أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل يومين، قيادته العسكرية بوضع قوات الردع الروسية، وذلك في إشارة إلى الوحدات التي تضم أسلحة نووية في حالة تأهب قصوى.
وأبلغ وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو الرئيس، بأنه عزز المراكز القيادية لجميع القوات النووية الروسية بأفراد إضافيين.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن حالة التأهب القصوى تنطبق على جميع مكونات القوات النووية الروسية وقوات الصواريخ الاستراتيجية التي تشرف على الصواريخ البالستية الروسية الأرضية العابرة للقارات.
وكذلك الأسطول الشمالي وأسطول المحيط الهادي، اللذين يطلقان صواريخ بالستية عابرة للقارات من غواصات، وقوات الطيران بعيد المدى التي تمتلك أسطولا من القاذفات الاستراتيجية ذات القدرات النووية.
الغرب ينتفض ضد تصريح بوتين
وتباينت ردود الأفعال على تصريحات الرئيس الروسي، وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إن أمر الرئيس فلاديمير بوتين بوضع قوات الردع الروسية التي تشمل أسلحة نووية في حالة تأهب قصوى يعد تصعيدا غير مقبول.
وأضافت: "وهذا يعني أن الرئيس بوتين يواصل تصعيد هذه الحرب بطريقة غير مقبولة على الإطلاق وعلينا أن نواصل وقف أفعاله بأقوى طريقة ممكنة".
من جانب آخر، رأت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، أن الرد الأمريكي الأمثل على قرار بوتين بوضع قوات الردع النووي في حالة تأهب، هو "التجاهل وعدم القيام بأي شيء".
وبدأت روسيا البرنامج النووي الأول الخاص بها أيام الاتحاد السوفيتي في 29 أغسطس عام 1949 في كازاخستان.
أما آخر تجربة فكانت في 24 أكتوبر عام 1990 في ميدان الرمي بجزيرة نوفايا زيمليا، واستمر برنامج التجارب النووية السوفيتي 41 سنة وشهرا واحدا و26 يوما.
وقد أجري خلال هذه الفترة 715 تفجيرا نوويا للأغراض السلمية والعسكرية على حد سواء.
وفي هذا الإطار نسلط الضوء على “أبو التجربة الروسية السوفيتية” النووية:
ساخاروف أبو القنبلة الروسية
ولد العالم النووي السوفياتي ساخاروف في موسكو في 21 مايو 1921، وهو ابن دميتري إيفانوفيتش ساخاروف معلم الفيزياء.
وكان جده محاميا بارزا في الإمبراطورية الروسية، ووالدة ساخاروف هي ييكاترينا أليكسييفنا ساخاروفا، حفيدة ابن القائد العسكري البارز أليكسي سيمينوفيتش سوفيانو، الذي تعود أصوله إلى اليونان.
التحق ساخاروف بجامعة موسكو الحكومية عام 1938، وعقب إخلاء المدينة عام 1941 أثناء الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية)، تخرج ساخاروف في عشق آباد فيما يعرف حاليا بتركمنستان.
وبعدها كلف بالعمل في مختبر في أوليانوفسك، وفي عام 1943 تزوج كلافديا أليكسييفنا فيخيريفا، وأنجب منها بنتين وولدا.
ثم عاد ساخاروف إلى موسكو في عام 1945 كي يدرس في القسم النظري في المعهد الفيزيائي التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية، ونال درجة الدكتوراه عام 1947.
وكان ساخاروف ناشطا ينادي بنزع الأسلحة النووية، ويدافع عن السلام وحقوق الإنسان، حيث اشتهر ساخاروف بكونه مصمم القنبلة الهيدروجينية التي كانت جزءا من مشروع تطوير الأسلحة الهيدروجينية السوفيتية الذي يرمز له بأر دي إس 37.
وأضحى ساخاروف في وقت لاحق مدافعا للحريات المدنية والإصلاحات المدنية في الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لذلك تعرض لاضطهاد الدولة.
ونال ساخاروف جائزة نوبل للسلام عام 1975 تقديرا لجهوه، وتمنح جائزة ساخاروف لحرية الفكر سنويا للأشخاص والمنظمات الذين كرسوا حياتهم من أجل حقوق الإنسان وحرياته، وسميت بهذا الاسم تكريما له.
