دخلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا يومها الحادي عشر، وما زالت القوات الروسية تتقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف، كما تحاول السيطرة على بعض المدن الأوكرانية الهامة ومنها: مدينة خاركوف وماريوبول وغيرها، حيث تصعد من هجماتها.
ووسط الحرب واحتدام القتال بين قوات الجارتين، روسيا وأوكرانيا، برزت أسماء مجموعة من المنافذ البحرية الهامة، والتى تسعى موسكو السيطرة عليها لتساعدها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية من الهجوم على أوكرانيا ومنها بالفعل ما يقع تحت سيطرتها ويعد منطقة نفوذ لها، وأهما: البحر الأسود وبحر آزوف وبحر البلطيق ونسلط الضوء عليهم في التقرير التالي:
البحر الأسود
البحر الأسود (عُرٍف قديمًا ببحر البنطس) هو بحر داخلي يقع بين الجزء الجنوبي الشرقي لأوروبا وآسيا الصغرى يتصل بالبحر المتوسط عن طريق مضيق البوسفور وبحر مرمرة ويتصل ببحر آزوف عن طريق مضيق كيرتش.
ويقع البحر الأسود على مفترق طرق مهم بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، إذ يحتل موقعا استراتيجياً بين جنوب شرقي أوروبا، ويمتد إلى روسيا وجورجيا نحو آسيا، وتطل عليه أربع دول أخرى هي تركيا وبلغاريا ورومانيا وأوكرانيا، ويرتبط بالمحيط الأطلسي عبر البحر المتوسط، الذي يتصل به من طريق مضيق البوسفور وبحر مرمرة وبحر إيجه في الركن الجنوبي الغربي للبحر.
كما يرتبط "البحر الأسود" شرقا ببحر آزوف من طريق مضيق كيرتش، وإضافة إلى خطوط أنابيب النفط والغاز وكابلات الألياف الضوئية التي تمتد على طول قاع البحر، تمر مئات السفن على السطح حاملةً الأشخاص والبضائع يوميا.
وتمثل منطقة البحر الأسود أهمية استراتيجية كبيرة وساحة أمنة لروسيا التي دائما ما تدخل في تجاذبات ونزاعات مع الدول الأوروبية خاصة التي تتعدى على مناطق النفوذ الروسي، حيث تعتبر روسيا "البحر الأسود" منطقة نفوذ خاص تحظى بأهمية جيوسياسية وفي ذات الوقت عازل أمني عن منافسيها الغربيين.
وقد تترتب عن الحرب في أوكرانيا عواقب كبرى على التوازنات الأمنية في البحر الأسود، ولا سيما إذا احتل الروس ما تبقى من سواحل أوكرانيا وصولا إلى دلتا الدانوب، ما سيضعهم على تماس مباشر مع رومانيا، الدولة العضو في الحلف الأطلسي.
ويقول مراقبون إن نهج روسيا في التعامل مع "البحر الأسود" يعتمد على تاريخ طويل من المواجهة مع القوى الكبرى في أوروبا وعلى التنافس الجيوسياسي مع تركيا.
وتشمل أهدافها درء أي تهديد من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، سواء للأراضي الروسية نفسها أو معقلها الاستراتيجي في شبه جزيرة القرم.
كما أنها تريد تقويض تماسك الحلف من خلال محاولة تأجيج الانقسامات بين أعضائه على طول البحر الأسود، ومنع "أوكرانيا" وجورجيا من الانضمام إليه.
كما ترى موسكو أن منطقة البحر الأسود حيوية لاستراتيجيتها الجغرافية الاقتصادية، لإظهار القوة والنفوذ الروسيين في البحر المتوسط ، وحماية روابطها الاقتصادية والتجارية مع الأسواق الأوروبية الرئيسة، وجعل جنوب أوروبا أكثر اعتمادا على النفط والغاز من روسيا.
بحر آزوف
بحر آزوف هو بحر متفرع من البحر الأسود في جزئه الشمالي ويتصل به عن طريق مضيق كيرتش، يطل على الشواطئ الأوكرانية من شماله وعلى روسيا من جهة الشرق وشبه جزيرة القرم من الغرب.
ويحمل بحر آزوف أهمية استراتيجية كبرى في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، كون البلدين يطلان عليه، فضلا عن أنه يصل روسيا بشبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو عام 2014.
وتستخدم روسيا البحر الصغير المرتبط بالبحر الأسود في عملياتها العسكرية، وآخرها حصار مدينة ماريوبول المطلة على بحر آزوف.
