الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بلد المكروه

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

على عكس ما نعرف “بلد المحبوب” كانت هناك بلدة تسمى “بلد المكروه” وأصل التسمية يعود والعهدة على الراوى إلى عصور ليست بالقريبة حكم على أهلها زعيمهم وزعيمها بأن ينفى فى جزء منها من يشكو فى حقه أهله أو أصدقائه أو جيرانه بأنه أصبح غير مرغوب فيه وبأن من حوله أعطوه من الفرص الكثير ليصلح من نفسه وسلوكياته إلا أنه أصر أن يكون مكروها ولذا فلا مكان له بينهم وعليه أن يقر راضيا أو مجبرا بالعيش فى بلد المكروه والتى صممت بطريقة جعلتها محاصرة من كل ناحية بكافة الوسائل حتى لايهرب منها أهلها أهل الكراهية كما أصبحوا عليه . 

ويقال أيضا إن أول من نفى إلى هذه البلدة الوزير وقد أعلن الحاكم فى المذياع وكافة وسائل الإعلام حينها أن الوزير امتلأ قلبه غلا وكراهية وصار لايحب الخير للبلدة وأهلها ولذا فقد حق عليه الحكم وتنفيذه بأن يقضى ماتبقى من عمره منبوذا فى بلد المكروه ؛ وتبع الوزير حفنة من المسؤلين بنفس التهمة حتى أن بعض المثقفين أطلق على بلد المكروه بلد المسؤل . أيام وشهور وسنين وكل من لم يجد فى أهله أو جاره أو صديقه منفعة يبلغ عليه بتهمة الكراهية فيزج به إلى بلد المكروه لدرجة أن البلدة الأم لم يعد يقطنها إلا القليل وأصبحت شبه خاوية على عروشها. 

 وفى دهاليز بلد المكروه أعتلى الوزير المنبوذ منبر المكان وخطب فى أهل بلدته وأوضح لهم أن الأمر قد وصل إلى منتهاه وأنهم ينبغى أن يكسروا قيدوهم ويخرجوا من هذا البلد الإثم ويعودوا إلى حياتهم الأولى بل إنه طالب من مؤيديه أن يساعدوه فى حربه ضد الظلم والطغيان  والفساد والقضاء على حاكم البلدة القديمة وبالفعل استطاع أهل بلد المكروه أن يتحرروا من سجنهم ويخرجوا إلى بلدهم الأول ولم يجدوا اية مقاومة بل لم يجدوا شعبا من الأساس وبسهولة ويسر أصبح الوزير هو الحاكم ووزع المناصب على من كانوا معه ونفى من كانوا فى القرية إلى بلد المكروه التى عاش فيها مقهورا سنين كثر. الوزير بعد أن صار حاكما توجس خيفة ممن نفاهم إلى بلد المكروه وشعر بأنهم قد يفعلون مثلما فعل مع كثرة عددهم فقرر أن ينشىء حكما جديدا على المتمردين بتجريدهم من كل مالديهم ليصبحوا فقراء معدمين وحينها لن يستطيعون عمل اى شئ سوى الاكتفاء بالبحث عن قوت يومهم ومايروى ظمأهم. 

 خطة الوزير نجحت ولكن هناك بالفعل فئة المعدمين الفقراء فبماذا يحكم عليهم اذا ماسولت لهم أنفسهم التمرد؟  بعد تفكير وتدبير اهتدى الحاكم إلى فكرة جمع الفقراء مع بعضهم البعض فى مكان قصى حتى يقضوا حتفهم ويتخلص منهم بحكم رباني فقد ماتوا جوعا أو فقرأ أو حتى الما المهم انه لم ينفذ فيهم حكم الإعدام ردا علي تمردهم.

  بهذه الأفكار عاش الوزير الحاكم عمرا طويلا هادئا مستقرا موريا حكمه لأبناءه وأحفاده والكل يسير على قانونه إلى أن جاء يوم تغيرت فيه قوانين الملك والحكم وأصبح الأمر يدار من خلال قوى خفية تطلق على نفسها الأقطاب الكبرى وجنودها يرتدون ثياب التكنولوجيا والعلم الحديث وبضغطة على زر من أزرار منصة التواصل الاجتماعي الحديث تتغير خريطة المجتمع وتتبدل أحواله ...

فى هذه المرحلة بكى أهل دولة المكروه على حاكمهم الراحل وتحسروا على كم الحرية والعدالة والديمقراطية التى أنعم عليهم بهم حينما كان حاكمهم ..