في عيد الأم يزداد التأكيد على أنها صاحبة المرتبة الأعظم والمكانة الأهم بين كل البشر خاصة لأولادها من البنين والبنات، ففي كثير من الأحوال تكون هي الحانية المتحملة للصعاب في سبيل راحة أولادها بكل رضا وصبر لا مثيل لهما، ومن بين كل الأمهات كان للسيدة محروسة سالم نصيب من التقدير الرفيع من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي جبر بخاطرها ودعمها اعترافاً من سيادته بأنها تستحقه بجدارة، فما هي حكاية «الست محروسة»؟.
صدمة ودموع سيطرت على السيدة محروسة سالم، صاحبة قصة التحدي الكبيرة من على كرسيها المتحرك بعد مكالمة الرئيس عبد الفتاح السيسي لها أمس الأحد خلال لقائها ببرنامج «من مصر» المُذاع عبر فضائية «سي بي سي» حيث جبر الرئيس الإنسان بخاطرها بعد الاستماع لقصتها مستجيباً لكل طلباتها، وداعياً لها بكل خير، وطالباً منها الدعاء لمصر.
الرئيس السيسي لمحروسة: حضرتك نموذج جميل بجهدك وعملك وأصلك
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي للسيدة محروسة سالم في مكالمة مفاجئة: «والله الست المصرية دايما مثال عالي وراقي، متشرف بيكي وبجهدك، وتحت أمرك، واسمحيلي أحقق ليكي كل اللي بتمنيه، وإني أقف جمبك، وربنا يبارك لك في أولادك نورهان وأحمد، وتشوفيهم أشطر مهندسة وظابط، وأوعي تحرمينا من دعواتك الطيبة، انت نموذج جميل بجهدك وعملك وأصلك، هنعمل كل شيء مطلوب ليكي، رضاكم يا بنتي هي دي الأمنية والحلم بالنسبة لي، يا رب يعنينا على دا، انت تطلب وتؤمري واحنا ننفذ، الرسالة واضحة، شوفوا واتفرجوا واتعلموا، ربنا يحميكي ويعينك ويسترك ويراضيكي ويعوض عليكي، ودعواتك الطيبة معانا».
الست محروسة: مكالمة الرئيس ليه حلم لم أكن أتوقعه ولم أنم من الفرحة
وعلقت السيدة محروسة في تصريح خاص لموقع «صدى البلد» على مكالمة الرئيس لها قائلةً: «مش مستوعبة حتى الآن إنه الرئيس كلمني، ولا قادرة أنام من الفرحة، دا كان حلم بالنسبة لي لم أكن أتوقع تحققه، خاصة إني بقالي فوق الـ 8 شهور نفسي أوصل لسيادته صوتي وشكوتي، ولما كلمني اليوم حسيت إني في ليلة قدر، وأول ما سمعت صوت سيادته حسيت بصدمة وكأني متكهربة والله، وعرفت إنه مسؤولين بالرئاسة سيتواصلون معي اليوم لمعرفة جميع متطلباتي وتنفيذها، وشكراً لأنكم الموقع الوحيد اللي نشرتم عن مشكلتي الكبيرة منذ بدايتها، وليس قصة كفاحي فقط».
محروسة سالم: كلمة ماما سر تحملي المسؤولية برضا وقوة وصبر
محروسة سالم سيدة مصرية أصلية تبلغ من العمر 42 عاماً تقوم على رعاية وإعالة أسرتها بالكامل المكونة من زوج قعيد الفراش بسبب إصابته بعدة أمراض، وفتاة جميلة تدعي نورهان تبلغ من العمر 17 عاماً، وطفل يدعي أحمد يبلغ من العمر 10 سنوات، فلم يوقفها الشلل الحركي عن المعافرة وتوفير مصدر دخل لأولادها برحلة عمل يومية على تروسيكل إضافة إلى العمل في عدة أشغال.