الرائد في صناعة الحرب والسلام
سخاروف هو الرجل الذي كرس شبابه وعلمه لصنع القنبلة الهيدروجينية الفتاكة، ليصبح فيما بعد من ألد المعارضين لتجربتها أو استخدامها، وكان بعض زملائه من العلماء السوفيت يطلقون عليه "الرائد في صنع الحرب والسلام".
ومنذ أواخر الخمسينات، كان أندريه ساخاروف يدعو مرارا إلى وقف تجارب الأسلحة النووية، وترأس في مطلع الستينات حركة المدافعين عن الحقوق في الاتحاد السوفيتي.
وكتب ساخاروف عام 1968 مقالة بعنوان "تأملات في موضوع التقدم والتعايش السلمي وحرية العقل"، نشرت في الكثير من الدول يطالب فيها بمزيد من الحريات في الاتحاد السوفيتي، مما أدى إلى طرده من برامج الأبحاث النووية، وعرض أيضا الكثير من أقاربه وأصدقائه إلى مضايقات أمنية من جانب السلطات السوفيتية.
وفي عام 1970، أصبح أندريه ساخاروف أحد المؤسسين الثلاثة لـ "لجنة حقوق الإنسان في موسكو".
وتوجه أندريه ساخاروف عام 1977 برسالة إلى اللجنة التنظيمية الخاصة بمكافحة الإعدام، دعا فيها الى إلغاء الإعدام في الاتحاد السوفيتي والعالم كله.
وفي ديسمبر عام 1979 – ويناير عام 1980، نشر ساخاروف في الصحف الغربية عددا من البيانات الموجهة ضد إدخال القوات السوفيتية إلى أفغانستان.
وفي 22 يناير عام 1980، نفته السلطات السوفيتية إلى مدينة نيجني نوفغورود دوان أن يصدر قرار المحكمة بهذا الصدد نظرا لمعارضته دخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان، وتم حرمانه من كل الجوائز والألقاب التي منحتها له الحكومة السوفيتية.
في ديسمبر عام 1986، تم تحرير أندريه ساخاروف من المنفى، حيث قضى مدة 7 سنوات، وذلك مع بدء "البيريسترويكا" في الاتحاد السوفيتي.
وتوفى أندريه ساخاروف يوم 14 ديسمبر عام 1989 إثر نوبة قلبية أثناء تقديم مشروعه للدستور في أحد الاجتماعات.
يعمل في موسكو حاليا متحف ساخاروف ومركز اجتماعي يحمل اسمه، وأطلق اسم أندريه ساخاروف على شارع في موسكو وفي غيرها من مدن روسيا.
وأسس البرلمان الأوروبي عام 1988 جائزة "من أجل حرية الفكر"، وتحمل اسم ساخاروف، وتمنح سنويا لقاء إنجازات في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترام القونين الدولية وتطوير الديمقراطية.
الأول عالميا في الردع النووي
يمتلك الجيش الروسي قوة عسكرية ضاربة تضعه في المرتبة الثانية عالميًا، والأول عالميًا في الردع النووي، إذ يمتلك نحو نصف القنابل النووية التي تمتلكها كل جيوش العالم مجتمعة.
تمتلك روسيا 7 آلاف قنبلة نووية، وهي أكبر دولة تمتلك قنابل نووية في العالم، وتتفوق على جميع دول العالم الأخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أوضح أن أسلحة روسيا النووية تساوي نصف أسلحة العالم النووية.
وتحشد روسيا أكثر من 1500 رأس نووي استراتيجي معد للإطلاق على باستخدام أكثر من 500 صاروخ باليستي عابر للقارات والغواصات والقاذفات الاستراتيجية، بينما يصل عدد القنابل النووية الاستراتيجية والتكتيكية المخزنة إلى 2700 قنبلة، إضافة إلى 2510 رأسا نوويا من المنتظر أن يتم تفكيكها.
ويمتلك الأسطول الروسي أخطر سلاح نووي في العالم يعرف باسم «طوربيد يوم القيامة»، الذي تم الكشف عنه عام 2015، وأكدته وثائق تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية.
ويستطيع الطوربيد النووي، الذي يطلق عليه أيضا «ستاتس ـ 6»، أن يدمر شواطئ العدو بشكل كامل ويقضي على مظاهر الحياة فيها لأجيال.
وينطلق الطوربيد الروسي الخارق تحت الماء على عمق يزيد على ألف متر، عبر تضاريس قاع البحر التي لا يمكن لأي غواصات أو مضادات للطوربيدات أن تصل إليها.