الحرب الروسية الأوكرانية، وما صاحبها من عقوبات اقتصادية كان لها تأثير كبير على واردات الحبوب والنفط وغيرها القادمة من روسيا وأوكرانيا، حيث تعاني عدة دول من التداعيات الاقتصادية للحرب ومن بين هذه الدول مصر التي تعتمد في توفير احتياجاتها من الحبوب خاصة القمح على ما تستورده من البلدين.
قطاع الأمن الغذائي والزراعة
وحتى لا تحدث أزمة خلال الحرب الناشبة، التي كان لها تداعيات اقتصادية على دول العالم ربما قد تستمر لعقود من الزمن، وحتى لا يشعر المواطن المصري بأي تأثير أو معاناة، تشجع الدولة الفلاحين على توريد القمح.
وتتباين تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري نظرا لكون مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وكونها مستوردًا أيضا للنفط، واعتماد القطاع السياحي كذلك على السياحة الواردة من روسيا وأوكرانيا.
وتابع الرئيس عبد الفتاح السيسي، الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات القومية في قطاع الأمن الغذائي والزراعة على مستوى الجمهورية".
ووجه الرئيس السيسي بمنح حافز توريد إضافي لسعر إردب القمح المحلي للموسم الزراعي الحالي لتشجيع المزارعين على توريد أكبر كمية ممكنة، وذلك وفق المحددات التي ستضعها الجهات المختصة.
واتسمت استجابة الدولة بتخطيط مدروس للأزمة التي حدثت بسبب الحرب في أوكرانيا، فعلى صعيد تدخلات الحكومة لتجاوز أزمة توافر القمح وارتفاع أسعاره، أمرت بضخ أكثر من 50 مليار جنيه لتعزيز المخزون الاستراتيجي من السلع ورفع سعة الصوامع التخزينية من 2 مليون طن قمح إلى أكثر من 4 ملايين طن خلال السنوات القلية الماضية.
ووضعت الدولة خطة لاستيراد القمح من 14 دولة أخرى معتمدة من جانب وزارة التموين لتنويع واردات القمح حال تصاعد الأزمة واتساع نطاق الحرب، إلى جانب رفع أسعار شراء القمح من المزارعين محليا بنسبة 15% لتشجيعهم على الزراعة، هذا بالإضافة إلى وجود مخزون استراتيجي من القمح يكفي 5 أشهر، إلى جانب الإنتاج المحلي الذي سيبدأ من منتصف إبريل ليزيد المخزون الاستراتيجي إلى 9 أشهر.
زيادة المساحة المنزرعة قمح
بالإضافة إلى التوسع الأفقي بزيادة المساحات المنزرعة بالقمح ضمن المشروعات القومية، وهو ما تنفق عليه الدولة مليارات الدولارات، حيث ارتفع إجمالي المساحة المزروعة بالقمح من 3.1 مليون فدان في 2018 /2019 إلى نحو 3.6 مليون فدان حاليا، مع توقعات بأن يبلغ إجمالي الإنتاج نحو 10 ملايين طن للعام الحالي، والانتهاء من نظام مخازن الحبوب الداخلية ورفع سعة التخزين في البلاد من 1.2 مليون طن إلى 3.4 مليون طن سنويا.
وقال السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الفلاح يلقى كل الدعم والاهتمام من الدولة المصرية، وأضاف : "مشروع حياة كريمة يستهدف البنية التحتية فضلا عن تقديم وتوفير فرص عمل للمواطنين"، لافتا: "مشروع حياة كريمة يغير وجه الحياة لسكان الريف المصري".
وأكد القصير، عبر مصادر إعلامية أن الدولة لا تتوقف عن تقديم كل سبل الدعم للفلاحين لزيادة القدرة الإنتاجية، وتقدم لهم مبادرات تمويل المشروعات الزراعية بفائدة 5% فقط، إلى جانب إسقاط عدد من الديون السابقة على الفلاحين، وأشار: "لدينا 332 مركز خدمات زراعية خلال المرحلة الأولى لحياة كريمة، يتضمن وحدة بيطرية ومركز إرشاد زراعي وجمعية زراعية، ومركز تجميع ألبان"، مؤكدا: "نقدم كل الدعم في هذا المشروع".
وتسعى الدولة لتأمين مخزونها الغذائي، فقررت وزارة التجارة والصناعة، الخميس، حظر تصدير الفول الحصى والمدشوش، والعدس، والقمح، والدقيق بجميع أنواعه، فضلا عن المعكرونة بأنواعها، لمدة 3 أشهر، اعتبارا من 11 مارس الجاري.
كما عملت الدول على تأمين باقي السلع الاستراتيجية، فهناك احتياطي استراتيجي من السكر يكفى لمدة 4.5 شهر، ومن الزيت لمدة 5.5 شهر، والأرز 6.5 شهر، والفول 3 أشهر، واللحوم والدواجن 8.5 شهر.
دعم الدولة الأنشطة الاستثمارية
كما وافق مجلس الوزراء، في اجتماعه الخميس الماضي، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، على عدد من القرارات التي عرضها المستشار محمد عبدالوهاب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، لتقديم الحوافز والدعم للأنشطة الاستثمارية المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، والذكاء الاصطناعي ودعم الابتكار ومشروعات البحث العلمي وتوطين الصناعة، فضلا عن تيسير بيئة الأعمال في مصر من خلال تبسيط الإجراءات ووضع إطار زمني محدد لأداء الخدمات للمستثمرين.
وتمت الموافقة على منح حوافز ضريبية لمشروعات الاستثمار في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، ممثلة في مشروعات إنتاج وتخزين وتصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، وقطاع الصناعة والتي تشمل تصنيع البدائل الآمنة الصديقة للبيئة للمنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام لقطاع الصناعة، فضلا عن أنشطة الاستثمار التنموية بقطاعي التعليم والرياضة، بما يحقق جذب وتشجيع الاستثمار في تلك المجالات التي تتواكب مع خطة التنمية الاقتصادية للدولة.
وقال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، إن الدولة تتجه نحو الطريق الصحيح بدعمها للاقتصاد الأخضر، وذلك لأنه الاقتصاد المتوافق عليه مع البيئة، ومطابق لتوصيات التي تم اتخاذها لكي تحد من التأثيرات السلبية لاقتصادات العالم المؤثرة والمساعدة على التغير المناخي، أو الضارة بالمناخ أو بالكرة الأرضية.
وأضاف الشافعي، خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الاقتصاد الأخضر له تأثيرات إيجابية كثيرة، وله شكل أكثر إيجابية على المناخ وصديق للبيئة، فهو يعتبر مشروعات نظيفة صديقة للبيئة تتمتع بأنها تعتمد على الطاقة المتجددة في كل جميع أشكال مراحل الإنتاج.
وأشار الشافعي - إلى أن الدولة تعمل على زيادة فعالية الاقتصاد الأخضر داخل القطاعات المشكلة للاقتصاد المصري، كما أن مصر تعتبر من الدول الرائدة التي تسير في دعم الاقتصاد الأخضر بمشاركته في جميع استثماراتها، مما يساعد الاقتصاد الأخضر الدولة المصرية على حل جميع مشاكلها خاصة في تغيير المناخ.
تحمل تداعيات موجة التضخم
واختتم: "الدولة أصبح لديها رؤية واستراتيجية جديدة، ألا وهي كيف تستفيد أن تكون دولة رائدة نحو دعم الاقتصاد الأخضر وجميع استثماراته، وفي ظل تكوين جمهورية جديدة، أصبحت الدولة المصرية فاعلة في جميع الأمور، وتتقدم خطوات قياسية في اعتمادها على الاقتصاد الأخضر، في وقت وجود العديد من الدول التي لا تعتمد عليه".
يذكر أن الحكومة وفرت 87 مليار جنيه (نحو 5.5 مليار دولار) في موازنة العام الحالي للإعانات المقدمة للسلع الغذائية 87 مليار جنيه، وهو ما يمثل 3.5٪ من إجمالي الإنفاق العام، على أن يشمل ذلك 50 مليار جنيه لدعم الخبز و37 مليار جنيه لدعم السلع التموينية.
وتُشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من 72 مليون شخص في مصر يستفيدون من إعانات الخبز والسلع.
وسبق، أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أن الحكومة حريصة على تحمل تداعيات الموجة التضخمية العالمية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية مع المواطنين، وذلك لتخفيف العبء عنهم، موضحًا أن المخزون الاستراتيجي من القمح يكفي احتياجاتنا حتى نهاية العام خاصة أن موسم الحصاد المحلي يبدأ منتصف أبريل المقبل.