مضت حتى الآن 5 أيام من الحرب الروسية الأوكرانية، واليوم هو السادس في مسار الأحداث، التي بدأت فجر الخميس الماضي، بقصف عنيف على البنية التحتية العسكرية الأوكرانية والتي لم تقاوم القصف الصاروخي والمدفعي والجوي الروسي، وفي هذه الأيام، كان سقوط كييف أمر وشيك جدا وطبقا للمحلين فإن سقوط العاصمة الأوكرانية وقتها كان سيتم في مجرد أيام معدودة وهو ما لم يحدث.
في هذا التقرير، نستعرض أبرز مستجدات وتطورات الوضع في أوكرانيا، وموقف القتال بعد أن أخذ وقته في التزايد، ويشير بعض المحللين إلى أن الحرب قد حققت أهدافها بالفعل وعلى هذا الأساس بدأت روسيا في التفاوض مع أوكرانيا.
تعطل التفاوض بين روسيا وأوكرانيا
ولكن بعيدا عن جبهات القتال بين الجيش الروسي والأوكراني، فإن خطوط التواصل الدبلوماسية بين موسكو وكييف أصبحت مفتوحة، وهو ما أعلنه مساعد الروسي الروسي فلاديمير ميدينسكي والذي يرأس الوفد الروسي المفاوض مع أوكرانيا، وقال إن الوفدين الروسي والأوكراني اتفقا على عقد جولة جديدة من المفاوضات على الحدود البولندية البيلاروسية خلال الأيام المقبلة.
وأضاف ميدينسكي في تصريحات أوردتها وكالة أنباء تاس الروسية أن الجولة الحالية من المفاوضات انتهت مع الجانب الأوكراني، وذلك بعد أن استمرت لحوالي 5 ساعات، وتم بحث في هذا الوقت كل موضوعات جدول الأعمال بالتفصيل، ووجدنا بعض النقاط التي من الممكن أن نتوقع موقفا مشتركا بشأنها.
وأكد أن أهم شئ تم الاتفاق عليه، هو مواصلة عملية التفاوض وأن الجولة القادمة ستعقد خلال الأيام المقبلة على الحدود البولندية البيلاروسية، بعد جولة المفاوضات هذه التي بدأت أمس الأثنين.
مجلس الأمن وسيناريو الحرب العالمية الثانية
من جانبه قال مندوب أوكرانيا لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسا إن مستوى تهديد الأمن الدولي، أصبح مساويا لما كان عليه في الحرب العالمية الثانية، وربما أعلى بسبب أوامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوضع قوة روسيا النووية في حالة تأهب قصوى.
وأضاف كيسليتسا، خلال كلمته بـ مجلس الأمن أمس، أن روسيا تستخدم كل قدراتها العسكرية في هجومها على أوكرانيا، كما أنها تقوم بنشر وحدات من احتياطيها على الحدود الأوكرانية، مؤكدا ضرورة أن تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة حازمة في طلبها لروسيا بأن توقف هجومها على أوكرانيا، وأن تنسحب فورا دون شروط من الأراضي الأوكرانية كافة.
من ناحية أخرى، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي خط أحمر بالنسبة لروسيا، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر في عام 2008 خلال قمة روسيا -الناتو في بوخارست من انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الناتو.
وأشار إلى إن روسيا لا تعتزم احتلال أوكرانيا، وأن الهدف العملية العسكرية الروسية هو حماية الناس، الذين عانوا من سوء المعاملة والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف طوال 8 سنوات.
جبهات القتال بين روسيا وأوكرانيا
كان هذا هو الموقف الدبلوماسي، أما في إطار العمليات العسكرية، المستمر منذ 6 أيام ففي صباح اليوم، أعلن الجيش الأوكراني اليوم، أن روسيا قصفت أوكرانيا بـ 113 صاروخا من نوع إسكندر، أما عن الوضع الحالي، فقد أفادت مراسلوا الشبكات الإخبارية أن الهدوء يعم العاصمة الأوكرانية في كييف بعد ليلة من القصف الروسي ودخول مجموعات تابعة لموسكو محاولة للسيطرة على المدينة.
من جانبها واصلت قوات الدفاع الأوكرانية انتشارها في مدينة كييف، كما اشترك مدنيون متطوعون بالدفاع عن العاصمة، وأشارت التقارير إلى مقتل 70 جنديا أوكرانيا في قصف روسي لوحدة عسكرية بمدينة أوختيركا الأوكرانية.
