ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان.. سؤال يطرأ على أذهان كثيرون، خاصة أن ليلة النصف من شعبان من الليالي الفاضلة التي يعيشها المسلمون في كل عام ، وماذا حدث في ليلة النصف من شعبان زاد البحث عنه بعد إعلان دار الإفتاء المصرية، أن ليلة النصف من شعبان ستوافق الجمعة غدا ، كما ستبدأ ليلة النصف من شعبان مع مغرب اليوم الخميس 14 شعبان وتنتهي مع فجر الجمعة.
ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان؟
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، خلال فيديو على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على موقع «فيسبوك»: «تفصلنا ساعات قليلة عن ليلة النصف من شعبان وهي ليلة مباركة يطلع الله فيها الى عباده ويغفر الله فيها للمستغفرين ويرحم بفضله المسترحمين».
وأضاف " عويضة" أن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة لها مكانة عند الله ندعوه فيها بالعفو والمغفرة وصلاح الحال، قائلا : علينا أن نصوم اليوم السابق ليوم الخامس عشر من شعبان وهو ليلة النصف، ونقرأ القرآن ونقوم الليل ونترك المشاحنة والخصام؛ لأن الله يغفر للجميع في هذه الليلة إلا المشاحن وقاطع الرحم.
واستشهد في ذلك بما رواه ابن ماجه والطبراني وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، صححه الألباني.
وأشار أن تلك الليلة تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام على قول بعض أهل العلم بعدما صلي الصحابة ١٦ شهرًا نحو بيت المقدس ثم وجههم الله - تعالى- إلى وجهة أخرى، لافتًا: هذه ليلة لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين.
وأكد أمين الفتوى أنه علينا أن نترك الحقد من قلوبنا و نصلح ذات بيننا وأن نسال الله في هذه اليلة المباركه أن يعفو عنا ويغفر لنا ذنوبنا.
ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان وفضلها؟
من جانبه، نبه الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، أن في شهر شعبان ليلة عظيمة هي ليلة النصف من شعبان.
وأفاد " جمعة" عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " أن النبي - صلى الله عليه وسلم- عظم من شأنها فقال: " إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"، ( رواه ابن ماجه وابن حبان).
وأبان عضو هيئة كبار العلماء أنه ورد في فضل تلك الليلة أحاديث بعضها مقبول وبعضها ضعيف، غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال، ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها.
وتابع: أنه في شعبان تم تحويل القبلة وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث كان تحويل القبلة في البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية.
واستشهد المفتي السابق بقوله - تعالى-: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)، فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه.
وواصل: وكون هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة؛ لذا فقد اختار لهم التوجه قبل المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية، ليظهر من يتبع الرسول اتباعا صادقا عن اقتناع وتسليم، ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها.
واستكمل أنه بعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة، صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام، ليس تقليلا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلا من شأنه، ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام، حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله، وليكون قبلة للإسلام والمسلمين.
وأردف: ليؤكد أن دين الأنبياء جميعًا هو الإسلام، مستندًا إلى قوله - تعالى-: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ) وليس تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين، فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمن أو طال، فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية.
واسترسل: الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات، إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق، قال تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)؛ فعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فهو بذلك يعود إلى أصل القبلة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ).
ونبه إلى أنها دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام، ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم ﷺ فقد أخره الله ليقدمه، فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال.
وأكمل: أن الله - عز وجل- كرم نبيه ﷺ في هذه الليلة بأن طيب خاطره بتحويل القبلة والاستجابة لهوى رسول الله ﷺ قال - تعالى- : (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، وما الأمر في هذا كله إلا أنه انتقال من الحسن إلى الأحسن وهذا شأن رسول الله ﷺ في الأمور كلها.
وبين أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام جاء أيضا لتقر عين الرسول ﷺ فقلبه معلق بمكة، يمتلئ شوقا وحنينا إليها، إذ هي أحب البلاد إليه، وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا: "والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" ،(رواه الترمذي).
ولفت عضو هيئة كبار العلماء أنه بعد أن استقر ﷺ بالمدينة المنورة، ظل متعلقا بمكة المكرمة فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام، فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة، ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان.