قال الشيخ الدكتور بندر بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن اللسانُ أمانةٌ عند الإنسان، ووديعةٌ مسؤولٌ عنها، وهو قابِلٌ لكلِّ ما يُعرَبُ به، ومائلٌ إلى ما يُمال إليه.
أمر اللهُ بأحسنِ القولِ وأطْيَبِه
وأوضح «بليلة» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن كلَّ كلمةٍ يَلْفِظُها الإنسانُ مُثبَتَةٌ عليه في كتابٍ لا يَضِلُّ ربي ولا ينسى ثم تُعرَضُ عليه يومَ العرضِ الأكبر؛ فإن كانت خيرًا فما أحَظاهُ وأهْناه، وإن كانت شرًّا فما أبْأسَه وأشْقاه!.
وأضاف أنه قد أمر اللهُ سبحانه ورسولُه –صلى الله عليه وسلم- بأحسنِ القولِ وأطْيَبِه، وحَضَّا على أجملِ الكلام وأعْذَبِه، قال تعالى « وقولوا للناس حسنا» وقال عليه الصلاةُ والسلام: «مَن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فلْيقُل خيرًا أو ليصمُت» أخرجه البخاريُّ ومسلم.
تنفُذُ إلى القلوبِ قبل الآذان
وأفاد بأنها حُلَى اللسان، وتُحَفُ البيان، تنفُذُ إلى القلوبِ قبل الآذان، تعليمُ جاهل، وتنبيهُ غافل، وإرشادُ حائر، وبَذلُ نصيحة، وبثُّ خير، وإصلاحٌ بين الناس، وذكرٌ لله عزوجل، منوهًا بأن اللسانْ آلةُ النُّطق، وأَداةُ البيان، والشاهدُ عن الضمير، والتُرجُمانُ للفؤاد.
وتابع: به يُرَدُّ الجواب، ويُفصَلُ الخِطاب، وتُدرَكُ الحاجاتُ والطِّلابْ، فما أعظمَهُ من نِعمة، وما أكرمَهُ من قِسمة، مستشهدًا بما قال الله سبحانه وتعالى: « الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ».
حَدُُّ اللسان عظيم
وأشار إلى أن حَدُُّ اللسان عظيم، وخطرُهُ جسيم؛ وأثرُهُ عميم، يَرقى به المَرءُ دَرَجاتِ العِزِّ والفَخار، أو يَهويِ في دَرَكاتِ العَطَبِ والبَوار، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ ما يَتبيَّنُ ما فيها، يَهوي بها في النار أبْعَدَ ما بين المشرق والمغرب» أخرجه البخاري ومسلم.
واستشهد بما قال –صلى الله عليه وسلم- : «وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو قال على مَناخِرِهم إلا حصائدُ ألسنتهم » وسُئل –صلى الله عليه وسلم- عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ النارَ فقال: «الفَمُ والفَرج» أخرجهما الترمذي، قال يحيى بنُ أبي كثيرٍ رحمه الله: «ما صَلَحَ مَنطِقُ رجلٍ إلا عُرِفَ ذلك في سائرِ عَملِه، ولا فَسَدَ مَنطِقُ رجلٍ إلا عُرِفَ ذلك في سائرِ عَملِه».
إلى حرام أو مكروه
وأفاد بأنه قال الإمامُ النوويُّ: «اعْلَمَ أنه ينبغي لكُلِّ مُكلَّفٍ أن يحفظَ لسانَه عن جميع الكلام، إلا كلامًا ظَهَرتْ فيه المصلحة، ومتى استوى الكلامُ وتركُه في المصلحة فالسُّنةُ الإمساكُ عنه؛ لأنه قد يَنْجَرُّ الكلامُ المباحُ إلى حرام أو مكروه، وذلك كثيرٌ في العادة، والسلامةُ لا يَعْدِلُها شيء».
وحث المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن فبالتقوى تخف المؤونات وتحسن للعبد من الله المعونات.