تكثف موسكو من تحركاتها لاستنفار حلفائها من أجل تجاوز تداعيات العقوبات الغربية ولا سيما الأوروبية منها مع اتساع دائرة شركائها التجاريين الذين باتوا يرفضون التعامل معها.
وقالت صحيفة ”لوفيجارو“ في تقرير لها إن موسكو، وفي مواجهة جدار العقوبات الغربية أعدت قائمة أصدقائها وحلفائها المميزين، من الصين إلى الهند، ومن تركيا إلى فنزويلا مرورا عبر إيران، وهو توجّه اضطرت إليه موسكو أمام تفاقم عدد الشركات التي أعلنت أنها ستغادر البلاد والشركاء التجاريين الذين رفضوا التعامل مع روسيا والإمدادات التي انقطعت.
وأكدت الصحيفة الفرنسية أنّ التوقعات تشير إلى قفزة إلى الوراء بالنسبة للاقتصاد الروسي لم يشهدها منذ سقوط الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينيات، وبالنسبة لعام 2022 يتوقع البنك المركزي الروسي انخفاضًا بنسبة 8 % في الناتج المحلي الإجمالي مقابل نمو متوقع مبدئيًا بنسبة 2.4 % قبل اندلاع الحرب، وبحسب صحيفة ”كوميرسانت“ الروسية التي تنقل هذه الأرقام فإن التضخم قد يصل إلى 20 %.
ووفقًا للخبراء يمكن للشركات الروسية أن تستمر من ثلاثة إلى ستة أشهر في مواجهة وقف عمليات شراء المنتجات التي تعتمد عليها بشدة (من الخارج) ويقدّر يوري بوريسوف، نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن مجمع الطاقة والدفاع،فترات الصمود هذه بخمسة أشهر.
لكن الأضواء الحمراء بدأت تشتعل بالفعل، وفق ”لوفيغارو“ التي أوضحت أنّ الأمر يتعلّق بالأدوية، حيث يخشى الروس من نقص المخزون أو ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ومع توقف أوروبا عن تسليم المنتجات للتصنيع سيكون لدى الشركات الروسية في هذا القطاع احتياطيات لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر فقط، وهو ما أعاد إلى الأذهان كابوس نهاية الاتحادالسوفييتي عندما وجدت روسيا نفسها محرومة تقريبًا من صناعة الأدوية.“
وتسعى موسكو إلى تأمين حاجاتها من الصين والهند اللتين تشكلان ما يقرب من 80 % من المواد الخام الدوائية المستوردة، وأشارت شركة الأدوية الهندية العملاقة ”دي ريدي“ في 9 مارس إلى أنها ستطبق سياسة ”الاستمرارية“ مع روسيا – بما يتماشى مع سياسات نيودلهي، التي رفضت إدانة التدخل العسكري في أوكرانيا.
وتابعت الصحيفة الفرنسية أن العقوبات المتعلقة بالنفط والغاز بشكل خاص هي التي تشجع روسيا على توحيدالصفوف مع شركائها التقليديين حيث تمثل الهيدروكربونات أكثر من نصف عائدات الدولة الروسية، بينما أثار الاتحاد الأوروبي إمكانية تقليص اعتماده على الغاز الروسي بمقدار الثلثين، والذي يمثل اليوم 40 % من استهلاكه.
ويؤكد الخبير الاقتصادي نيكيتا ميتروفانوف أن ”المصالح الروسية ستتجه شرقًا، وبشكل رئيسي إلى الصين“ معتبراأنّها ”سوق كبيرة تحتاج إلى نفطنا وغازنا وخشبنا“ وفق ما نقلته ”لوفيغارو“.
وتُعد روسيا بالفعل ثاني أكبر مورد للنفط والغاز الطبيعي (لا سيما عبر خط أنابيب الغاز التابع لقوة سيبيريا) لذلك منالمرجح أن يزداد اعتماد روسيا على الصين، وأكدت الصحيفة أنّ ”محور“ الطاقة نحو الشرق مما يثير العديد من الأسئلة فيما يتعلق بالاستراتيجية الصناعية والخدمات اللوجستية.
وأشارت ”لوفيجارو“ إلى أنّ ”الموقف الغامض الآخر هو موقف تركيا، التي تعتمد عليها موسكو بشدة، اقتصاديًاودبلوماسيًا“ وأوضحت أنّه على الرغم من كونها حليفًا لكييف والتي توفر لها طائرات مقاتلة بدون طيار إلا أن أنقرة حريصة على الحفاظ على علاقاتها مع روسيا التي تعتمد عليها في مجالات السياحة وإمدادات القمح والطاقة بشكل وثيق.“
وتابعت الصحيفة نقلا عن الخبير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية المتخصص في الشؤون التركية كامران حسنوف قوله إنه ”بدون الغاز الروسي ستتوقف الصناعة بأكملها، ولا يوجد بديل عمليًا إضافة إلى أنّ مشروع محطة أكويو للطاقة النووية يجب إطلاقه في غضون عام“.