كيف نستثمر شهر رمضان.. يُعتبر شهر رمضان شهر الصلاة والقيام، ففيه تقام صلاة التراويح حيث يصليها المسلمون محتسبين الأجر عند الله تعالى، ومع اقتراب شهر الخبر والغفران نقدم لك نصائح لاستثمار وقتك في العبادة خلال رمضان، وتتضمن عدم التجاوز على الآخرين بحجة الصيام، وصلة الرحم والتواصل مع الفقراء والمساكين ومساعدة الأسر المحتاجة فهم من أفضل القربات لله تعالى، وأيضا عدم التقصير أو التكاسل فى العمل بحجة الصيام، والإكثار من ذكر الله والأعمال الصالحة والحسنات ، لأن الحسنات فى شهر رمضان تتضاعف، وقضاء من كان عليه صوم من السنوات الماضية قبل قدوم شهر رمضان هذا العام.
نصائح لاستثمار وقتك في العبادة خلال رمضان
رمضان شهر القرآن الكريم، إذ أنه فيه نزل القرآن لقوله تعالى: (شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن)، و فيه ليلة القدر الذي تفوق العبادة فيها ، عبادة ألف شهر، لحديث الرسول عليه السلام: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقوله تعالى : “إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر”.
نصائح لاستثمار وقتك في العبادة خلال رمضان
شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران، فكما صحّ عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أن هذا الشّهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النّار، فعلى المسلم أن يدرك أهمية هذا الشهر باغتنام كل ساعةٍ من ساعاته في العبادة وعمل الخير، حتى تناله رحمة ربه فيغفر له ذنبه ويدخل الجنّة.
نصائح لاستثمار وقتك في العبادة خلال رمضان
يعد شهر رمضان فرصة للتضامن مع الفقراء والمساكين، فالصوم من حيث كونه انقطاعًا عن ملذات البطن والفرج يُعودُ النّفس على الإحساس بمن يفتقدون النعم في حياتهم، كما أن هذا الشهر هو مظنة تكافل المسلمين وتعاضدهم فيما بينهم من خلال قضاء الحاجات وإعانة المحتاج وإغاثة الملهوف وتفريج الكروب.
نصائح لاستثمار وقتك في العبادة خلال رمضان
1- الدعاء وذكر الله عز وجل
يُعَدّ ذِكر الله من أعظم العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى الله -تعالى-، وخاصّة في رمضان؛ لأنّه المقصود من تشريع العبادات؛ فالعبادات والأعمال الصالحة جميعها شُرِعت؛ لأجل إقامة ذِكر الله -تعالى-، قال -عزّ وجلّ-: (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)، وقد ذهب العُلماء إلى أنّ ذِكر الله هو أفضل ما يشغل به الإنسان نفسه، وقد جاءت الكثير من الأدلّة التي تُبيّن فضل الذِّكر، كقوله -تعالى-: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، وحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (ألا أُنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم ، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذَّهبِ والورِقِ، وخيرٌ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم؛ فتضربوا أعناقَهم، ويضربوا أعناقَكم؟ قالوا: بلى. قال: ذِكرُ اللهِ)، وأفضل الأذكار هي الأذكار الواردة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الأوقات والأماكن المُحدَّدة، كالذكر الوارد وقت الاستيقاظ، وعند دخول المسجد، والالتزام بالأذكار بشكل عامّ وفي كُلّ وقت، ومن الفوائد التي ذكرها العُلماء للذِّكر: أنّه سبب لنَيل رضا الله -سبحانه وتعالى- ومَحبّته والقُرب منه، وهو سبب لطَرد الشياطين، وإزالة الهمّ والغَمّ، ومَحو السيِّئات، كما أنّه من أسهل العبادات، وأقلّها مَشقّة ويُعَدّ الذِّكر من أعظم الأسباب المُوجِبة لدخول الجنّة، وقد جاء عن ابن العربيّ أنّه قال إنّ الذِّكر شرط لصحّة الأعمال، فمن لم يذكر الله عند قيامه بالعمل فعمله ناقص، وبذلك يكون الذِّكر أفضل الأعمال، وقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ للصائم دعوة لا تُرَدّ، وتكون هذه الدعوة عند فِطره، إذ قال: (إنَّ للصَّائمِ عندَ فِطرِه دعوَةٌ ما تُردُّ)، وممّا ورد عنه -عليه الصلاة والسلام- من الأدعية عند الإفطار أنّه كان يقول: (ذهب الظمأُ وابتلَّت العروقُ وثبت الأجرُ إن شاء اللهُ).
