رأت شبكة ”سي إن إن“ الأمريكية، أنه مهما كانت النتيجة النهائية للغزو الروسي لأوكرانيا، فقد نجح الرئيس فلاديمير بوتين في شيء واحد وهو ”تغيير الخريطة الأمنية لأوروبا بشكل أساس“ ولن تعود الأمور إلى ما كانت عليه من قبل.
وأشارت الشبكة في تقرير، اليوم الخميس، إلى أنه ”تم اتخاذ قرارات في جميع أنحاء القارة لم يكن من الممكن تصورها قبل أسابيع قليلة فقط، ففي غضون أيام قليلة ذهب الاتحاد الأوروبي إلى أبعد من ذلك في سعيه إلى أن يصبح قوة جيوسياسية في حد ذاتها أكثر مما كانت عليه منذ عقود طويلة“.
ولفت التقرير، إلى أن صدمة عودة الحرب إلى القارة أدت إلى توحيد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، إذ وافق الاتحاد ليس فقط على أقوى حزمة من العقوبات على دولة أخرى، ولكنه وافق أيضًا على شراء الأسلحة وتوريدها إلى الأوكرانيين.
وتابعت الشبكة ”تاريخيًا، انقسم الاتحاد حول مدى السيطرة المركزية التي يجب أن تتمتع بها قيادة الاتحاد في بروكسل على السياسة الخارجية“.
الأمن ليس بالمجان
ونقلت ”سي إن إن“ عن دبلوماسي أوروبي كبير قوله: ”لقد حطمت الأزمة في أوكرانيا الوهم بأن الأمن والاستقرار في أوروبا يأتيان بالمجان“.
وأضاف: ”عندما لم يكن هناك تهديد حقيقي، بدت الجغرافيا السياسية بعيدة، الآن هناك حرب على حدودنا، الآن نحن نعلم أنه يتعين علينا الدفع والعمل معًا، الأمور تغيرت بشكل كبير ولن تعود أوروبا كما كانت قبل الحرب“.
وأوضح الدبلوماسي، أن غزو أوكرانيا لم يكن وحده هو الذي أيقظ أوروبا من سباتها، مشيرًا إلى أنه في محادثاتهم مع نظرائهم، لاحظ المسؤولون الأوروبيون الدور القيادي الذي لعبه الرئيس الأمريكي جو بايدن في تنسيق رد الغرب.
وأضاف: ”كان هناك خوف كبير في العواصم الأوروبية من حقيقة ماذا كان سيحدث لو لم يكن بايدن في البيت الأبيض في الوقت الحالي؟ لا أحد يعتقد بجدية أن الرئيس السابق دونالد ترامب كان سيتعامل مع هذا الأمر بشكل جيد.. المشكلة هي أن ترامب أو أي شخص مثله قد يعود للبيت الأبيض خلال عامين أو ثلاث.. هذا يعني فعليًا أن علينا أن نفترض أننا وحدنا“.
التحول في ألمانيا
واعتبر تقرير الشبكة الأمريكية، أن التحول الأكثر أهمية في أوروبا خلال الأيام القليلة الماضية جاء من ألمانيا، بعد أن أعلنت الدولة العضو الأكثر ثراءً والأقوى في الاتحاد إنها ستضاعف إنفاقها الدفاعي، مع توقع أن تصل ميزانيتها العسكرية لعام 2022 إلى 100 مليار دولار.
ومنذ وقت ليس ببعيد، كان معظم السياسيين الألمان – وعدد من السياسيين في جميع أنحاء أوروبا – غير مرتاحين لفكرة وجود عسكري كبير لألمانيا لأسباب تاريخية واضحة بحسب الشبكة، التي قالت: ”مرة أخرى تسبب الوضع في أوكرانيا بتغيير كل شيء“.
وقال الدبلوماسي الأوروبي: ”استنادًا إلى المحادثات التي أُجريت في الاتحاد الأوروبي في الأيام القليلة الماضية، يبدو أن معظم القادة الأوروبيين الآن مرتاحون لوجود جيش ألماني ضخم إذا كان راسخًا بقوة داخل الاتحاد الأوروبي“.
لا عودة للوضع السابق
وقال التقرير: ”قد يعتقد المتشائمون أن وحدة أوروبا وحزمها لم يأتيا إلا بسبب أزمة فريدة وتهديد يحدث مرة واحدة في الجيل لأمن القارة، ومع ذلك، قال العديد من المسؤولين الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي (الناتو) إنه لا توجد نتيجة يمكن من خلالها لأوروبا أن تعود ببساطة إلى ما كانت عليه الأمور“.
وأضاف ”إذا سقطت أوكرانيا بالفعل فستكون روسيا قد وسعت بشكل كبير حدودها البرية مع الاتحاد الأوروبي.. ولكن إذا ما أرادت الصمود وإجبار القوات الروسية على الخروج، فإن الرئيس فلاديمير بوتين الجريح الذي لا يمكن التنبؤ به سيجلس ويفكر في الكرملين.. وكما قالت مستشارة البيت الأبيض السابقة لشؤون روسيا فيونا هيل لمجلة بوليتيكو الأمريكية أخيرًا، عندما سئلت عما إذا كانت تعتقد أن بوتين سيستخدم أسلحته النووية: نعم، سيفعل“.
ونقلت ”سي إن إن“، عن مسؤول كبير في بروكسل قوله إنه ”حتى الآن، تجد الدول الأعضاء أن النفوذ الروسي قد يتوسع وهذا أمر مخيف“. وتابع: ”تشترك فنلندا في حدود برية ضخمة مع روسيا والأساطيل الرومانية تشترك في البحر الأسود مع البحرية الروسية.. وبعد شهور من قول الناس إن بوتين لن يذهب إلى أوكرانيا فقد فعل ذلك.. هذا وضع مخيف للغاية حقًا“.