فنانة شاملة، يمكنها الغناء والرقص والتمثيل، الفنانة الراحلة بديعة مصابني، التي تمكنت من السيطرة على قلوب الجميع، وحصلت على العديد من الألقاب المتنوعة، الراقصة التي اختلف حولها الكثيرون، فمنهم من رآها صورة لما كان عليه المجون والخلاعة واللهو، ومنهم من رآها رمزًا لفن الاستعراض والرقص الشرقي في مصر والعالم العربي.
على الرغم من اختلاف الكثيرون حول صورتها الأخلاقية، إلا أن الجميع اتفق على موهبتها الفنية الغنائية الراقصة، ما جعلها الأشهر في مصر والعالم العربي في القرن العشرين، وحصولها على ألقاب عديدة منها سيدة الليل، ملكة عماد الدين، أسطورة الرقص الشرقي، بدعدع.
من هي بديعة مصابني
ولدت الفنانة الراحلة بديعة مصابني في مثل هذا اليوم 25 فبراير عام 1892، من أم شامية وأب لبناني، واكتسبت لقبها لعمل أسرتها في « مصبنة» التي تقع في إحدى شوارع دمشق، وسميت بديعة لجمالها، لكن اسمها الحقيقي هو « وديعة جورج مصابني».
هاجرت بديعة مصابني مع والدتها إلى أمريكا الجنوبية، ومنها إلى مصر عان 1919م، وتعلمت الغناء والرقص بعد انضمامها لفرقة الرقص والغناء جورج أبيض.
المسيرة الفنية لـ بديعة مصابني
دخلت بديعة مصابني عالم الفن من خلال فرقة جورج أبيض، كراقصة، وجذبت الأنظار إليها بمواهبها المتعددة في الرقص والغناء والتمثيل، والتحقت بعد ذلك بفرقة الشيخ أحمد الشامي، ثم حققت بعد ذلك نجاح كبير، من خلال مسرحية « الليالي الملاح»، مع الفنان نجيب الريحاني، الذي تعرف عليها صدفة وعرفها على بديع خيري.
زاع صيت الفنانة بديعة مصابني، وأصبح اسمها كافيًا لنجاح أي ملهى ليلي أو مسرح استعراضي، ما دفعها لتأسيس كازينو خاص بها في ميدان الأوبرا عام 1929م، ليتخرج منه بعد ذلك عدد من كبار الفنانين.
أسست بديعة مصابني، شركة للإنتاج السينمائي عام 1936م، لكنها لم تكن خطوة موفقة لها، وأغلقت أبوابها بعد فترة قصيرة، بسبب تراكم الضرائب عليها، بعد إنتاج فيلمها « ملكة المسارح»، الذي قامت ببطولته مع مجموعة من الفنانين.
برعت بديعة مصابني في تقديم عدد من المسرحيات، مع فرقة نجيب الريحاني وجورج أبيض، أبرزها : « أيام العز، الشاطر حسن، كافيار وعدس، البرنسيسة»، إلى جانب تسجيلها العديد من الأغاني على أسطوانات خاصة منها: «الغيرة نار، جوزني بابا، البدر طلع غنوة، غني يا بلابل، ياما سهرت ليالي عليك».

اكتشاف بديعة مصابني للنجوم
بعد أن أسست بديعة مصابني كازينو خاص بها، أصبح هذا المكان ملتقى يجتمع فيه الادباء والشعراء والفنانين، حيث اعتبروا صالون ثقافي ثري، قدم نجيب محفوظ فيه ندوة أسبوعية، وغنى خلاله كبار المطربين أبرزهم فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمد فوزي، إلى جانب رقص عدد من نجمات الرقص الشرقي منهم تحية كاريوكا، وسامية جمال، ونجم الاستعراض إسماعيل ياسين.
علاقة بديعة مصابني مع نجيب الريحاني
اتقى الفنان الراحل نجيب الريحاني صدفة، مع بديعة مصابني، ليقدم الثنائي المتناغم العديد من الأعمال الفنية المشتركة المتميزة، وانطلاقات فنية فريدة، ليتزوج الثنائي عام 1943م، ليلعب الريحاني دورًا كبيرًا في مشوارها الفني، وحياتها الشخصية.
تجول الزوجين نجيب الريحاني وبديعة مصابني العالم سويًا، لكنه لم يتحمل طموحها الكبير، ولم يستطع مجاراتها، وانفصلا عن بعضهما البعض بعد استمرارها سويًا على مدار 25 عام، فعلى الرغم من حب بديعة الشديد للريجاني، إلا أنها كانت تختلف كثيرًا عنه.
افتقدت بديعة مصابني كثيرًا في الكثير من تفاصيل حياتها لنجيب الريحاني بعد انفصالهما، فقالت: « أنا كنت شكل وهو شكل، هو يحب النوم، ويحب السهر كثيرًا، بيقعد هو وبديع خيري يألفوا ويعملوا روايات، وأنا عايزة بالنهار مثلا أروح أتغدى في مسرح وأروح أتفسح مليش راجل معايا، فين نجيب؟ نايم، فين نجيب؟ بيشتغل، فين نجيب؟ عند بديع، فاتخانقنا وسيبنا بعض قبل وفاته بأشهر.»

وفاة بديعة مصابني المأساوية
كانت حياة الفنانة بديعة المصابني مرمى للشائعات، فدار حولها العديد من الأقاويل، حتى في حادث وفاتها، فعلى الرغم من بداتها الفنية القوية، والخطوات السريعة التي كانت تخطوها نحو النجاح والشهرة، إلا أن هذا النجاح لم يستمر طويلاً، إذ لقت مصرعها إثر حادث مروع في أوائل الخمسينيات، بعد انقلاب سيارتها وهي في طريق عودتها للقاهرة من الإسكندرية.
