في مثل هذا اليوم، ودّعت مصر البابا شنودة الثالث في مشاهد جنائزية مهيبة، بعد سنوات عدة قضاها بين جموع الشعب المصري داعيًا غلى المحبة والألفة والسلام.
المسلمون قبل المسيحيون في مصر نعوا البابا شنودة، واستعانوا بكلماته الباقية في الأذهان عن مصر وشعبها، وبمواقفه التي لا تنسى من ذاكرة البلاد.
قداس نياحة البابا شنودة
واحتفالًا بذكرى مرور 10 سنوات على نياحة ( وفاة ) البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الـ117 فى تاريخ الكنيسة، أقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قداسًا اليوم الخميس.
وترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صلوات القداس الإلهي في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية، احتفالا بالذكرى الـ10 لرحيل البابا شنودة الثالث، ومنح 29 من كهنة القاهرة رتبة القمصية.
أشهر مقولات البابا شنودة
ولربما تعلق المصريون بـ البابا شنودة وأحبوه، لما تمتع به من حكمة وبلاغة وسداد في القول، وصدق في العمل، حيث أحب البابا الشعر وكان ينظم الشعر والحكمة بطابع فريد.
ومن أشهر مقولات البابا شنودة التي عاشت مع المصريين، دعوته للمحبة من خلال نصيحته: "كل فضيلة خالية من الحب لا تحسب فضيلة.. ومصير الجسد أن ينتهى فياليته ينتهى من أجل عمل صالح".
وقال أيضًا في المحبة: "إذا كان القلب غير كامل فى محبته لله فإن إرادته تكون متزعزعة"، وعن المحبة قال ناصحًا: "أتحب نفسك.. ! حسناً تفعل بهذه المحبة .. قومها لترجع كما كانت صورة الله واحترس من أن تحب نفسك محبة خاطئة".
وعن النصائح والحكم الحياتية التي خُلدت قال البابا شنودة: "إن كنت تشكو من فشل يتعبك فى حياتك ارجع سريعاً إلى نفسك وفتش داخلك جيداً وانزع الخبيث واصطلح مع الله وهكذا تعود لك البركة".
وقال أيضًا: "النفس القوية لا تقلق ولا تضطرب، ولا تخاف، ولا تنهار، ولا تتردد، أما الضعيف فإنه يتخيل مخاوف وينزعج بسببها".
وعن الدعوة إلى الحق في وجه الباطل، قال البابا شنودة: "الحق اسم من أسماء الله، فالذى يحب الحق، يحب الله والذى يبعد عن الحق يبعد عن الله".
وقال: "الإنسان العادل صاحب العقل الحر يقول عن الحق إنه حق ولو كان صادراً من عدوه، ويقول عن الباطل إنه باطل ولو كان صادراً من أبيه أو أخيه".
سر الصداقة بين الشيخ الشعراوي والبابا شنودة
وربما عند ذكر البابا شنودة يتبادر غلى الذهن سر الصداقة، والعلاقة الوطيدة بينه وبين فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله.
ولا يعرف الكثيرون أن علاقة الشيخ الشعراوي والبابا شنودة لم تكن وثيقة إلى الحد المعروف عنهما، ولكنها بدأت عندما مرض الشيخ الشعراوي ودخل إحدى المستشفيات في انجلترا فبعث إليه البابا شنودة وفدا من الآباء والأساقفة للاطمئنان على صحته، وقدموا له باقة ورود وعلبة شيكولاتة.
يقول البابا شنودة في أحد حواراته إن الشيخ الشعراوي عندما تعافى وعاد إلى مصر زاره في مكتبه، وقال له "لقد طوق أبناؤك عنقي بمحبة كبيرة".
وقال البابا شنودة إنه قدّم للشيخ الشعراوي نسخة نادرة من 20 جزء من كتاب لسان العرب لابن منظور، فرد عليه الشيخ الشعراوي بـ عباءة قدمها له هدية، يقول البابا: أهداني الشيخ هدية أفضل مما اهديته.
ومن هنا بدأت العلاقة بين الشيخ والبابا والتي حفلت بالكثير من المواقف الإنسانية التي رواها الإثنين، وربما جمعهما حب الشعر والبلاغة أكثر من أي شيء.
لكن آخر لقاء بين الشيخ الشعراوي والبابا شنودة، كان في جنازة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الشريف، حيث يقول البابا: كان فضيلة الشيخ الشعراوى يجلس قرب باب السرادق، وعندما رآني نهض ليسلم علي، ولكنني منعته لأن صحته لم تكن تحتمل النهوض كثيرًا.
واحتفظ البابا شنودة بصورة للإمام الراحل محمد متولي الشعراوي، في مكتبه، ونعاه بكلمات مؤثرة قائلًا: "كان صاحبي.. والله يعلم كم تأثرت بوفاته .. كان عالما كبيرا فقيها في اللغة كان محبوبا من شعبه وكانت صداقتنا تسعد الملايين من المسلمين والمسيحيين".