- حوار سياسي وثيق واتفاق في الرؤى بين فرنسا ومصر بشأن القضايا الإقليمية
- الرئيسان السيسي وماكرون يوجهان بزيادة وإيلاء أهمية خاصة للتعاون المشترك
- فرنسا أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر.. ومصر ثالث أهم مستقبل للاستثمارات الفرنسية في المنطقة
خصوصية العلاقات المصرية الفرنسية ظلت طوال قرنين من الزمن عبارة عن “مسيرة تعاون” بين باريس والقاهرة، جعلت من العمل السياسي والدبلوماسي بين البلدين ركيزة مهمة من ركائز العلاقات الثنائية؛ إذ تنبني على روابط تاريخية زخمة تستند إلى الصداقة والثقة المتبادلة، ونمت هذه الروابط بشدة منذ أربع سنوات وعلى مختلف المستويات.
وتمثّل فرنسا شريكًا اقتصاديًا بالغ الأهمية لمصر، إذ سجّلت المبادلات التجارية بين فرنسا ومصر زيادة بنسبة 22 في المائة في عام 2019 لتبلغ 3 مليارات يورو، بعد أن كانت قد سجلت في عام 2016 تراجعًا هو الأقوى منذ عشر سنوات
وتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى مدينة بريست الفرنسية للمشاركة في قمة "محيط واحد"، والتي تأتي في إطار سلسلة قمم تُعني بالموضوعات البيئية ينظمها الجانب الفرنسي بمبادرة من الرئيس "إيمانويل ماكرون" منذ عام 2017، حيث تركز القمة هذا العام على الموضوعات ذات الصلة بالبحار والمحيطات، بما في ذلك الحفاظ على النظم الحيوية بها ومكافحة التلوث البحري بشتى أنواعه وعلاقة البحار والمحيطات بجهود مواجهة تغير المناخ، فضلاً عن دعم مفهوم "الاقتصاد الأزرق المستدام" وحشد التمويل له.
وبالنظر الى تطور العلاقات بين القاهرة وباريس، نجدها على مستوى العديد من المجالات، فعلي المستوي الاقتصادي تنوع التعاون بين البلدين مابين استثمارات مباشرة وتبادل تجاري وتمويل تفضيلي، وعلى المستوى الثقافي، ويتمثّل الحضور الفرنسي في مجال البحوث بوجه خاص في معهد البحوث بشأن التنمية ومركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية اللذين تتناول أعمالهما اختصاصات العلوم الإنسانية والاجتماعية واللذين تتمحور أنشطتهما البحثية حول ثلاثة موضوعات وهي الحوكمة والسياسات العامة، والتطور المدني وتحسين حركة النقل، والإنسانيات الرقمية.
وعلي المستوي العسكري عقدت عدد من الاتفاقيات العسكرية وكذلك اجراء التدريبات الثنائية العسكرية كل عامين علي الأراضي المصرية وتشارك الدولتين في تدريبات بحرية تعرف بـ"كليو باترا"، وهي تقام في الأعوام ذات الأرقام الزوجية، وقد أقيمت آخر تدريبات بحرية من هذا النوع على سواحل الإسكندرية في الفترة من 8 إلى 13 ديسمبر 2012، حيث شارك الجانب الفرنسي في هذه التدريبات من خلال الفرقاطة جان بارت والسميرية. وتُجرَى أيضًا تدريبات جوية ثنائية بين البلدين تحمل اسم "نفرتاري"، وكان آخرها التي أُجريت من 29 أكتوبر إلى 12 نوفمبر 2012، وتتعاون الدولتان كذلك في التجهيزات والمعدات العسكرية .
فمنذ منتصف السبعينيات، يُوجد جزء كبير من المعدات العسكرية المصرية فرنسية الصنع من طائرات الميراج، والألفاجيت، والمروحية غازال، وأجهزة الاتصال والإشارة، كما يتم تبادل الخبرات العسكرية بين البلدين في مجالات التكنولوجيا، وصيانة المعدات.
وفي مجال علم الآثار، فتتبوأ فرنسا الصدارة في هذا المجال في مصر عبر المعهد الفرنسي لعلم الآثار الشرقية (IFAO)، والمركز الفرنسي المصري لدراسات معابد الكرنك، ومركز الدراسات الاسكندرانية، فضلًا عن البعثات الأثرية الفرنسية المتعددة في مصر.
تطور العلاقات المصرية في عهد الرئيس السيسي
تطورت العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا خلال فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بالمتانة والحرص على التشاور المستمر بين القيادة السياسية في مصر وفرنسا؛ لبحث كل القضايا الدولية والإقليمية
وشهدت فترة حكم الرئيس السيسي العديد من الزيارات واللقاءات، الأمر الذي يؤكد اهتمام البلدين بدعم التنسيق والتعاون المشترك حيث تعتبر فرنسا من أهم الدول الأوروبية المستثمرة في مصر.
وتوالت خلال فترة الرئيس السيسي العديد من الزيارات المتبادلة واللقاءات لتعزيز العلاقات في مختلف المجالات ناقشت العلاقات الثنائية بين البلدين والأوضاع الإقليمية والدولية والوضع في الأراضي الفلسطينية
وتعددت الزيارات المتبادلة في إطار العلاقات المتميزة التي تجمع بين مصر وفرنسا وتعكس الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات الوطيدة بين البلدين والارتقاء بها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزا.
كما انعقدت العديد من القمم المصرية – الفرنسية في القاهرة وباريس خلال المؤتمرات الدولية فرصة لتعزيز التعاون مع فرنسا في مختلف المجالات لا سيما على الصعيد الاقتصادي حيث تم بحث الفرص وجذب استثمارات جديدة مع ممثلي مجتمع الأعمال الفرنسي والمتخصصين في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة فضلا عن قطاعات الطاقة والطيران والدفاع والنقل والبنية التحتية والبيئة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وبحثت القمم الثنائية واللقاءات سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، وكذا دعم التعاون بين مصر وفرنسا في الأطر والمنظمات الدولية متعددة الأطراف فضلًا عن العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
تعاون في مجالات الطاقة والنقل
كما شهدت العلاقات المصرية – الفرنسية توقيع العديد من الإتفاقيات في العديد من المجالات على رأسها الطاقة والبنية الأساسية والسياحة والثقافة
كما تعد فرنسا أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر كما تعد مصر ثالث أهم مستقبل للاستثمارات الفرنسية في المنطقة وتعمل في مصر نحو 140 شركة فرنسية في العديد من المجالات التي يأتي في مقدمتها الخدمات المصرفية والبنوك والسياحة والاتصالات والطاقة والخدمات البيئية.
تاربخ العلاقات المصرية الفرنسية
استهل الاتحاد الأوروبي ومصر علاقاتهما الدبلوماسية في عام 1966. وكانت تُنظم العلاقات الأوروبية المصرية في إطار اتفاق التعاون الذي وُقع في عام 1976 بين مصر والجماعة الاقتصادية الأوروبية ودخل حيز النفاذ في عام 1977.
وأصبحت تقوم على أساس اتفاق شراكة وُقع في 25 يونيو 2001 ودخل حيز النفاذ في الأول من يونيو 2004.
وأتاح منذ فترة وجيزة مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر إبان الاجتماع الذي عقد في 25 يوليو 2017 اعتماد الأولويات الجديدة التي تنصبها الشراكة على نحو رسمي، وهي أولويات تحددت على نحو مشترك مع السلطات المصرية تتمثل في السياسة الدولية والتنمية الاجتماعية الاقتصادية ومكافحة الإرهاب ضمن أطر مراعاة سيادة القانون.
ويتبوأ الاتحاد الأوروبي صدارة قائمة شركاء مصر التجاريين على صعيد الواردات مثل الآلات ومعدات النقل وعلى صعيد الصادرات المصرية مثل النفط ومنتجات التعدين والمنتجات الكيميائية والمنسوجات على حد سواء.
ويمثل الاتحاد الأوروبي أيضًا المصدر الرئيس من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر (بنسبة 60 في المئة).
واضطلع الاتحاد الأوروبي بدور هام بوصف مصر ثاني مستفيد من الآلية الأوروبية للجوار بعد المغرب، وذلك في سياق تدهور الوضع الاقتصادي في مصر بفعل الاضطرابات السياسية التي واجهها البلد، منذ عقد مضى.
ويستفيد البلد بذلك من مبلغ يتراوح بين 100 و120 مليون يورو سنويًا من الآلية الأوروبية للجوار لدعم برامج في مجالات المياه والطاقة والانتفاع بالخدمات الاجتماعية وتعزيز القدرات على مستوى الإدارة.
وتستفيد مصر كذلك من أموال تبلغ قيمتها 13 مليون يورو منذ 2017 من الأداة الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان والأداة المساهمة في تحقيق الاستقرار والسلام ووثيقة تمويل التعاون من أجل التنمية.