وفي تقرير سابق لها مع موقع «صدى البلد» قالت السيدة محروسة: «شخصية ما سألتني قبل كدا إزاي مستحملة بظروف تعبك تشتغلي على التروسكيل بقالك 10 سنين وفي بيع شغل الهاند ميد وشوية خضار، وجمبه قايمة بكل شغل البيت ورعاية أولادك، والحقيقة ما عنديش إجابة غير إنه اللي بيحركني وي دائماً هي “كلمة ماما” فهي اللي بتخليني أعمل كل دا، وعلشان أجمع ثمن التروسيكل بشقايه وعرقي كنت بشتغل “زي القرد” كوافيرة سيدات لحد ما لميت 4600 وكان دا أول تمن تروكسيل اشتريه في حياتي، ورغم إني بدأت معايه فيه بحادثة إني دلخت في عربية إلا إني اصريت إني أكمل مشوار الشقا، وبيقت أنا وأولادي فريق عمل لكسب الرزق الحلال مع الاهتمام بدراستهم ومواهبهم، فنورهان تدرس فن المسرح، وأحمد حاصل على جوائز في الشعر».
محروسة: ظللت أعاني لمدة 9 أشهر مع المحافظة حتى أتت مكالمة الفرج
وكشفت السيدة محروسة في تصريح حصري لها مع موقع «صدى البلد» تفاصيل أزمتها التي استمرات لمدة 9 أشهر، وتطوراتها قائلةً في 21 يونيو 2021: « فؤجئت بأني أدين لرئاسة حي السلام ثاني بمحافظة القاهرة بمبلغ قدره 8600 في الفترة من شهر 5/ 2018 حتى شهر 12/ 2020، وذلك وقت تجديد رخصة الكشك الذي يعد أهم مصدر رزق لي حالياً حيث أعيل من خلاله عائلتي، فعندما ذهبت لتجديد الرخصة وجدت الدين بلغ قدره 10 الآلآف و 600 جنيه، ونظراً لتأخري في السداد أُرسل إلي إنذار أخير في 1/ 4/ 2021 بأنه قد تم إتخاذ الإجراءات القانونية ضدي، لحين سداد مبلغ قدره 40.800، أي أضعاف الأخير.
ولم تتحمل محروسة والتي زاد عليها الحمل أضعافًا في الفترة الأخيرة نتيجة مرض زوجها والسند الأكبر في حياتها منذ 10 سنوات بصرع ومشاكل في الرئة وشيخوخة مبكرة الأزمة التي تمر بها خاصة بعد غلق مطعم أنشاءته بتمويل من أحد الأشخاص لذوي القدرات بعد أقل من شهرين من افتتاحه، فلم يعد أمامها سوى البحث عن حل لمشكلتها، فأرسلت بشكوي لرئاسة مجلس الوزراء ليأتي رد المحافظة بإمكانية دعمها من خلال تقسيط مبلغ الـ 40.800 شهريًا بشرط أن تنتهى من سداده قبل نهاية العام.
وشعرت محروسة سالم بالعجز التام أمام قرار المحافظة فهي لا تقدر على سداد مبلغ 3000 الآلآف شهريًا خاصة أنها تتكفل وحدها بمصاريف إيجار منزلها وعلاجها وعلاج زوجها وكشف الأطباء والتحاليل الدورية اللازمة إضافة إلى مصاريف أبنائهما من خلال العمل على مدار ما يقرب من 20 ساعة يومياً بين أعمال المنزل، ومنتجات هاند ميد، وشراء الخضار من سوق العبور باستخدام التروكيسل الخاص بها ثم بيعه للزبائن، فهي تعمل في أكثر من مهنة حتى تتمكن من تغطية مصاريف بيتها ولا تمد يدها إلى أحد من الناس فهذا يتعارض مع عزة نفسها التي لا تترضى سوى بالعمل.
وصلت الأزمة بالسيدة محروسة إلى جرأة إعلان بيع كليتها للبيع
وعن قرار وجرأة بيع كليتها من أجل سداد الدين الواجب عليها في «فيديو» كانت تعرض فيه مشكلتها على صفحة بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تقول الست محروسة سالم باكية وهي تنظر من شباك بيتها المتواضع بأحد المناطق البسيطة بحي مدينة نصر إلى السماء كل يوم من اشتداد الأزمة عليها: « في وقت العجز ما فيش تفكير في بيع أعضاء من عدمه، أنا متعلق في رقبتي عيلة كاملة، ومحدش يقدر يقدر اللي بمر فيه نفسياً دلوقت، أنا أكتر ست معاقة عاوزة تشتغل، أكتر واحدة ما بتطلبش جنيه من حد، وأكتر ست بتحب تكرم أي شخص أو ضيف ليها رغم إني اللي بعمل كل حاجة بنفسي جوه البيت وخارجه».
