تتواصل الاحتجاجات منذ عدة أيام وحتى الآن، في عدد من الدول الأوروبية ضد قرارات حكوماتها في فرض قيود جديدة لاحتواء تفشي "فيروس كورونا" المستجد.
وشملت الاحتجاجات بلجيكا وهولندا والنمسا وفرنسا وألمانيا وكندا ونيوزيلندا، والدنمارك في الوقت الذي تتخوف عدة دول في القارة الأوروبية من موجة جديدة من جائحة كوفيد-19 في ظل تزايد مطرد لعدد الإصابات بالفيروس اللعين التي وصلت حتى اليوم 413 مليون وأودت بحياة أكثر من 5.83 مليون.
ورغم من ذلك تتحدث الدول الأوروبية عن حقوق الإنسان وهي لن تفعل ذلك في التعامل مع المتظاهرين في فرض القوة عليهم واعتقال العديد منهم وهنا السؤال؟ لقد أصدعت أوروبا وبرلمانها رؤوسنا بشعاراتهم التى سرعان ما تكشف زيفها عند أول اختبار حقيقى لها، ونتحدث عما فعلته أوروبا التى مارست الضغوط والسيطرة بطريقة عنيفة مع المتظاهرين!
رغم إن الغرب هو الذى يضمن حياة كريمة لمواطنيها مهما امتد بهم العمر "فأزمة الكورونا" التى عصفت بالعالم كشفت عن حقيقة غابت عن أذهان الكثيرين أظهرت مدى زيف الشعارات التى تغنت بها حقوق الإنسان ودول أوروبا.
فهي سلسلة من الممارسات والانتهاكات تشهدها العديد من دول أوروبا تتجاهلها لجنة "حقوق الإنسان" منذ سنوات، رغم ارتفاع عدد انتهاكات حقوق الإنسان فى عدد من الدول الأوروبية بصورة ملفتة للنظر واخيرها في التعامل مع المتظاهرين واعتقال العديد منهم.
أحتجاجات أستراليا ونيوزيلندا
زادت أعداد المشاركين في احتجاجات مستمرة منذ أيام على إلزامية التطعيم ضد كوفيد-19 في أستراليا ونيوزيلندا يوم السبت الماضي، وأغلق المحتجون الطرق وعطلوا الحياة اليومية في عاصمتي البلدين.
وتجمع نحو عشرة آلاف محتج في أرض المعارض الرئيسية في العاصمة الأسترالية كانبيرا، مما اضطر منظمي معرض خيري للكتاب إلى إلغائه وأدى أيضا إلى تعطل المرور وإغلاق طرق بالمدينة، وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على ثلاثة لكن الغالبية العظمى من المحتجين لم يخلوا بالقواعد.
وفي العاصمة النيوزيلندية ويلينغتون، تجمع مئات المحتجين قرب البرلمان لخامس يوم على الرغم من هطول المطر الغزير، وأسوة بالمظاهرات التي تشهدتها كندا، أغلق المحتجون عدة شوارع حول البرلمان بشاحناتهم أو حافلاتهم أو دراجاتهم النارية، ولا تزال الاحتجاجات صغيرة نسبيا في البلدين اللذين يؤيد معظم سكانهما التطعيم.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إن معظم إجراءات التطعيم الإلزامية فرضتها الولايات والمناطق وليس الحكومة الاتحادية.
ترودو يتعهد بإنهاء احتجاجات "قافلة الحرية" التي امتدت إلى فرنسا وأونتاريو تعلن حال الطوارئ بعد 13 يوما من احتجاجات "قافلة الحرية".
القبض على 100 شخص
وفي نيوزيلندا عرضت وسائل الإعلام مقاطع لشخص ينقله المسعفون والشرطة من مكان الاحتجاج وقد قبضت الشرطة على أكثر من مئة شخص.
وأغلق عدة آلاف من المحتجين الشوارع قرب البرلمان في العاصمة ولنغتون هذا الأسبوع بشاحنات وسيارات ودراجات نارية، مستلهمين مظاهرات مستمرة منذ 13 يوما في كندا، حيث أغلق سائقو الشاحنات معبرين حدوديين مع الولايات المتحدة.
وسجلت نيوزيلندا البالغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة أكثر بقليل من 18 ألف إصابة مؤكدة و53 وفاة منذ بدء الجائحة، وحصل حوالي 94 في المائة من المؤهلين للتطعيم على اللقاحات، والتطعيم إجباري لبعض الوظائف.
وطلبت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن من المحتجين الابتعاد، وقالت إن الاحتجاجات لا تعكس ما يشعر به الأغلبية في البلاد.
وكان نحو 1000 محتج لا يزالون في المكان، في تحد لتحذيرات ومساعي الشرطة لإبعادهم، وقالت أرديرن إن الاحتجاج حق مكفول لكل مواطن، لكن ينبغي ألا يعطل ذلك حياة الآخرين.
وبينما لا تزال الحدود مغلقة، يواجه عشرات الآلاف من المواطنين المغتربين العزلة عن أسرهم، وتكافح الشركات السياحية من أجل البقاء.
اتركوا أطفالنا وشأنهم
وحمل كثير من المحتجين، الذين قالوا إنهم حصلوا على التطعيم لكنهم يعارضون أن يكون إجباريا، لافتات تقول: «الحرية» و«اتركوا أطفالنا وشأنهم» «دعوني أعمل».
وقال متظاهر عرف نفسه باسم ديف: «نريد استعادة حريتنا»، وأضاف «غاسيندا (أرديرن) نحن نخسر وظائفنا ومعايشنا بسبب تلك الأوامر والقيود».
وقالت الشرطة إن المعتقلين ستوجه إليهم تهم التعدي على الممتلكات وتعطيل الحركة وسيتم الإفراج عنهم بكفالة قبل المثول أمام المحكمة، ودعت السلطات أيضا أصحاب وقائدي السيارات التي تسد الشوارع المحيطة بالبرلمان إلى إبعادها أو مواجهة إجراءات سلطات إنفاذ القانون.
وفي أستراليا، التي تفتح حدودها أمام السائحين هذا الشهر، تلقى 94 بالمئة من السكان من سن السادسة عشرة جرعتي لقاح، لكن البلاد لا تزال تواجه موجة إصابات بالمتحور أوميكرون سريع الانتشار.
احتجاجات في فرنسا
اعترضت الشرطة الفرنسية مئات المركبات التي كانت تحاول دخول العاصمة باريس، للمشاركة في احتجاجات ضد لوائح فيروس كورونا في فرنسا. في حين انطلقت قوافل مماثلة في مدن حول العالم.
ونشرت السلطات أكثر من 7000 شرطي لمواجهة الموقف خلال الأيام الثلاثة المقبلة، في محاولة لوقف المتظاهرين.
إطلاق غاز مسيل للدموع
وتمكنت بعض المركبات من الوصول إلى قوس النصر في باريس، وتم إطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في شارع الشانزليزيه القريب، ويأتي هذا التطور في فرنسا في وقت بدأت مظاهرات مماثلة تنتشر في جميع أنحاء العالم.
احتجاجات النمسا وبلجيكا
ففي النمسا وبلجيكا منعت السلطات مثل هذه القوافل الاحتجاجية من دخول عواصمها، كما اندلعت مظاهرات مماثلة في هولندا.
واستلهمت مجموعات المتظاهرين هذه الفكرة من "قافلة الحرية" الكندية، التي عرقلت التجارة على الحدود الأمريكية واحتلت الشوارع في أوتاوا الكندية.
أعتقال سبعة اشخاص
وقالت الشرطة في باريس، إنها اعترضت مئات المركبات المتجهة إلى المدينة وأصدرت قرابة 300 تذكرة (مخالفة) للسائقين، فضلا عن اعتقال سبعة أشخاص.
المتظاهرون الذين يعارضون "جواز سفر كوفيد" الفرنسي، الذي يتطلب من الناس إظهار دليل على التطعيم قبل دخول الأماكن العامة، يريدون التجمع ومحاصرة العاصمة باريس.
وجاءت الدعوة لتنظيم القوافل عبر الإنترنت، ويبدو أن وراءها خلفيات سياسية وأيديولوجية مختلفة، مما يجعل من الصعب تقدير عدد المركبات التي قد تصل إلى باريس، كما أنها جذبت الآخرين الغاضبين من ارتفاع الأسعار في فرنسا.
ويخطط البعض للاستمرار في التظاهر بالعاصمة البلجيكية بروكسل، موطن العديد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بعد احتجاج باريس.
توجه كثير من الألمان مجددا إلى شوارع العديد من المدن الألمانية للتظاهر احتجاجا على إجراءات سياسة كورونا.
واجتمع المتظاهرون في أماكن عدة لهذا الغرض إلا أن أماكن عديدة أخرى شهدت معارضة لاحتشاد المتظاهرين.
وقال متحدث باسم الشرطة إن حوالي أربعة آلاف شخص تجمعوا في مدينة فرايبورج، وحاولت مظاهرة مضادة اعتراض الأولى ما حدا بالشرطة أن تصحب المتظاهرين للمرور عبر الحاجز الذي وضعته المظاهرة المعارضة.
وفي مدينة كارلسروه، قالت الشرطة إن حوالي ألفي متظاهر اجتمعوا بينما خرج عدة مئات في شوارع مدينة شتوتجارت، واحتج العديد من الأشخاص مرة أخرى على إجراءات مكافحة كورونا في دوسلدورف.
احتجاجات كورونا والتعطيم الاجباري
وفي العاصمة برلين اجتمع أيضا عدة مئات في مظاهرة ضد إجراءات كورونا، كما تم تسجيل عمليتين احتجاجيتين أخريين على قواعد كورونا والتطعيم الإجباري.
كما نظمت عدة مظاهرات مضادة لهذه الاحتجاجات حيث فضت الشرطة مظاهرة في براندنبورج، واحتج أيضا متظاهرون على إجراءات كورونا في عدة مدن في ولاية سكسونيا السفلى.
كندا في خط السير
ولإنهاء عمليات شل الحركة "غير القانونية" للمتظاهرين المعارضين للتدابير الصحية المعتمدة في كندا، المتواصلة منذ أكثر من أسبوعين، قرر رئيس الوزراء جاستن ترودو لتفعيل قانون تدابير الطوارئ.
وقال ترودو: "تلجأ الحكومة الفدرالية إلى قانون تدابير الطوارئ لتعزيز صلاحيات المقاطعات والمناطق ومواجهة الاحتلالات"، موضحا أن الجيش لن ينتشر وأن الإجراءات الجديدة "ستكون محصورة زمنيا وجغرافيا".
كما شدد على أن قانون تدابير الطوارئ تم تفعيله لأن "عمليات شل الحركة غير القانونية تلحق الضرر بالكنديين ويجب أن تتوقف".
كثيرون عارضوا نتيجة فرض السيطرة
إلى ذلك أبدى كثير من رؤساء حكومات المقاطعات والمناطق معارضتهم تفعيل هذا القانون، لكن ترودو أوضح أن التدابير المتخذة ستطبق "فقط حيث تقتضي الضرورة".
من جهتها أوضحت أستاذة العلوم السياسية في جامعة أوتاوا، جنفييف تيلييه، أنه "بموجب هذا القانون يمكن للحكومة مصادرة ممتلكات وخدمات وحجز أشخاص، ويمكن للحكومة بموجبه أيضا أن تحدد للناس الأماكن التي بإمكانهم التوجه إليه، ا حدود فعلية لتحرك الحكومة".
يشار إلى أن هذه هي المرة الثانية فقط التي يتم فيها تفعيل هذا القانون في زمن السلم، بعدما كان بيار إليوت ترودو، والد رئيس الوزراء الحالي، قد فعله إبان أزمة أكتوبر 1970 حينما كان رئيسا للوزراء.
وكانت الشرطة الكندية قد تمكنت بعد شلل استمر 7 أيام من إعادة فتح جسر أمباسادور الذي يربط ويندسور في أنتاريو بمدينة ديترويت الأميركية في ولاية ميشيغن، وكان تعطيل الحركة على هذا الشريان الحدودي الحيوي دفع واشنطن القلقة من تداعياته الاقتصادية إلى التدخل لدى ترودو لحل الوضع.
إلى ذلك ذلك أعلن رئيس وزراء أنتاريو داغ فورد التخلي عن شهادة التلقيح في المقاطعة التي تشكل مركزاً للاحتجاجات المناهضة للتدابير الصحية لمكافحة كوفيد-19 منذ أواخر يناير الماضي.
وقال فورد خلال مؤتمر صحافي: "سنتخلى عن الجوازات" الصحية في الأول من مارس، موضح أن غالبية المواطنين باتت ملقحة وأن ذروة أوميكرون قد ولت.
لكن في أوتاوا لا يزال معارضو التدابير الصحية يحتلون شوارع وسط المدينة ولا سيما شارع ويلنغتون أمام البرلمان الكندي، ولا تزال حوالي 400 شاحنة في المكان مع تنظيم محكم مع نصب خيم للتدفئة وأكشاك طعام.
ويبدو انهم مصممون أكثر من أي وقت مضى رغم احتمال تعرضهم لغرامة قد تصل إلى 100 ألف دولار كندي أو حتى السجن منذ فرض حالة الطوارئ.
احتجاجات في كرواتيا والدنمارك
تجمع الآلاف في العاصمة الكرواتية زغرب احتجاجا على إجراءات الحكومة الكرواتية الخاصة بفيروس كورونا.
وعبر المحتجون عن استيائهم من قرار الحكومة منع الأشخاص الذين لا يحملون جوازات كوفيد-19 من دخول المباني الحكومية والعامة في البلاد، واعتبر المتظاهرون أن جوازات كوفيد-19 تمثل تمييزا بين الكرواتيين وتقسيما لهم.
وفي كوبنهاغن، خرج المئات في مسيرة ليلية في العاصمة الدنماركية، تعبيرا عن رفض الإجراءات الحكومية المرتقبة لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
وجاب المحتجون شوارع العاصمة رافعين شعارات مناهضة لفرض السلطات اعتماد الجواز الصحي، وذلك عقب تسجيل ارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتأتي الإجراءات الحكومية الجديدة بعد أقل من شهرين من رفع الضوابط والإجراءات الاحترازية.