"عجوزة لكن صحتها كده .. اللهم صلي على النبي بركاتك يا ابن الفقرية .. إخواتك دول اتعرفت عليهم ازاي .. هو لازم كل ما الكهرباء تتقطع النور يتقطع.. اسمك ايه؟؟ تفاهة"، كوميديا من نوع خاص لا يستطيع أحد دخول مسارها غيره، فقد أصبحت أفلامه مدرسة هامة ورئيسية لفن الكوميديا الحديثة وهو ناظرها، إنه الفنان القدير خفيف الظل محمد هنيدي الذي برع في تقديم أحد أهم أفلام الألفية الثانية "بلية ودماغه العالية" وقد شاركه بطولته واحد من اهم أعمدة الفن الكوميدي الفنان الراحل سعيد صالح، ليصبح بذلك علامة فارقة في المشوار الفني لمحمد هنيدي.
لم تكن مجرد قصة طريفة وأحداث خفيفة الظل وحسب ولكن كان هناك هدف آخر وراء مشاهد الفيلم الكوميدي "بلية ودماغه العالية"، حيث ان اسمه يدل بشكل كبير على مكنونه فقد كان لعماد عبد الرحمن الفولي الشهير ببلية تفكير مختلف عن أبناء جيله، حيث كان متمسكًا بالسكن في الحي الشعبي البسيط الذي نشأ فيه وعدم تركه لمهنة الميكانيكا رُغم توافر جميع السبل لسكنه في أحياء راقية و عمله في أحد الشركات الكبرى للبترول، لكنه رفض التخلي عن هويته ومهنته التي يحبها.
قصة مختلفة و تركيبة فنية متنوعة أراد صناع الفيلم إستكمالها بظهور سيارة لم ولن تراها في أي مكان آخر سوى مشاهد فيلم "بلية ودماغه العالية"، فقد كان هناك رأس ذات تفكير جهنمي كما يعبرون قامت بتجميع أجزاء من عدة علامات تجارية لسيارات مختلفة لتصبح سيارة واحدة لا تعرف أصلها ولا هويتها، ولكن كل ما تراه عينيك هو حملها لشعار الشركة الأمريكية ذات التاريخ العريق فورد.
فقد ظهرت سيارة ذات هيكل كلاسيكي بمفهوم شبابي ولكن دون طراز محدد ولا هوية معروفة، فقد حملت عدة اجزاء من سيارات مختلفة، حيث إحتوت على صادم خلفي ومصابيح خلفية من السيارة الأشهر في الشوارع المصرية FIAT 1100 والتي أنتجتها الشركة الإيطالية لصناعة السيارات فيات FIAT ، وهي شركة ذات تاريخ عريق حيث أنشأها الإيطالي جيوفاني أنيللي ببلدة تورينو في العام 1899.
حيث اشتهرت السيارة FIAT 1100 في أربعينيات القرن الماضي بلقب "المنجزة" لصغر حجمها و بالتي سهولة إصطفافها ومرورها في الطرق المزدحمة، إلى أن أصبحت علامة هامة في الشوارع المصرية وأطلق المصريين عليها لقب آخر يعبر عنها بشكل أكبر وهو "السيارة القردة" فرغم صغر حجمها إلا أنها كنت تتمتع باتساع ورحابة مقصورتها الداخلية التي تسع لأربعة أفراد.
ولأن السيارة القردة كانت تتمتع بحب كبير من المصريين لها، فقد أمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعقد اتفاقية بين الشركة المصرية لتجميع السيارات النصر والشركة الإيطالية فيات FIAT، لبدء تجميع السيارة FIAT 1100 في مصانع النصر المصرية بدء من العام 1959 بمحرك بقوة 1100 سي سي مكون من 4 أسطوانات، وتبلغ سرعته القصوى 116 كم / ساعة.
أما بالنسبة للمقدمة الأمامية للسيارة التي ظهرت خلال أحداث فيلم "بلية ودماغه العالية"، فهي الأقرب لطرازين مختلفين من السيارات تعود أصولهما لشركات صناعة سيارات فرنسية، أولهما الشركة التي اختفت بشكل نهائي ولم تعد موجودة في عصرنا الحالي وهي سيمكا SIMCA، فهي شركة فرنسية الأصل ولكن يرجع تأسيسها للإيطالي هنري بيجوزي HENRI PIGOZZI في العام 1934 لتكون مقر رئيسي لخط انتاج طرازات الشركة الإيطالية فيات FIAT في فرنسا، وذلك لمواجهة المشكلات التي تقابل FIAT في تسويق إصداراتها هناك.
ثم بدأت بعد ذلك الشركة الفرنسية سيمكا SIMCA في طرح طرازات خاصة بها، وتوالت إصداراتها الناجحة بشكل مبهر خلال منافستها في السوق العالمية للسيارات وخاصة في الشوارع المصرية، حيث حازت السيارة SIMCA على شهرة كبيرة بين المصريين بسبب قوتها وإقتصاديتها التي كانت تناسب ظروف الكثير، وكان من بين إصدارات سيمكا هذه السيارة التي تشابهت مصابيحها ومقدمتها الأمامية بمقدمة السيارة التي ظهرت خلال أحداث فيلم "بلية ودماغه العالية" وكانت من الطراز SIMCA 1501.
وبمقارنة المقدمة الأمامية لسيارة فيلم "بلية ودماغه العالية"، يظهر أنها تتشابه أيضًا بالمصابيح الأمامية للسيارة الفرنسية الأشهر او السيارة الشعبية الأولى في شوارع مصر كما أطلق عليها PEUGEOT 404، ولكنها حملت شعار لشركة أخرى ذات تاريخ عريق أيضًا ولكنها هذه المرة أمريكية الأصل فهو شعار الشركة العتيقة لصناعة السيارات فورد FORD، وهو شعار هذه الشركة بداية من تسعينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحالي.
سيارة عجيبة وفريدة من نوعها فقد جمعت في اجزائها بين ثلاثة من اهم شركات صناعة السيارات في العالم، ومن جنسيات مختلفة حيث جمعت بين الفرنسية سواء كانت PEUGEOT او SIMCA، وبين الإيطالية التي تجسدت في السيارة FIAT 1100، وبين الأمريكية ذات التاريخ العريق فورد FORD، لذا لن تتكرر هذه السيارة مرة اخرى فلا ترهق نفسك في البحث عنها فقد جمعت خصيصًا لتناسب احداث فيلم "بلية ودماغه العالية".
يُذكر انه كان قد شارك الفنان محمد هنيدي بطولة فيلم بلية ودماغه العالية الفنان القدير الراحل سعيد صالح، وبرفقتهم مجموعة من كبار النجوم يأتي من بينهم "هالة فاخر، محمد شرف، سامي مغاوري، أحمد زاهر، خليل مرسي، منير مكرم، غادة عادل، نبوية السيد، محمود عبد الغفار، ناصر شاهين، علي حمدي، علياء عساف، عادل هاشم، حسين عرعر"، ومن تأليف و سيناريو وحوار مدحت العدل، و إخراج نادر جلال، وتم عرض فيلم بلية ودماغه العالية لأول مرة بدور العرض السينمائية في 28 يونيو من العام 2000.