عقد حلف شمال الأطلسي "الناتو" اجتماعا رفيع المستوي، اليوم، بحضور قادة الدول الأعضاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، كما ألقى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي كلمة عبر الفيديو دعا خلالهاإلى دعم أوكرانيا بـ 1% من دبابات وطائرات الحلف.
وقال زيلينسكي: "أطلب منكم إعادة النظر في موقفكم وتقييمكم واهتمامكم بالأمن، بإمكانكم توفير 1% من دباباتكم، و1% من طائراتكم، وليس بوسعنا أن نشتري تلك الأسلحة، حيث تعتمد تلك الإمدادات فقط على قرار الناتو".
وأضاف أنه ينتظر من الناتو اتخاذ قرارات وإعطاء ضمانات موثوقة تحقق السلم الحقيقي، كما تنتظر أوكرانيا إيصال الأسلحة ومن بينها راجمات الصواريخ والدفاعات الجوية، لافتًا إلى أن كييف بإمكانها تأمين أوروبا في وجه روسيا.
وجدد زيلينسكي الدعوة إلى قبول انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتوقف عن استخدام النفط الروسي، ومنع رسو السفن الروسية في الموانئ الأوروبية.
زيادة قدرة الناتو العسكرية
ومن جانبه، أعلن حلف الناتو أنه سيقوم بتزويد أوكرانيا بالمعدات القتالية وأخرى للتعامل مع أي هجمات كيميائية من روسيا.
وأكد الناتو في بيان له تلاه أمين عام الحلف ينس ستولتنبرج ، أن هجوم روسيا على أوكرانيا هو أخطر تهديد للأمن الأوروبي منذ عقود.
كما أعلن الحلف نشر المزيد من الطائرات القتالية في شرق أوروبا، وأن رفع قدرة الحلف القتالية ستستمر في شرق أوروبا.
وقال أمين عام حلف الناتو، إن عمليات روسيا في أوكرانيا أدت إلى تقويض السلام في أوروبا، وأضاف أن أي استخدام روسي للأسلحة المحرمة سيؤدي إلى عواقب وخيمة.
وأعلن ستولتنبرج الموافقة على إضافة 4 كتائب عسكرية جديدة لدى الحلف ليصبح لدى الحلف 8 مجموعات قتالية، مؤكداً أن دول الحلف قررت زيادة الإنفاق على الدفاع.
تصاعد الأزمة بين روسيا والغرب
وفي هذا الصدد، قال رامي إبراهيم الباحث في الشؤون الدولية، إن القمم الثلاث التي ضمت كلا من دول أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، دارت جميعها حول تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وكيفية مواجهة موسكو التي يتصاعد نفوذها بصورة كبيرة في مناطق مختلفة حول العالم.
وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن اتفاق قادة دول الناتو على تعزيز الجناح الشرقي للحلف في محاولة منهم لمواجهة الهجوم العسكري الذي شنته روسيا على أوكرانيا، وتحذيرهم لموسكو من استخدام الأسلحة الكيماوية، يؤكد تصاعد حدة الأزمة وأن الغرب يريد محاصرة موسكو من خلال تقديم الدعم العسكري واللوجيستي لكييف دون تدخل مباشر.
إطالة أمد الحرب
وأشار إلى أن كافة المعطيات التي من ضمنها مطالبة الصين بعدم تقديم أي دعم للعمليات العسكرية التي أطلقتها روسيا، تؤكد أن هناك رغبة قوية لدى الولايات المتحدة إطالة أمد الحرب لاستنزاف موسكو عسكريا واقتصاديا وجرها إلى مستنقع على غرار ما فعلوا بالاتحاد السوفيتي في أفغانستان.
ولفت إلى أن مناشدة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، القادة الغربيين إمداده بمقاتلات ودبابات وأنظمة دفاع من أجل التصدي للقوات الروسية، تعطي إشارة واضحة وقوية على إطالة أمد الأزمة وأن المفاوضات الجارية لم تسفر عن أي تقدم حتى الآن.