وأضافت أنه تم إطلاق صافرات الإنذار في كييف، وسط قصف روسي، بالتزامن مع رصد موقع ماكسار، الخاص بالأقمار الصناعية، صورا تظهر قافلة عسكرية روسية بطول 60 كيلومترا شمال كييف.
وفي وقت سابق أمس الاثنين أكد الموقع أن القافلة العسكرية الروسية الكبيرة تتكون من مركبات مدرعة ودبابات ومدفعية مقطوعة ومركبات لوجستية أخرى، وبلغ طول القافلة من قاعدة أنتونوف الجوية، على بعد حوالي 17 ميلاً من وسط مدينة كييف، إلى شمال بريبيرسك بأوكرانيا.
جبهة القتال الشرقية والجنوبية
وعلى صعيد شرقي أوكرانيا في خاركييف، قال أوليج سينيجوبوف رئيس منطقة خاركيف الأوكرانية، اليوم، إن الهجمات الصاروخية الروسية أصابت مركز ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا بما شمل المناطق السكنية ومبنى الإدارة، مع دخول الغزو الروسي يومه السادس.
وذكر سينيجوبوف أن روسيا أطلقت صواريخ غراد وكروز على خاركيف وأنها مدانة بارتكاب جرائم حرب، مضيفا أن دفاعات المدينة صامدة، أما في الجهة الجنوبية الشرقية فقد أعلن حاكم ماريوبول الأوكرانية، عن تعرض المدينة الساحلية الجنوبية لقصف روسي متواصل أدى لقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية، في اليوم السادس من الغزو الروسي على البلاد.
ووفقا لوكالة "رويترز"، قال عمدة ماريوبول، فاديم بريكينكو: في بث مباشر على التلفزيون الأوكراني: "إنهم يقصفوننا بالمدفعية، ولدينا بنية تحتية مدنية متضررة كالمدارس والمنازل، وهناك الكثير من الجرحى، وهناك نساء وأطفال قتلى".
وعلى صعيد الجبهة الجنوبية، قال عمدة مدينة "خيرسون" إيجور كوليخاي، اليوم الثلاثاء، إن القوات الروسية أقامت نقاط تفتيش عند مداخل المدينة، مضيفا أنه من الصعب معرفة كيف سيتطور الوضع.
جبهة القتال الجنوبية
وأكد كوليخاي أن مدينة "خيرسون" كانت ولا تزال أوكرانية، مطالبا المواطنين بعدم الخروج أثناء حظر التجوال وعدم الدخول في أي محادثات مع أحد وعدم استفزاز العدو للصراع، على حد قوله.
وقد أفادت تقارير إعلامية في وقت سابق اليوم بسماع دوي انفجارات قوية بالقرب من مطار "خيرسون"، ذلك بعدما قال مسئولون أوكرانيون إنه تم مهاجمة المدينة خلال الليلة الماضية.
عائق استراتيجي أمام الجيش الروسي
وعن حقيقة الموقف الروسي، قال اللواء سمير فرج المفكر الاستراتيجي، إن روسيا حققت أهدافها من هجومها العسكري على أوكرانيا، فقط سيطرت عليها في البر والبحر والجو، ولا يستطيع الطيران الأوكراني أن يحلق، موضحا أن روسيا دمرت جميع قواعد الصواريخ الدفاع الجوي إس 300، ودمرت كل مراكز القيادة والرادارات والمطارات، ولكن لم تستطع فقط دخول المدن.
وأضاف فرج خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن روسيا لا تستطيع دخول المدن إلا بحجم تدمير كبيرا جدا، مشيرا إلى أن المدن تسمى في العلوم العسكرية "مقبرة الجيوش"، وأبسط مثال على ذلك في حرب أكتوبر لم تتمكن إسرائيل من دخول مدينة السويس يوم 21 أكتوبر، وفشل الجيش الإسرائيلي أمام 30 فرد من أفراد المقاومة الشعبية، كما أن مدينة ستالين جراد في الحرب العالمية الثانية حاصرها الجيش الألماني لمدة سنتين ولم يتمكن من منها، وبالتالي في اقتحام المدن من أصعب أنواع القتال.
ولفت إلى أنه حتى تدخل مدينة ستخلف تدمير كبير جدا من المدنيين والمنازل، ولكن بشكل عام فإن أوكرانيا تحت سيطرة كاملة من الجيش الروسي، بعد أن دمرت البنية الأساسية له، ولذلك بدأت عملية التفاوض.