا رسائل طمأنة لدول الحلف في الجبهة الشرقة التي قد تصبح مسرح العمليات التي.
تحذيرات الناتو للصين وطلب التهدئة
ولفت إلى أن الناتو قد حذر الصين من تقديم مساعدة إلى روسيا ولكنه يحتاج إلى أن تلعب الصين دور الوسيط المباشر ولكن تبقى رسائله رمزية غير مؤثرة والصين لن تستمع له، والرئيس الصين أعلنأنه لن يتم توسيع الحلف شرقا بأي صورة، وبالتالي هدف الحلف الأن هو إدخال الصين كوسيط مباشر وهو ما طلبه الرئيس الامريكي نفسه، بهدف وضع ترتيبات أمنية أهمها عدم توسع الحلف شرقا، أو عمل أي تحركات أوتدريبات ومناورات بالقرب من مناطق الأمن القومي للشرق.
أما عن المواجهة بين الصين والغرب بشأن تايوان، أوضح فهمي أنها مؤجلة الآن الى أن تنتهي المواجهة مع روسيا وأوكرانيا لتبدأ ترتيبات مواجهة اخرى فيما بعدد، كما أن الصين لن تفتح ملف تايوان الآن لاعتبارات متعلقة بطبيعة الملف لكن الأولية هي الاستفادة من دخول الصين الأزمة الروسية الأوكرانية وفي ولعب دور الوسيط ثم بعد ذلك الحديث عن الترتيبات الأمنية الشاملة.