الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العقوبات" كارت" محروق!

صدى البلد

أثبتت التجارب عمليا أن العقوبات من فرط استخدامها تحولت إلى سلاح فاسد، و"كارت" محروق.هى ضربة قد توجع لكنها لاتميت، وقد تؤخر التقدم خطوة أو خطوات، لكنها لا تثنى الشعوب عن المضى فى تحقيق أهدافها,بل تعلمها الصبر، وتدفعها إلى مزيد من الإصرارعلى ذلك.

العقوبات مثلا ضد كوريا الشمالية لم تمنعها من الاستمرار فى تجاربها الصاروخية والنووية، بل زادتها تصميما على تدعيم ترسانتها، وجعلت من فرضوا عليها هذه العقوبات هم الذين يطرقون أبوابها ويدعونها للحوار.

نفس الأمر تكرر ومازال مع إيران التى تتفاوض أمريكا معها من أجل إعادة تفعيل الاتفاق النووى بعد أن كانت قد انسحبت منه فى عهد ترامب.

ولم يسقط النظام السياسى الحاكم فى أى من البلدين وقد كان إسقاطه أحد أهداف العقوبات.

وأستطيع أن أذكر نماذج أخرى لفشل العقوبات فى تحقيق أهدافها، ففى عالم تحول إلى قرية صغيرة، وتعددت فيه وسائل التواصل لم تعد هناك عقوبات تستعصى على الاختراق، والالتفاف عليها من جانب الدولة الضحية ومن غيرها.

ثم إن العقوبات سلاح ذو حدين,يضر من يفرضها كما يضر من تفرض عليه، فالتجارة-على سبيل المثال- منتج ومستهلك,فلو فرضت دولة عقوبة عدم الاستيراد أو التصدير من وإلى دولة أخرى,فإن مستهلكيها المنتفعين بالواردات,ومنتجيها المستفيدين من التصدير سيضارون بنفس قدر تضرر نظرائهم الذين سيخضعون للعقوبة,وهكذا.

وربما يتضح ذلك قريبا فى العقوبات التجارية التى فرضتها أمريكا فى الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا، وفى تضرر الأوروبيين وفى مقدمتهم الألمان من تعليق الحكومة الألمانية التصديق على تشغيل خط توريد الغاز الروسى لأوروبا عبر ألمانيا والمعروف باسم "نورد ستريم".

بل أكاد أقول: تريد أن تجعل عدوك أكثر قوة..افرض عليه عقوبات!فلو لم تكن روسيا قد تذوقت العقوبات، وعرفت كيف تتعامل معها وتتجاوز آثارهاماكان رد فعلها للعقوبات الأخيرة,وما قد يتلوها بهذا الهدوء البارد الذى جسده تعقيب لافروف وزير خارجيتها بقوله:كانت متوقعة واعتدناها.

وواضح أن الدب الروسى قد استفاد من درس ضم شبه جزيرة القرم إليه,فلم يكن لدى الغرب وقتها خيار غير فرض العقوبات، فاستوعب الشعب الروسى العقوبات، وكسب ضم القرم ولم يعدها، وهذا ما يتكرر الآن وضعت خصومها أمام أمر واقع، وانتظرت العقوبات المتوقعة، وبالتأكيد خططت للتعامل معها دون أن تتخلى عن هدفها.

  مر لبنان خلال العقود الماضية بأزمات صعبة وحروب متكررة,وفى كل مرة يخرج منها بإرادة شعبه ورغبته فى الحياة والقدرة على التعايش،غير أن الأزمات الأخيرة كشفت عن انقسامات عميقة فى المجتمع اللبنانى وتقديم مصالح الطوائف على المصلحة العليا للوطن,مما تسبب فى تعقيد المشهد, وتوقف لبنان عن الوفاء بالتزاماته الدولية، وتراجع الاقتصاد إلى مستويات تحتاج إلى سنوات طويلة.

 الأزمة باختصار أن لبنان يواجه نقصا حادا فى الاحتياطى النقدى وارتفاعا جنونيا للدولارالأمريكى مقابل الليرة اللبنانية, وعجز البنوك اللبنانية عن عدم الوفاء بمستحقات المودعين,وزيادة فاتورة الواردات وتراجع الصادرات فى ظل جائحة كورونا.قد يكون التطور الأبرز هو البيان المشترك من حركة أمل وحزب الله, حيث أعلن الطرفان الموافقة على العودة إلى المشاركة فى مجلس الوزراء من أجل إقرار الموازنة العامة للدولة,ومناقشة خطة التعافى المالى، مما يعطى أملا فى أن تجتمع حكومة لبنان برئاسة نجيب ميقاتى لبحث الموضوعات المهمة مثل الموازنة, والمفاوضات المقررة مع صندوق النقد الدولى,وكيفية تدبير احتياجات المواطن,ومواجهة تدنى الأجر.اجتماع الحكومة خطوة البداية لمواجهة الأزمات فى لبنان، وإن كانت قد تأخرت طويلا مما ضاعف من الأزمات وعدم إيجاد الحلول .

 أظهرت جائحة كورونا أن الاقتصاد العالمى بعناصره التقليدية تعرض لهزة كبيرة,فلم تعد العناصر الرئيسية للإنتاج وفقا للنظريات الاقتصادية التقليدية هى: الأرض والعمل ورأس المال والتنظيم, لكن ثورات الانترنت أدت إلى وجود عناصر أخرى تجسدت بشكل واضح فى الاعتماد على الشبكة العنكبوتية كأحد العناصر الرئيسية فى تشكيل النظام الاقتصادى.

 أتمنى أن يتمكن مجلس النواب فى دورته الحالية من إقرار عدد من القوانين الجماهيرية,وفى مقدمتها قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر فى النظام القديم، وقانون السايس لتنظيم انتظار السيارات بالشوارع,وقانون تراخيص البناء الجديد,وقانون الأحوال الشخصية.

لماذا ينجح الفهلوى فى المجتمع,بينما يفشل الأكفأ لأنه ليس مهياصا؟

 علمتنى الحياة أن حقيقة الإنسان ليست بما يظهره لك، بل بما يفعله، فلا تصغ إلى ما يقوله لك، بل انظر إلى ما يفعله من أجلك، وعلمتنى الحياة أيضا أن العتاب هو دليل المحبة.أما الصمت فهو بداية نهايتها.لا تحزن من شخص يعاتبك لأنه أحبك بصدق، لكن احزن عندما يقرر الصمت.