مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تتزايد المخاوف من تأثير الحرب على الاقتصاد العالمي وإمدادات الغذاء، ما دفع كبرى المؤسسات الدولية لمواصلة تحذيراتها من القادم حال استمرار الوضع.
وحذر صندوق النقد الدولي، الاثنين، في تقرير له، من أن الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا تعرّض الأمن الغذائي العالمي للخطر.
فيما وافق البنك الدولي، على تمويل إضافي لأوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار، في إطار حزمة تمويل بقيمة 3 مليارات دولار.
وأشار رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس إلى أن العقوبات الغربية على روسيا، تؤثر في الاقتصاد العالمي أكثر من الحرب.
انكماش الاقتصاد الأوكراني
قال تقرير خبراء صندوق النقد الدولي، الذي تم إعداده قبيل موافقة الصندوق على تمويل طارئ بقيمة 1.4 مليار دولار لأوكرانيا، إن الناتج الاقتصادي لكييف قد ينكمش بما يتراوح بين 25 إلى 35%، على أساس بيانات للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في زمن الحرب من العراق ولبنان ودول أخرى.
وتوقع صندوق النقد الدولي، أن ينكمش اقتصاد أوكرانيا بمقدار الثلث، بعد تقديرات سابقة تشير إلى انكماشه بنسبة 10% في 2022 بسبب الغزو الروسي، لكن التوقعات قد تتدهور بشكل حاد إذا استمرت الحرب لفترة أطول.
وأضاف التقرير، أن أوكرانيا لديها فجوة في التمويل الخارجي قدرها 4.8 مليار دولار، لكن حاجاتها التمويلية من المتوقع أن تتزايد، وستحتاج إلى تمويل إضافي كبير بشروط ميسرة، حسب وكالة "رويترز".
وذكر صندوق النقد الدولي أن الدين العام للبلاد من المتوقع أن يقفز إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 من حوالي 50% في 2021.
وأضاف أن معدل التضخم في أوكرانيا سيتسارع إلى 20% في 2022 مقابل 10% في 2021، مشيرا إلى أن الحكومة الأوكرانية تواصل الوفاء بالتزامات ديونها الخارجية على الرغم من أوضاع في غاية الصعوبة.
وفي وقت سابق، كشفت وزارة الاقتصاد الأوكرانية، عن حجم خسائر الحرب الروسية، وقالت إنها تجاوزت 119 مليار دولار حتى الآن.
والأسبوع الماضي، أكد صندوق النقد الدولي أنه سيخفض التوقعات السابقة للنمو الاقتصادي العالمي إلى 4.4% عام 2022 نتيجة للحرب، موضحة أن المسار العام لا يزال إيجابيا.
تخلف روسيا عن سداد الديون
وفي وقت سابق، أعلن صندوق النقد الدولي، أن روسيا ربما تتخلف عن سداد ديونها بعد فرض عقوبات غير مسبوقة عليها، بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا، لكن ذلك لن يؤدي إلى أزمة مالية عالمية.
وقالت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى كان لها بالفعل ذات تأثير شديد على الاقتصاد الروسي، وستؤدي إلى ركود عميق هناك هذا العام.
وأشارت إلى أن الحرب والعقوبات سيكون لها أيضا آثار غير مباشرة كبيرة على الدول المجاورة التي تعتمد على إمدادات الطاقة الروسية، وقد أسفرت بالفعل عن موجة من اللاجئين مقارنة بما شهدته الحرب العالمية الثانية.
وأوضحت أن العقوبات تحد أيضا من قدرة روسيا على الوصول إلى مواردها وخدمة الديون، ما يعني أن التخلف عن السداد لم يعد يُنظر إليه على أنه "غير محتمل".
وردا على ما إذا كان مثل هذا التخلف عن السداد يمكن أن يؤدي إلى أزمة مالية في جميع أنحاء العالم، قالت مديرة صندوق النقد الدولي "في الوقت الحالي، لا".
وأضافت أن إجمالي انكشاف البنوك على روسيا بلغ نحو 120 مليار دولار، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن ذلك ليس بالقدر اليسير، فهو لا يرتبط ارتباطا وثيقا بالنظام المالي العالمي.
روسيا تهدد بسداد ديونها بالروبل
على جانب آخر، هددت روسيا بسداد الفوائد المستحقة على ديونها السيادية بالروبل بدلا من الدولار، وذلك قبل أيام فقط من استحقاق دفعة رئيسية على ديونها الخارجية.
واعتبر وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف، الدفع بالروبل عادلا في ظل تجميد 300 مليار دولار من احتياطيات روسيا، قائلا إنه من "العدل تمامًا" أن تسدد البلاد جميع مدفوعات ديونها السيادية بالروبل حتى يتم رفع العقوبات الغربية، حسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وحسب الصحيفة، من المقرر أن تسدد موسكو 117 مليون دولار من مدفوعات الفائدة يوم الأربعاء على هيئة سندات مقومة بالدولار، لكن العقود لا تمنح روسيا خيار الدفع بالروبل.
وأوضح الوزير الروسي أن ما يقرب من نصف الاحتياطيات الأجنبية لروسيا البالغة 643 مليار دولار قد تضررت من العقوبات.
وفي بداية مارس الجاري، دخلت عقوبات الاتحاد الأوروبي المتعلقة باستبعاد 7 مؤسسات مالية روسية من شبكة الاتصالات المصرفية "سويفت".
وأعلنت واشنطن فرض حظر على واردات النفط والغاز الروسية، فيما أعلنت المملكة المتحدة حظرا تدريجيا لواردات النفط.
واليوم الاثنين، قال مكتب الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، إن دول الاتحاد وافقت على حزمة رابعة من العقوبات ضد روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا.
ولم يُكشف عن تفاصيل العقوبات، لكن الرئاسة الفرنسية قالت على "تويتر"، إنه سيجري إلغاء وضع "الدولة الأكثر أفضلية" في التجارة الذي تحظى به روسيا.
وقد يفتح هذا الباب أمام قيام التكتل المؤلف من 27 دولة بحظر أو فرض رسوم جمركية عقابية على البضائع الروسية، ووضع روسيا في درجة مساوية لكوريا الشمالية أو إيران.
ومن المقرر أن تشمل العقوبات حظراً على استيراد الحديد والصلب من روسيا وحظراً على تصدير سلع فاخرة من بينها السيارات التي تزيد قيمتها على 50 ألف يورو (55 ألف دولار) وحظراً على الاستثمار في شركات النفط وقطاع الطاقة، بحسب مصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسيون في وقت سابق اليوم، إن العقوبات ستضيف أيضاً رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي البريطاني لكرة القدم و14 آخرين إلى قائمة الاتحاد الأوروبي للمليارديرات الروس الذين تطالهم العقوبات.
وجاء في البيان أن "هذه الإجراءات ستدخل حيز التنفيذ من لحظة نشرها على الفور في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي".
و في 24 فبراير الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إطلاق عملية عسكرية خاصة في دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا، لافتا إلى أن روسيا لا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية.