تتسبب الأزمة الروسية الأوكرانية في مخاوف كبيرة، خاصة على الدول المستوردة للقمح، نظرا لأن دولتي الصراع، من أكبر مصدري القمح عالميا، وطبقا لاحصائيات العام الماضي، من حيث أكثر الدول المصدرة للقمح عالميا جاءت روسيا في المركز الأول، وبلغت الحصة التي تصدرها، 37.3 مليون طن، بينما جاءت أوكرانيا في المركز الخامس وبلغت الكمية التي تصدرها 18.1 مليون طن.
وأدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلى ارتفاع أسعار القمح، مقتربة من مستوياتها القياسية التي سجلتها عام 2008، خاصة أنه مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تثار مخاوف بشأن انفجار أزمة غذائية عالمية، لم تحدث منذ 14 عاما، وهو ما حذر منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس.
مجاعة أفريقية متوقعة خلال عام
وحذر ماكرون في كلمته على هامش مؤتمر فرساي بين القادة الأوروبيين، أمس، من مجاعة ستشهدها قارة أفريقيا خلال 12 شهرا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيرها على صادرات الحبوب والمواد الغذائية، مشددا أنه على أوروبا الدفاع عن أمنها الغذائي.
وكانت أوكرانيا، قررت الأربعاء الماضي، حظر تصدير القمح والشوفان، وغيرهما من المواد الغذائية الأساسية والتي تعتبر ضرورية لإمدادات الغذاء العالمية، كما حظرت روسيا تصدير القمح ونحو 200 سلعة أخرى.
في هذا التقرير، نستعرض كيف ستؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على الدول العربية، المستوردة للقمح.
تحصل الدول العربية على 25% من إجمالي صادرات القمح العالمية، تستورد إجمالي 60% من احتياجاتها من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، لانخفاض أسعار الدولتين عن باقي الدول المصدرة، وتأتي دول شمال أفريقيا في مقدمة الدول العربية المستوردة للقمح، ومن بينها مصر والمغرب وتونس والجزائر،حيث يعتمد المغرب على روسيا في توفير 10.5% من احتياجاته من القمح من روسيا، ويحصل من أوكرانيا على 19.5%، أما تونس، فتحصل على 50% من وارداتها من القمح من أوكرانيا.
الجفاف والحرب تحاصر القمح المغربي
تعتبر المغرب، من أبرز مستوردي القمح والذرة، والمنتجات الشبه مصنعة من الحديد والمواد البلاستيكية، من أوكرانيا، بينما تصدر لها الأسمدة الطبيعية والكيميائية والأسماك الطازجة والمملحة و المجففة والمدخنة، وبالاساس وقبل أن تحل الأزمة الروسية الأوكرانية، كان يتعرض المغرب ودول شمال أفريقيا لأخطر موجة جفاف منذ 30 عاما، وكنا قد استعرضنا هذه الأزمة في هذا التقرير ، من ناحية أخرى، فإن القمح الذي تستورده الدار البيضاء من أوكرانيا يساوي 25% من احتياجاتها، بمبلغ 1.1 مليار درهم، وتستورد من روسيا 11% من احتياجاتها من القمح.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن بالمغرب إن البلاد لديها مخزونا من القمح يغطي الاستهلاك لخمسة أشهر، بعدما تم استلام بعض الشحنات من أوكرانيا قبل بدء الهجوم الروسي، ويقول المغرب إنه يتوقع زيادة الإنفاق علىدعم القمح بنسبة 15%، عن العام الماضي إلى 3.8 مليار درهم أي ما يعادل 410 ملايين دولار.
نقص القمح والأزمة المالية يضربان تونس
أما تونس، تستورد 60% من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا وروسيا، لديها مخزون يكفي حتى يونيو المقبل، طبقا لبيانات وزارة الزراعة التونسية، ويبلغ استهلاك تونس من الحبوب 3.4 مليون طن بين 1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب والقمح اللّين، ومليون طن من الشعير، وفقا لديوان الحبوب التابع للحكومة.
وكانت تونس تعاني بالأساس من عجز الموازنة المالية عام 2022، وبلغ حجم العجز بـ 9.3 مليار دينار، بينما بلغ إجمالي الديون 114 مليار دينار، وهي نسبة غير مسبوقة، وعلى إثر هذه الأزمة المالية، رفضت سفن الشحن في ديسمبر الماضي، تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها.
موقف الجزائر من شراء القمح
تبلغ واردات الجزائر السنوية منالحبوببما فيها القمح بنوعيه نحو 7 ملايين طن، بمبلغ يزيد عن 2 مليار دولار سنوياً، فيما يقدر معدل الإنتاج المحلي السنوي من القمح الصلب نحو 3.17 مليون طن، والمساحات المزروعة 8.6 مليون هكتار.
وتعد الجزائر، ثاني مستهلك للقمح في أفريقيا، وخامس مستورد للحبوب في العالم، ولديها مخزون يكفي 6 أشهر أيضا، وفي نوفمبر الماضي، أعلن الديوان المهني للحبوب شراء ما لا يقل عن 600 ألف طن من قمح الطحين في مناقصة دولية، وشراء ما بين 600 ألف و700 ألف طن من قمح الطحين من مناشئ خيارية في مناقصة عالمية في وقت متأخر الأربعاء.
من ناحية أخرى أكد وزير الزراعة الجزائري، أن البلاد لديها مخزونا كافيا من الحبوب حتى نهاية العام.