أما عن دافعها القوي إلى القيام بمثل هذا التصرف، فتشير «محروسة» مبررةً: « كنت عاوزة أحل المشكلة أسرع وقت، لأني ما بحبش أخلي عيالي ياخدوا حاجة من حد، فطلبت من ناس تساعدني أعرض كليتي للبيع، وللأسف الشديد في ناس بعتت لي كتير على الخاص، واللي كان عاوز يشترها بـ 40 أو 50 ألفا، وأعمل التحاليل وأدخل العميلة على الفور، لكني اتأنتيت في تفكيري على أمل حدوث استجابة بحل نهائي، هعمل إيه بعد كدا في دين كل سنة، هل هبيع كليتي ولا عيل من عيالي، ودا عمري ما أقدر على التفكير فيه».
واختتمت السيدة محروسة سالم: «طلبي الوحيد إنه الكشك بتاعي يكون استثناء من حق انتفاع، أنا ما عنديش هايبر، دا حتة كشك وأنا ظروفي استثنائية كواحدة من ذوي القدرات، مش معقولة كل سنة ادفع علي الكشك ديون تصل إلى 40 ألفا، أنا أصلًا لما أخدته عام 2011، كان كل شوية يقفل بسبب أحداث الإنفلات الأمني وقتها، فعشت أيام صعبة، واضطريت أشوف كذا شغلانة جمبه، لكن هو الأساس ليه، ودلوقت قاعدة في البيت لغاية ما تفرج من عند ربنا، وأتمني صوتي يوصل للرئاسة والمسؤولين المعنيين، أنا ما بخدتش أي معاش ليه من الدولة، وكذلك زوجي، لكن حلمنا هو المعافاة من هذه الدين، وأن يبقي الكشك منحة لي مع إيجار أقدر على سداده شهريًا، أنا عاوزة أشتغل مش أمد ايدي لحد، بدون ما أحرم زوجي من العلاج أو أولادي نورهان وأحمد من التعليم، حيث أن الأولى في الشهادة الإعدادية، والثاني في الصف السادس الابتدائي».
محروسة: انحلت بداية مشكلتي الأساسية بسبب إصراري على حقي المكفول بالقانون
ونوهت السيدة محروسة في تصريح حصري لها مع موقع «صدى البلد» في 14 مارس 2022 أن مشكلة دينها مع محافظة القاهرة انتهت بإسقاط دين قدره 40 ألف جنيه، كما تم إصدار قرار بنقل الكشك الخاص بها من حي السلام ثاني إلى حي السلام أول، لكنها كانت تعجز في هذه الفترة عن تحمل تكاليف نقل الماكيت الخاص بالكشك وشراء بضاعة جديدة خاصة أن ابنتها تعبت بشكل مفاجئ وظلت في المستشفي لأيام دون قدرة الأطباء على تشخيص حالتها بسهولة، لكنهم أكدوا بشكل مبدئي حتى انتهاء التحاليل أنها تعاني من ضغط منخفض نتيجة الحالة النفسية السيئة بسبب الأزمة التي تعرضت فيها للكثير من المواقف المؤذية، ومن بين المواقف الأخيرة المؤلمة أيضاً هي خطف ابنها من قبل مجموعة من شباب ، لكن بفضل الله - عز وجل- ومجهود ظابط الشرقية بالمنطقة السكنية التي تقطن بها عاد إليها في نفس الليلة، وكل أمنيتها في الحياة أن يتوفر لها سبيل للعيش الكريم بالسعى والشقي «لا أريد أن يمن علي أحد بأي مال أو مساعدة، فالله يعلم أن لم أرضى بذلك حتى في أصعب أصعب الظروف».