توفي سعيد الحافي أحرف لاعب كرة شراب في مصر الذي واجه حظا سيئا في حياته الكروية وتم تكريمه من جانب جمعية اللاعبين القدامى وخلدت شخصيته السينما المصرية الفنان عادل إمام في فيلم الحريف.
مرَّ سعيد الحافي بالعديد من الصعوبات في حياته حيث عمل الحافي بإحدى ورش الأحذية لكي يحصل على قوت يومه ولم تتوقف المصاعب الذي واجهها الحافي عند ذلك بل كان للمشاكل أيضا جزء من جانب حياته العاطفية حيث انفصل عن زوجته وهكذا لم يتبق له سوى موهبته التي طوّرها وزاد معها حبه الشديد لكرة القدم.
اكتشفه عبده البقال واعترف له بموهبته وعرض عليه الانضمام للنادي الأهلي بمقابل مادي ووافق الحافي في بداية الأمر ولكن عندما علم راتبه سيكون ١٧ جنيه رفض وكان هذا الراتب ضعيف جدًا من وجهة نظر الحافي لأنه يتقاضى 10 جنيهات على المباراة الواحدة بالإضافة إلى أنه كان هناك سببًا آخر رفض الحافي هذا العرض وهو انه لا يلعب إلا حافيا ولا يستطيع اللعب بالحذاء وكانت كرة الشراب المفضلة لدى الحافي.
مطلع الثمانينيات، احتفظ الشاب سعيد بمكانة خاصة في إمبابة عندما تسلل إلى قلوب أبنائها من لعبه لكرة القدم في الساحات الشعبية، قبل أن ينتقل منها إلى العباسية والسيدة زينب ثم يتنقل إلى الإسكندرية وغيرها.
موهبة الراحل سعيد الحافي استطاعت إثبات نفسها لدرجة تم تلقبيه بالقنبلة أثارت هذه القصة إعجاب السينما الشديدة حيث ان أشهر لاعب كرة شراب في تاريخ مصر واجه نجوم الكرة المصرية في دورات الشوارع وهزمهم وعلى رأسهم محمود الخطيب وحسن شحاتة وفاروق جعفر.
تخليد شخصيته في السينما المصرية
عظمت أعمال السيناريو بشير الديك وأستطاع تتويج أعماله بفيلم الحريف الذي كان من بطولة الراحل أحمد زكي أولا ولكنه رفض بسبب طلب المخرج بتقصير شاربه ولم يكن أمام الديك سوي الزعيم عادل إمام و كانت الكاميرا ترتكز عليه وهو يؤدى بعض المهارات الممتعة والألعاب الجميلة.
سعيد الحافي في إحدى الأحاديث الصحفية استعاد شريط حياته مع كرة القدم والتي جسدها فيلم الحريف وتحدث عن بداياته وقال: لا تتعجب حين أقول لك أن كرة القدم هي حياتي حرفيًا.. بها حييت وأحيا وأموت، فمنذ نعومة أظافري وأنا ألعب كرة القدم بمدينة العمال في إمبابة، وتحديدًا بأرض عزيز عزت بتشجيع من أبي.
أضاف : كان يجن جنوني بالكرة، وأذهب وراءها ولا يهم أين؟.. كنت متزوج من الكرة الشراب وبسببها لم أتزوج، فكانت العشق الوحيد لي والاحتياج الوحيد ربما تكون أضرتني ولكني لا أستطيع كرهها.. وعملت بشركة الكبريت قبل أن تغلق أبوابها ويتم تصفيتها.
من بين عشرات الأندية عشق الحافي فريق الترسانة حيث كان وقتها يضم العديد من أساطير كرة القدم، خاصة أن أبيه كان لاعبًا بصفوف الشواكيش وظهرت موهبته في كرة القدم به منذ البداية ورغم هذا العشق غير العادي لفريق الترسانة، كان عشقه لمحمود الخطيب رئيس النادي الأهلي بلا حدود، ولا تزال ذاكرته تحتفظ بأن بيبو سأل عليه أكثر من مرة عندما سمع بموهبته.
وتحدث سعيد الحافي عن حظه السيء وقال: للأسف كنت أعاني من الفلات فوت ولا أستطيع لعب الكرة إلا حافي، ومن هنا أطلق علي لقب سعيد الحافي، فعرض عليا اللعب للقطبين الأهلي والزمالك وعدة أندية ولكن لم يتم السماح لي بلعب الكرة بدون حذاء بالرغم من محاولات أبي - رحمه الله - المضنية لإيجاد حل لهذه الأزمة لدرجة تصنيع حذاء خاص لكن دون جدوى حتى فقدنا الأمل.
ثم يمضي في حديثه: كنت أتمنى اللعب لأحد الأندية وكانت رغبة أبي أيضًا بالرغم من أنني كنت أجني المال من اللعب بالساحات فكان يقال لي: تعالى ألعب ماتش وخد كذا وقت ما كان أكبر موظف مرتبه الشهري أقل من ربع ما أجنيه من مباراة واحدة.
ويضيف سعيد: الكرة تجن جنوني في كل الأوقات وإلى الآن أشاهدها بشغف قدر استطاعتي، سابقًا كان يتجمع العشرات ليشاهدوني وأنا ألعب، وكان يأتي تجار من كل المحافظات ليشاهدوني.. أذكر أحد المواقف أن رجلا طلق زوجته وجاء ليشاهدني وأنا ألعب وبعد مشاهدتي أتى إلي وفاجئني بقوله: طلقت مراتي قبل أن أشاهدك ولكنك سلطنتني وسأردها مرة أخرى لعصمتي بسببك، فكان الجميع يلقبني بالحاوي.
ومن شدة شهرته، يروي قصة أخرى فيقول: أهلي في إحدى المرات تخيلوا أنني أتشاجر بسبب الزحام الذي كان من الناس حولي ولكنهم اكتشفوا أنهم مشجعين ومعجبين بمهاراتي، فكنت أستطيع أن أروض الليمون والبلي بمهارة التنطيط وبطلت لعبها عند سن الـ50.
ويحكي كذلك أن كثيرًا من نجوم الجيل الذهبي لكرة القدم المصرية لعبوا معه كمصطفى يونس وحسن شحاته وسيد وإبراهيم وإسماعيل يوسف إذ كانوا جيراني فجمعتني الكرة بهم كثيرًا، خاصة الراحل إبراهيم يوسف، ومن المواقف الطريفة أن فاروق جعفر سبني بسبب إعجابه بموهبتي واصفًا طريقة لعبي بأنها سحر.
وأقام سعيد الحافي في أيامه الأخيرة مع أخته التي تولت أموره لكبر سنه وعدم استطاعته العمل وقامت بتكريمه جمعية اللاعبين القدامى حيث اشترك في التكريم وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي.