ما زالت الأزمة الروسية الأوكرانية تسيطر على الرأي العام العالمي، وما زال شبح الحرب بين الجارتين يخيم على منطقة شرق أوروبا بالكامل، فالتوترات تزداد بين جيع الأطراف والتصريحات تشتد حدة وعنفا ولا أحد يعلم نهاية هذه المناوشات، خاصة بعد القصف الذي شهدته منطقة دونباس المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا وتبادل الاتهامات من كلا الطرفين.
وتتواصل التصريحات من جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة، والتنبؤات باحتمالية شن روسيا هجوما كاملا على أوكرانيا واحتلالها في ظل التحركات الروسية التي تقول عنها موسكو أنها مناورات تدريبية فقط في حين يراها الغرب استعدادات للغزو المحتمل.
ولم يكتفي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتصريحاتهما الحادة وتهديدهما بفرض العقوبات على روسيا إذا قامت بغزو أوكرانيا، ولكنهما يقومان أيضا بتزويد كييف بالأسلحة والمعدات لصد الهجوم المحتمل على الأراضي الأوكرانية، كما يقوم حلف الشمال الأطلسي "الناتو" والولايات المتحدة بتعزيز تواجدهما العسكري بشرق أوروبا عن طريق إرسال الجنود والأسلحة والطائرات إلى الدول القريبة من الحدود الروسية، الأمر الذي تراه موسكو تهديدا صريحا لها وإشعال الأزمة.
وفيما يلي يرصد "صدى البلد" أهم التطورات التي طرأت خلال الساعات القليلة الماضية في الأزمة الروسية الأوكرانية.
موسكو لا تريد الحرب
قال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن روسيا لم تكن البادئة بأي هجوم على مدار التاريخ، ولا تريد حتى أن تنطق بكلمة "حرب".
وتابع بيسكوف: "نذكّر أن روسيا لم تهاجم أبدا أي أحد على مدار تاريخها. وروسيا، التي نجت من العديد من الحروب، هي آخر دولة في أوروبا تريد حتى أن تنطق بكلمة حرب".
وأضاف بيسكوف أن موسكو تدعو الغرب إلى التفكير المنطقي، متسائلا "ما هو الهدف من قيام روسيا بمهاجمة أحد ما؟".
وتعليقا حول الوضع المتوتر في دونباس، شدد بيسكوف على أنه عندما يتصاعد التوتر في دونباس إلى حدود قصوى، فإن أي شرارة أو استفزاز بسيط يمكن أن يؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها، مضيفا أن الغرب لم يحث كييف قط على ضبط النفس.
ولفت إلى الطبيعة البناءة التي يجريها الرئيس بوتين في محادثاته مع القادة الغربيين بشأن أوكرانيا ونقل مخاوف روسيا إلى الشركاء الغربيين، وقال: "تتناقض طبيعة المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقادة الغربيين بشأن الوضع حول أوكرانيا بشكل حاد مع الهستيريا الإعلامية لهذه الدول".
من جانب آخر، نوه بيسكوف برد فعل بوتين على الأنباء المتعلقة بمواعيد غزو أوكرانيا، وأكد بأن الرئيس بوتين لا يهتم بالتقارير والتصريحات المتعلقة بتواريخ الغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا: "الرئيس لا يعير اهتماما لهذا الأمر، لكن بشكل عام، مثل هذه التصريحات، بالطبع، هي عنصر ذو طبيعة استفزازية. والحقيقة أنها يمكن أن تؤدي بشكل مباشر إلى تصعيد التوتر".
كما لفت إلى أن ظهور تواريخ مختلفة "للغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا" قد يدفع كييف إلى حل مشكلة دونباس بالقوة.
تدريبات روسية مشتركة
وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أن بيلاروسا وروسيا قررتا مواصلة اختبار جاهزية قوات رد الفعل التابعة لدولة الاتحاد على خلفية التطورات في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا.
