خلال الأسابيع الأخيرة، عمدت دول عدة من أنحاء العالم إلى إجلاء دبلوماسييها وعائلاتهم من أوكرانيا، وتوجيه النصح إلى رعاياها المتواجدين في البلاد بمغادرتها فورًا، تحسبًا لانفجار صدام وشيك بين روسيا وحلف شمال الأطلسي على خلفية التصعيد حول توسع الناتو شرقا.
بايدن: غادروا لأننا لن نرسل قوات لإجلائكم
وطلب الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس من مواطنيه مغادرة أوكرانيا "فورا"، وحذر من صراع كبير محتمل مع موسكو في حال حصول مواجهة على الأرض بين القوات الأمريكية والروسية رغم الجهود الدبلوماسية التي تبذل في الأسابيع الأخيرة.
وأشار في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" إلى أنه يتوجب "على المواطنين الأمريكيين المغادرة. عليهم المغادرة الآن".
وتابع بايدن: "نحن نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم"، في إشارة إلى الجيش الروسي، مشددا على أن "هذا وضع مختلف جدا، والأمور يمكن أن تصبح جنونية بسرعة".
روسيا ودول غربية وعربية.. وحتى إسرائيل
وأعاد التأكيد أنه لن يرسل تحت أي ظرف قوات إلى الميدان في أوكرانيا، حتى من أجل إجلاء أمريكيين في حال حصول غزو روسي للبلاد.
وقال مصدر مطلع لوكالة "سبوتنيك" إن دبلوماسيين وموظفين قنصليين روس بدأوا مغادرة أوكرانيا. وأوضح: "وفقا لبيانات المواطنين الأوكرانيين، بدأ الدبلوماسيون الروس وموظفو القنصلية في أوكرانيا في المغادرة إلى روسيا. ويتجلى ذلك على وجه الخصوص من خلال الصعوبات التي واجهتها عند تحديد موعد في القنصليات والسفارة".
وبحسب المصدر: "على خلفية الإخلاء الذي أعلنته رسميًا عدد من الدول الغربية، فإن هذا يشير إلى أن موسكو قررت السير على نفس المنوال".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن "أمن وسلامة مواطنينا البريطانيين هما أولويتنا المطلقة، لذا قمنا بتحديث نصائحنا للمسافرين. نحضّ المواطنين البريطانيين الموجودين في أوكرانيا على المغادرة فورا عبر وسائل تجارية ما دامت لا تزال متوافرة".
وقالت بريطانيا، الخميس، إن "أخطر لحظة" في المواجهة بين الغرب وموسكو تبدو وشيكة مع إجراء موسكو تدريبات عسكرية في روسيا وبيلاروسيا والبحر الأسود عقب تعزيز قواتها قرب أوكرانيا.
كذلك دعت النرويج الجمعة رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا فوراً "بسبب وضع خطر ولا يمكن استشرافه". وقالت وزارة الخارجية النرويجية في بيان إنّها تناشد أيضاً مواطنيها عدم السفر أو الإقامة في أي منطقة في روسيا تقع على بُعد أقلّ من 250 كيلومترا من الحدود مع أوكرانيا، وتناشدهم أيضاً عدم السفر إلى بيلاروس، باستثناء العاصمة مينسك.
وأوضحت الوزارة أنّ إرشادات السفر هذه دخلت حيّز التنفيذ "في الحال". لتحذو بذلك أوسلو حذو دول أخرى وجّهت الخميس دعوة مماثلة لمواطنيها.
وقال سفير هولندا في كييف إن حكومته نصحت الرعايا الهولنديين في أوكرانيا بمغادرتها في أسرع وقت ممكن بسبب الوضع الأمني في البلاد. وأضافت أن هولندا ستنقل بعثتها الدبلوماسية من العاصمة كييف إلى لوفيو في غرب أوكرانيا.
كذلك أعلنت الحكومة الإسرائيلية الجمعة أنّها ستجلي من أوكرانيا عائلات دبلوماسييها وموظفي سفارتها في كييف بسبب "تدهور الوضع" هناك. وقالت الخارجية الإسرائيلية في بيان إنّها توصي أيضاً المواطنين الإسرائيليين بـ"الامتناع عن السفر إلى أوكرانيا في الوقت الراهن" وتحضّ أولئك الذين يقيمون في هذا البلد على تجنّب "بؤر التوتر" بسبب "تدهور الوضع".
ودعا رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، السبت، المواطنين الأستراليين الذين يعيشون في أوكرانيا، إلى مغادرة هذا البلد بـ"أسرع ما يمكن"، قائلا إن الوضع هناك "يزداد خطورة". وأضاف موريسون في إفادة صحفية: "نصيحتنا واضحة.. هذا وضع خطير.. عليكم السعي للخروج من أوكرانيا".
وحثت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي مواطنيها على مغادرة أوكرانيا على الفور. وقالت: "بينما نواصل العمل عن كثب مع شركائنا ومراقبة الوضع، أحث جميع الكنديين في أوكرانيا على اتخاذ الإجراءات اللازمة ومغادرة البلاد الآن".
وأهابت سفارة الإمارات في كييف بمواطني الدولة تأجيل السفر حالياً إلى أوكرانيا كما تدعو جميع مواطني الدولة المتواجدين في أوكرانيا بالتواصل معها عبر خط الطوارئ.
ودعت وزارة الخارجية الكويتية اليوم السبت المواطنين الكويتيين الراغبين بالسفر إلى أوكرانيا إلى تأجيل سفرهم في الوقت الراهن. كما دعت الوزارة في بيان لها المواطنين المتواجدين هناك إلى المغادرة حفاظا على سلامتهم والتواصل مع سفارة دولة الكويت في كييف على هواتف الطوارئ.
الحشد العسكري عرض مستمر
وقبل أيام، بدأت روسيا وبيلاروسيا مناورات عسكرية مشتركة أججت التوتر وزادت من أهمية تحقيق اختراق في الجهود الدبلوماسية التي يبذلها قادة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لمنع أي غزو لأوكرانيا.
وفي مسعى لتجنب احتمال وقوع "حوادث غير محسوبة" خلال المناورات الروسية البيلاروسية، أجرى رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارك ميلي اتصالا هاتفيا قلما يحدث، بنظيره البيلاروسي الجنرال فيكتور غوليفيتش. ولم تكشف موسكو ولا مينسك عن عدد الجنود المشاركين في المناورات لكن الولايات المتحدة قالت إن قرابة 30 ألف جندي سيتوجهون إلى بيلاروسيا من مواقع تشمل أقصى الشرق الروسي.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن المناورات ستتمحور على "منع وصد عدوان خارجي" فيما تعهد الكرملين بأن يعود الجنود الروس بعد انتهاء المناورات.
ويحذر القادة الغربيون منذ أسابيع من أن روسيا تستعد للتصعيد في النزاع المستمر منذ ثمانية أعوام في شرق أوكرانيا بعدما حشدت نحو مئة ألف جندي في محيط الدولة السوفياتية السابقة.
ورأى حلف الأطلسي أن نشر روسيا صواريخ وعتادا ثقيلا وعسكريين يمثل "لحظة خطيرة" لأوروبا بعد ثلاثة عقود على انهيار الاتحاد السوفياتي.
ووصلت قاذفات أمريكية استراتيجية من طراز بي-52 إلى المملكة المتحدة الخميس للمشاركة في مناورة "مخطط لها منذ فترة طويلة" مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي وسط توتر بين الغرب وروسيا، حسبما أعلن سلاح الجو الأمريكي في بيان.
ووصلت القاذفات التي لم يُحَدد عددها، من قاعدة مينوت الأمريكية في داكوتا الشمالية، وهبطت في قاعدة فيرفورد الجوية البريطانية على بعد 150 كيلومترا غرب لندن، وفق ما ذكرت قيادة القوات الجوية الأمريكية في أوروبا ومقرها ألمانيا.
إلى ذلك، قالت البحرية الأمريكية الخميس إن أربع مدمرات أمريكية غادرت الولايات المتحدة الشهر الماضي، للمشاركة في تدريبات بحرية في منطقة الأسطول السادس التي تغطي البحر الأبيض المتوسط خصوصا.