ويتعرض ميناء ماريوبول الاستراتيجي شرقي أوكرانيا لحصار وهجمات عنيفة من القوات الروسية، في إطار سعيها لفرض سيطرتها على الأراضي الأوكرانية المحيطة ببحر "آزوف".
وماريوبول تعترض إمدادات الأسلحة التي ترسلها روسيا لقواتها والموالين لها في أوكرانيا، وتحديدا تلك القادمة من شبه جزيرة القرم غربا، ومن القوات الموجودة في إقليم دونيتسك الانفصالي الموالي لروسيا، شرقا.
وبالسيطرة على ماريوبول والمنطقة المحيطة، ستسيطر القوات الروسية على بحر آزوف المرتبط بالبحر الأسود من خلال مضيق كيرتش، الذي تهيمن عليه موسكو بالفعل كونه يقع في شبه جزيرة القرم، ليصبح آزوف بمثابة بحر داخلي.
وفي حال اكتملت السيطرة الروسية على ضفاف بحر آزوف، فإن موسكو ستتمكن من إدخال أسلحتها لقواتها في أوكرانيا، وربما تجعل سفنها الحربية أو غواصاتها النووية تتمركز فيه، لتدفع بميزان القوى في صالحها أكثر.
كما يتمتع هذا البحر بأهمية اقتصادية بسبب وجود سفن محملة بالقمح داخل هذا البحر، مما قد يلقي بظلاله على إمدادات الغذاء العالمية، كون روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدري القمح في العالم.
يذكر أن روسيا أعلنت، الخميس، توقيف الملاحة في بحر آزوف، حيث شنت القوات الروسية عملية عسكرية.
بحر البلطيق
بحر البلطيق، يقع في شمال أوروبا مُحاطا بشبه الجزيرة الإسكندنافية وأوروبا الوسطى وأوروبا الشمالية وأوروبا الشرقية والجزر الدنماركية، ويتصل بخليج كاتيغات عن طريق مضيق أوريسند والحزام الكبير والحزام الصغير، وهو بحر ذو ماء مسوس.
وسبق وكانت الحرب الشمالية العظمى "حربا تواجه فيها الإمبراطورية الروسية والدنمارك - النروج والكومنولث البولندي اللتواني وساكسونيا ضد الإمبراطورية السويدية" للهيمنة على بحر البلطيق، وانتهت الحرب بهزيمة السويد في 1721 لتترك روسيا كقوة عظمى جديدة في بحر البلطيق وكلاعب سياسي مهم في أوروبا.
وبدأت الحرب بهجوم التحالف على السويد في 1700 وانتهت في 1721 بمعاهدة نيستاد ومعاهدة ستوكهولم.
وعلى غرار تلك النزاعات التاريخية بين روسيا والسويد هناك تخوفات سويدية بسبب الأحداث الجديدة من روسيا على أوكرانيا، حيث أعلن الجيش السويدي أنه نشر الجمعة، عربات مدرعة وعشرات من العسكريين المسلحين في شوارع مدينة فيسبي الساحلية على جزيرة جوتلاند المطلة على بحر البلطيق، في خطوة غير معتادة رداً على "النشاط الروسي" المتزايد في المنطقة.
وشوهدت 12 عربة قتال مدرعة وعشرات العسكريين المسلحين يقومون بدوريات في شوارع فيسبي، حيث جاءت الخطوة بعد أن أبحرت ثلاث سفن إنزال روسية في بحر البلطيق، عبر مضيق الحزام العظيم في الدنمارك، وسط تصاعد التوتر بين روسيا والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وقال وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست لوكالة "فرانس برس" إن "القوات المسلحة تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية سلامة السويد وإظهار قدرتنا على حماية السويد والمصالح السويدية".
وفي بيان صدر في وقت متأخر، الخميس، كان الجيش السويدي قد قال إنه سيتم نشر القوات "لتعزيز العمليات في العديد من المواقع"، بسبب "النشاط الروسي المتزايد في بحر البلطيق".
وقالت القوات المسلحة السويدية، الخميس، إنها تشهد نشاطاً روسياً متزايداً في بحر البلطيق، مشيرةً إلى أن هناك "عناصر تنحرف عن المشهد الطبيعي"، ولذا فإن السويد تزيد درجة استعدادها العسكري.
وقال قائد العمليات المشتركة في الجيش السويدي الليفتنانت جنرال ليف ميشائيل كلايسون في البيان: "ذلك لا يعني تهديداً زائداً، لكننا نتكيف دائماً مع الموقف السائد".
والسويد لاحظت، من بين أشياء أخرى، عدداً من سفن الإبرار التابعة للبحرية الشمالية الروسية والتي دخلت بحر البلطيق.