وجاء في بيان أصدره اليوم الأحد وزير الدفاع البيلاروسي فيكتور خرينين، أنه على خلفية تزايد الأنشطة العسكرية قرب الحدود الخارجية لدولة الاتحاد وتفاقم الوضع في دونباس اتخذ رئيسا جمهورية بيلاروس وروسيا الاتحادية قرارا بمواصلة اختبار قوات رد الفعل التابعة لدولة الاتحاد.
وأوضح أن العملية تشمل مراحل من الدفاع عن دولة الاتحاد لم يتم شملها بمثل هذا الشكل المفصل خلال المرحلة السابقة من الاختبار".
وأشار مع ذلك إلى أن التوجه العام للتدريبات لم يتغير وهو يتمثل في ضمان الرد المناسب ووقف تصعيد الاستعدادات العسكرية لأعدائنا بالقرب من حدودنا المشتركة.
وذكر خرينين أن الدول المتاخمة لبيلاروسا يتم تزويدها وبكثرة بأحدث أنواع الأسلحة مع التركيز على الوسائل الهجومية الحديثة، بالإضافة إلى رفع درجة جاهزية قوات الرد السريع التابعة للناتو للتدخل تحسبا بأي "تصعيد في أوكرانيا"، وتنامي كثافة التدريبات والعمليات التي تجرى بالقرب من حدود دولة الاتحاد.
وأشار إلى أن ثمة فكرة تم غرسها في عقول الغربيين عن أن الحرب مع الجيران الشرقيين لا مفر منها، مع اتهام روسيا وبيلاروس بالتوجهات العدوانية.
كما اعتبر أن الغرب يرفض قبول الخطوط الحمراء المحددة من قبل روسيا في هندسة أمن أوروبا، والتي لها أهمية بالنسبة لسكان بيلاروس أيضا"، مضيفا: نرى كيف يتم نبذ المبدأ الأساسي هو مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة.
واختتم وزير الدفاع البيلاروسي بالإشارة إلى أن ما سلف ذكره يدل على أن رائحة البارود الشديدة تفوح في أوروبا وهناك من يدفع دولها إلى حرب.
حرب قد تندلع في لحظة
وعلى الجانب الأخر،قال البيت الأبيض إن روسيا قد تستخدم القوة العسكرية في شن هجوم على أوكرانيا في أي وقت.
كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيدعو مجلس الأمن القومي للاجتماع الأحد المقبل لبحث الملف الأوكراني.
كما قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اليوم، إن كل ما تراه واشنطن يشير إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا بات وشيكا، وهي المزاعم التي نفتها موسكو مرارا.
وأوضح بلينكن أن الوضع في دونباس بشرق أوكرانيا يثبت دقة توقعات الولايات المتحدة حول استعداد روسيا لغزو أوكرانيا.
وأضاف أن الولايات المتحدة لا تزال مصممة على بذل كل جهد دبلوماسي ممكن لمنع روسيا من غزو أوكرانيا.
وأشار بلينكن إلى أن واشنطن لا تعتزم حاليا فرض عقوبات وقائية ضد روسيا من أجل الحفاظ على التأثير الرادع.
ومن جانبه، حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن الأدلة تظهر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخطط لأكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945.
وقال جونسون، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، إن المؤشرات تفيد بأن خطة موسكو بدأت بالفعل.
دعوة للحوار بين الجارتين
وفي خطوة لوقف التصعيد والتوتر الحادث في شرق أوروبا، دعا الرئيس الأوكراني، فلودمير زيلينسكى، نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى لقائه والسعي لحل للأزمة، في ظل ارتفاع موجه العنف في إقليم دونباس التنازع عليه بين القوات الأوكرانية والانفصاليين.
وقال زيلينسكى خلال مؤتمر ميونخ للأمن، إنه لا يعرف ما يريده الرئيس الروسي، لذلك اقترح مقابلة، مضيفا أن بإمكان روسيا أن تختار مكان المحادثات.
وأضاف زيلينسكى، قائلا أن بلاده ستواصل إتباع الطريق الدبلوماسي من أجل تسوية سلمية للأزمة.