ما حكم دفن الموتى ليلا ؟ .. وما المقصود بالنهي الوارد عنه في الأحاديث النبوية؟ .. سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية.
ما حكم دفن الموتى ليلا
وقالت دار الإفتاء في بيانها حكم دفن الموتى ليلا، إن دفن الموتى ليلا جائز شرعًا، وقد ورد في ذلك جملةٌ من الأحاديث والآثار، ونقل بعضُ العلماء الإجماعَ على جوازه مع تفضيل النهار على الليل إذا ترتب عليه مصلحة للميت بكثرة المصلين، والمشيِّعين له والداعين، مع الحرص على أن يكون هذا الترتيب في وقت قريب من الوفاة، بحيث لا يتعارض مع الإسراع بالتجهيز والتعجيل بالدفن.
ولفتت إلى أن النهي الوارد في بعض الأحاديث إنما هو عند مظنة حصول التقصير في حق الميت بترك الصلاة عليه أو عدم إحسان تكفينه، لا لأن الليل يُكرَهُ الدفنُ في ظُلـمته.
حكم دفن الموتى ليلا
كما قالت دار الإفتاء، إنه يجوز الدفن ليلا بإجماع أهل العلم؛ مستدلة بقول الشيخ الحطاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 221، ط. دار الفكر): [الدفن ليلًا جائز؛ نقله في "النوادر"، وقول النووي: في دفن فاطمة ليلًا جواز الدفن بالليل، وهو مجمعٌ عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن هناك عذر.
وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكم دفن الموتى ليلا؟»، أن الدفن ليلا كرهه بعض العلماء مع الإباحة؛ لما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَليحسن كَفَنَهُ».
ونقلت قول الإمام النووي في إباحة الدفن ليلا حيث قال في "شرحه على مسلم" (7/ 11، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال جماهير العلماء من السلف والخلف: لا يكره؛ واستدلوا بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من السلف دُفِنوا ليلًا من غير إنكار، وبحديث المرأة السوداء، والرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليلًا، وسألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، فقالوا: توفي ليلًا فدفنَّاه في الليل، فقال: «أَلَا آذَنْتُمُونِي؟» قالوا: كانت ظلمةً، ولم ينكِر عليهم. وأجابوا عن هذا الحديث: أن النهي كان لترك الصلاة، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل؛ وإنما نهى لترك الصلاة، أو لقلة المصلين، أو عن إساءة الكفن، أو عن المجموع كما سبق].