الحد من الآثار الاقتصادية
ورأى الباحث في الشؤون الدولية، أن القمم الثلاث تستهدف الحد من الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية، خاصة فيما يتعلق بدول الاتحاد الأوروبي التي بدأت تتعرض لهزات اقتصادية عنيفة، والتي شهدت ارتفاعات كبيرة في الأسعار ما قد يخلق أزمات إنسانية وسياسية كبيرة داخل أوروبا.
وأضاف أن المباحثات التي دارت في العاصمة بروكسل تطرقت أيضا لإيجاد حلول لأزمة اللاجئين الأوكرانيين، ومعالجة نقص إمدادات النفط والغاز، إلى جانب دراسة حزمة من الإجراءات السريعة لاحتواء هذه الأزمات التي قد تجعل القارة الأوروبية في مواجهة حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، خاصة في ظل المطالب بزيادة الانفاق العسكري وضمان مساندة الولايات المتحدة للقارة العجوز حال ما اتسع نطاق العمليات وطالت عددا من الدول الأعضاء.
البيان الختامي لحلف الناتو
وأصدر قادة حلف الناتو بيانًا مشركًا حول اجتماع اليوم لمناقشة التصدي للعدوان الروسي على أوكرانيا، لافتين إلى أنه أخطر تهديد للأمن الأوروبي الأطلسي منذ عقود، وأدى إلى تقويض السلام في أوروبا، وتسبب في معاناة بشرية ودمار هائلين.
وأكد البيان، الوقوف بشكل كامل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وحكومة وشعب أوكرانيا، مضيفًا: "نكرم جميع القتلى والجرحى والنازحين جراء العدوان الروسي وكذلك أسرهم، ونعيد التأكيد على دعمنا الثابت لاستقلال وسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا، داخل حدودها المعترف بها دوليًا والتي تمتد إلى مياهها الإقليمية".
وذكر البيان أن أوكرانيا لديها حق أساسي في الدفاع عن النفس، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، قائلًا إن الحلف قدم منذ عام 2014، دعمًا مكثفًا لتمكين أوكرانيا من ممارسة هذا الحق.
وتابع: "لقد دربنا القوات المسلحة الأوكرانية، وعززنا قدراتها العسكرية، وكثف حلفاء الناتو دعمهم وسيواصلون تقديم المزيد من الدعم السياسي والعملي لأوكرانيا بينما تواصل الدفاع عن نفسها".
وأعلن البيان عن مواصلة حلفاء الناتو تقديم المساعدة لأوكرانيا في مجالات مثل: الأمن السيبراني، والحماية من التهديدات ذات الطبيعة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، إضافة إلى دعم إنساني مكثف لكييف واستضافة ملايين اللاجئين.
وذكر البيان، أن دول حلف الناتو ستظل متحدة بشأن مواجهة محاولات روسيا تدمير أسس الأمن والاستقرار الدوليين، لافتًا إلى فرض عقوبات ضخمة وتكبيد روسيا تكاليف سياسية باهظة، من أجل إنهاء هذه الحرب.
ولفت البيان إلى مواصلة دول الناتو الضغط الدولي على روسيا، مستطردًا: "سنواصل التنسيق بشكل وثيق مع أصحاب المصلحة المعنيين والمنظمات الدولية الأخرى، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، ولا يزال التنسيق عبر المحيط الأطلسي حاسمًا للاستجابة الفعالة للأزمة الحالية".
ودعا البيان جميع الدول، بما في ذلك جمهورية الصين الشعبية، إلى دعم النظام الدولي ومبادئ السيادة والسلامة الإقليمي، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، والامتناع عن دعم روسيا عسكريًا بأي شكل من الأشكال، وكذلك الامتناع عن أي عمل يساعد روسيا في الهروب من العقوبات المفروضة عليها.
وأعرب البيان عن قلق القادة من التعليقات الأخيرة لمسؤولي جمهورية الصين الشعبية، مضيفًا: "ندعو الصين إلى التوقف عن تضخيم روايات الكرملين الكاذبة، ولا سيما بشأن الحرب وحلف شمال الأطلسي، والترويج لحل سلمي للصراع".