2- الصلاة
تُعَدّ الصلاة من أفضل الأعمال التي يُمكن للعبد المُسلم التقرُّب بها إلى الله في شهر رمضان؛ فهي الرُّكن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الإسلام، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُه الصلاةُ)، والأحاديث التي تدُلّ على فضل الصلاة وأهمّيتها لم تقتصر على ذِكر الفرائض؛ فقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ من يُحافظ على اثنتي عشرة ركعة من النوافل كلّ يوم، فإنّ له بيتًا في الجنة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَومٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غيرَ فَرِيضَةٍ، إلَّا بَنَى اللَّهُ له بَيْتًا في الجَنَّةِ، أَوْ إلَّا بُنِيَ له بَيْتٌ في الجَنَّةِ...)، والذي يُصلّي سُنّة الفجر فهي له خير من الدُنيا، لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا)، ومن الصلوات التي كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يحثّ صحابته على أدائها في رمضان صلاة التراويح أو صلاة قيام الليل، وقد بيّن أنّ قيام رمضان من الأسباب التي تُكفّر الذنوب، فقال: (من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفر لهُ ما تقدَّم من ذنبهِ)، وصلاة التراويح من السُّنَن المُؤكَّدة التي تُؤدّى في جماعة، وتكون في أوّل الليل، وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقوم الليل بإحدى عشرة ركعة، ويجوز للمُسلم أن يزيد على ذلك، مع ضرورة التزامه بالخشوع والطمأنينة فيها. كما حثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على صلاة الفجر في جماعة، والجلوس بعدها لذِكر الله -تعالى- حتى طلوع الشمس، قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ ، ثم صلى ركعتينِ ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ ، تامَّةٍ ، تامَّةٍ).
3- قراءة القرآن الكريم
بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ قراءة الحرف الواحد من القُرآن تعدل عشر حسنات؛ لأنّه كلام الله -تعالى-، فقال: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقول الم حرفٌ ولَكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ)؛وبهذا يكون عدد هذه الحسنات كبيرًا جدًا؛ ولذلك كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُكثِر من قراءة القُرآن، وخاصّة في رمضان، وكان جبريل -عليه السلام- يُقرِئ النبيَّ القُرآنَ في كُلّ سنة مرّة واحدة، وفي السنة التي تُوفِّي فيها -صلّى الله عليه وسلّم- عرضه جبريل مرّتَين، ويمكن للمسلم أن يجعل له عددًا خاصًّا من الصفحات، أو الأجزاء يقرؤها كُلّ يوم في رمضان؛ ليُنظّم تلاوته للقرآن بشكل يوميّ.
4- الزكاة
تُعَدّ الزكاة من أركان الإسلام، وللمُسلم أن يُخرج زكاته في شهر رمضان؛ لما في ذلك من مُضاعفة للأجور، ونيل رحمة الله -تعالى-، وقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُكثر من الصدقة والإحسان في رمضان، قال ابن عبّاس: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)، وهذا يُبيّن فضل إخراج الزكاة في رمضان، إلّا أنّ إخراجها في ظُروف استثنائية، كحدوث مجاعة، أو كارثة في بلاد المُسلمين قد يكون أفضل من إخراجها في رمضان.
5- الصدقة
تُعَدّ الصدقة من الأسباب التي تُؤدّي إلى قبول العمل والعبادة عند الله، ومضاعفة الأجر والثواب لصاحبها الذي يُظَلُّ في ظلّها يوم القيامة أيضًا، فيحرص المُسلم على أدائها في رمضان، ويتحرّى أن يكون له مقدار من الصدقة بشكل يوميّ في رمضان، وأن يُؤدّيها بعيدًا عن أعين الناس؛ لكي تكون سرًّا بينه وبين الله؛ فقد جاء عن بعض الصحابة أنّهم كانوا يتحسّسون بيوت الفقراء، والمساكين؛ ليُؤدّوا الصدقة إليهم.
6-صلة الأرحام
يجب على المُسلم أن يكون واصلًا لأرحامه، وتُعَدّ صلة الأرحام من أفضل العبادات التي يتمّ التقرُّب بها إلى الله -تعالى-، فقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّها من الأسباب التي تزيد في الرزق، وتُبارك في الوقت، فقال: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، وصلة الرحم تُبعد المُسلم عن النوائب والمصائب؛ وتكون الصلة بالمُداومة على زيارتهم، وعيادة مريضهم، وتفقُّد أحوالهم، ومن الممكن الاستفادة من الوسائل الحديثة، كالاتِّصال بهم، وتجب صِلَتُهم في الأحوال كلّها حتى وإن كانوا غير واصلين، فقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- واصلًا لرَحِمه وأقاربه مع أنّهم آذَوه أذىً شديدًا، وقال الله -تعالى- عن ذلك: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)؛ وذلك لأنّ الإسلام دعا إلى مُقابلة الإساءة بالإحسان، وكَظم الغيظ؛ فهي من صفات أهل الجنّة، ولأهمّيتها، فقد أمر الله بها بعد أمره بالتقوى؛ ليُبيّن للناس أنّ صلة الأرحام أثر من آثار التقوى؛ فكُلّما كان المُسلم واصلًا لرَحِمه، كان أتقى لله، وهي علامة تدُلّ على صدق الإنسان، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، وآكد ما تكون صلة الرَّحِم في رمضان.
7- إحياء ليلة القدر
تُعَدّ ليلة القدر من الليالي المُباركة التي أعلى الله ورسوله من قيمتها؛ فهي الليلة التي أنزل الله -تعالى- فيها القُرآن، قال -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، والعمل والعبادة فيها خير منه في ألف شهر ممّا سواها، والله يُضاعف فيها الحسنات أضعافًا كثيرة، قال -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وإحياء هذه الليلة وقيامها سبب لمغفرة الذنوب، وتيسير الأمور، وتعظيم الأجور؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، وقد كان النبي يتحرّى هذه الليلة في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ إذ بيَّنَ أنّها تكون في ليالي الوتر* من العشر الأخيرة من شهر رمضان، وقد أخفاها الله عن الناس؛ ليجتهدوا في طلبها بالإكثار من العبادة.