قال المحلل الاقتصادي محمد أنيس، إن الأزمة الأوكرانية الروسية وزيادة حدة الصراع بينهما سيلقى بتبعيته على عدد من الاقتصادات العالمية ومنها مصر.
وذكر أنيس فى تصريحات خاصة لموقع "صدى البلد" الإخباري أن سوق السياحة الأوكرانى والروسى يصدر إلى مصر ما يقترب من نسبة 50% من إجمالى السياحة القادمة، إذا لم يتطور النزاع إلى غزو العاصمة الأوكرانية كييف فلن توجد أى تغييرات جوهرية فى معدلات تدفقات السياحة.
وأوضح أنيس ،أن إنتاج روسيا وأوكرانيا مجتمعين يمثل نحو 20% من إجمالى الإنتاج العالمى للقمح ويتمركز الإنتاج الأوكرانى فى المناطق الشرقية محل النزاع وهنا تتوقف قراءة المستقبل على قدرة أى مجموعة أيا كانت على بسط نفوذها وسيطرتها على الأرض وإذا استمر الوضع الحالى بسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا واستمر دعم روسيا لهم، فستستمر تدفقات القمح للسوق العالمى كدليل على السيطرة الفعلية ومصدر دخل هام للإنفصاليين وستقف العقوبات الدولية حاجزا أمام التعاقدات الدولية لكن لذلك الوضع حلول قدمتها خلف الأبواب المغلقة.
وحذر أنيس من محاولة استغلال بنوك استثمار دولية الترويج لعقود تحوط طويلة الأمد بداعى الأزمة الحالية، فأسعار القمح عالميا الأن هى ضعف السعر منذ عام مضى بالفعل، والتأثيرات الحالية مؤقتة، وأسعار المواد الأساسية ستنخفض على مدار الثلاث سنوات القادمة عن مستوياتها الحالية لأسباب كثيرة وإذا تحولت المناطق الأوكرانية محل النزاع إلى أرض محروقة تشبه الوضع السورى، فحسن التلاعب والتنقل ما بين الموردين الأخرين مثل رومانيا والأرجنتين وأستراليا وكندا وأمريكا، سيكون أمرا حيويا.
وأشار أنيس إلى وجود فرصة تاريخية لمصر فى قطاع الطاقة العالمي فى ظل هذه الازمة من خلال زيادة تدفقاتنا من الغاز الطبيعى إلى أوروبا فضلا عن جذب الإستثمارات إلى قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجددة والتركيز عليهم أصبح أمرا حيويا وأيضا الترويج لمشاريع الطاقة الشمسية لتحول إنتاجها إلى هيدورجين أخضر بهدف التصدير، هو المستقبل.
وتابع: تواصل أسعار النفط الخام الارتفاع لأسباب متعددة، وقد يقترب سعر خام برنت من 120 $ للبرميل وهو الأن قريب من 100$ للبرميل، أحذر من التحوط طويل الأمد عند مستوى الأسعار الحالية وذلك لأن أهم أداة أمريكية لمعاقبة روسيا لن تكون العقوبات المعلنة ولكن تعمد تخفيض أسعار النفط والغاز، لذلك سينجز اتفاق إيران النووى بشكل أسرع وأكثر تساهلا مما يظنه البعض و ستدفع شركات النفط الصخرى الأمريكى إلى التنقيب بأوسع نطاق ممكن وتصدير فائض إنتاجها إلى السوق العالمى، ستزيد الاستثمارات الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر فى فنزويلا لزيادة التدفقات العالمية من النفط، وصولا إلى مستويات سعرية فى حدود 80$، وذلك تحقيقا لهدف إضافى هام وهو السيطرة على معدلات التضخم الأمريكية المرتفعة جدا بالفعل .
وأضاف أنيس ،أن تبعات هذه الازمة ستؤثر على مؤشر الدولار وهو المؤشر الذى يقيس أداء الدولار الأمريكى أمام 6 عملات دولية أخرى من بعض الضغوط قصيرة الأمد بواقع أخبار الأمس، والتى تمثل انتصارا سياسيا وجيوإستراتيجيا للدب الروسى على النسر الأمريكى، لكن لن يستمر الأمر طويلا فعام 2022 سيحمل تشديدا واضحا للسياسة النقدية الأمريكية، وهناك العديد من الرفعات لمعدلات الفائدة قادم لتصل الفائدة إلى 1% على الأقل من المستوى الصفرى الحالى فى ذلك دعم كبير لمؤشر الدولار الأمريكى،أما عن سعر الدولار الأمريكى أمام الجنيه المصرى، فذلك يخضع للظروف الاقتصادية والمالية المصرية أكثر بكثير من أى شيء آخر، ولا يوجد تغييرات جوهرية فى الأمد المنظور.
وبالنسبة لأسعار الذهب أوضح أنها مستمرة فى الإرتفاع نتيجة تصاعد الازمة ، لكنها مهددة بعدم الاستدامة بسبب تشديد السياسة النقدية الأمريكية وبعض الأمور الأخرى سيؤدى إلى انخفاض سعر المعدن الأصفر وارتفاع مؤشر الدولار والسندات الأمريكية.
ونوه أنيس الى أن سيناريوهات الأزمة والتشابكات الدولية لديها ثلاثة مسارح رئيسية للعمليات الجيوإستراتيجية الأن، أوكرانيا-روسيا، تايوان-الصين، إيران وزيادة الترابط والتأثيرات المتبادلة فيما بينهم أمر مقلق ويتطلب الترقب والمتابعة الدائمة خاصة أن الرئيس بوتين قام بدوره على رقعة الشطرنج، إذا أتى الرد الغربى بحصار وعقوبات اقتصادية فسيتجمد الصراع عند مستجداته الحالية وإذا حاول حلف الناتو ضم ما تبقى من أوكرانيا أو مدها بتسليح نوعى أو تحرير الأراضى المنضمة حديثا إلى روسيا، فسترد روسيا استباقيا بغزو شامل لأوكرانيا واحتلال كييف وتغيير النظام بالقوة.