هل نحتاج إلى عالم موازٍ حتى نمتلك القدرة على تقبل واقعنا وحتى نرى عالمنا بمنظور جديد؟ الفكرة ليست جديدة ولكنها فكرة لها جاذبية وبريق وتناولتها أبيات كثيرة.. والفكرة ملخصها أنه في بعض الأحيان عندما نسعى إلى الهروب من الواقع إلى عالم موازٍ فنحن بشكل أو بآخر ندين العالم الخاص بنا وقد ندين نحن أنفسنا.

والفكرة أيضاً تم تناولها في افلام هوليودية مثل الفيلم الكوميدي Isn't It Romantic انتاج عام 2019 من بطولة النجمة الاسترالية ريبل ولسن وإخراج المخرج الأمريكي تود ستراوس شلوسن وأخيراً في الفيلم المصري الكوميدي حامل اللقب بطولة هشام ماجد ودينا الشربيني ومحمد سلام وأحمد فتحي ومحمد ثروت ومن إخراج المخرج هشام فتحي في أول تجربة إخراج سينمائي له لنوعية من الأفلام تحمل الكثير من الخيال والفانتازيا أو بمعنى آخر تتناول الواقع من رؤية غير مألوفة.

قد تبدو نوعية هذه الأفلام سهلة ولكن تخيل الواقع مرتين هو في الحقيقة السيناريو المزدوج وحتى يقرر صناع الفيلم خروج الجمهور إلى سيناريو خيالي موازٍ للقصة الحقيقة للفيلم فيجب أولاً أن تكون القصة الموازية بحق ممتعة وجذابة وثانياً وجود سبب مقنع للخروج عن الواقع لزيادة متعة المشاهدة وليس الانتقاص منها وهذا هو الفيلم الكوميدي الجديد حامل اللقب.

خرجت قصة فيلم حامل اللقب إلى قصة موازية خيالية بطلها الأول الكوميديا غير المبتذلة. والفيلم فيلم كوميدي عائلي من الدرجة الأولى وهو مُنتج سينمائي نادر تبحث عنه الأسر المصرية خاصة مع حلول أجازة منتصف العام. شاهدت الفيلم ولفت انتباهي الحضور العائلي.

وإذا كنا نطمح إلى زيادة الوعي بأهمية فن السينما في المجتمع والاستمتاع بها فهي تجربة تبدأ مع العائلة في البداية بخوضها تجربة مشاهدة ممتعة والحديث عنها وفيلم حامل اللقب يحمل الكثير من مقومات هذه التجربة لبساطته ولأنه كوميدي.

من الأمور التي أود أن أثني عليها في الفيلم في البداية هي إنه في بعض الأوقات بقصد أو دون قصد يمكن لعمل فني يتناول مسئوليات المرأة بشكل عام أو الدور الذي تلعبه داخل أسرتها كأم وزوجة أو في المجتمع كامرأة عاملة أن يقلل من شأن صورتها في دعابة أو غيره فيقوم بترسيخ أفكار تقلل من شأن المرأة ولكن الحقيقة أن فيلم حامل اللقب من الأفلام التي استخدمت لغة وحوارا يحترم المرأة وصورتها المجتمعية حتي داخل إطار كوميدي ساخر مما يعكس درجة عالية من الوعي لمؤلفي الفيلم.

جاءت أدوار الثلاثي الكوميدي محمد سلام وأحمد فتحي ومحمد ثروت في الفيلم موفقة وممتعة للغاية. كما أن احترافهم الفن الكوميدي لسنوات بدأ ينضج ويؤتي ثماره. ومازلت أعتقد أن احتراف الفن الكوميدى من أصعب الفنون التمثيلية وإخراجها أيضاً من أصعب الأمور. فهم بحق ثروة فنية هامة يجب توظيفها حتى لا تنضب الضحكة من حياتنا.

من أكثر المشاهد التي أعجبت بها في الفيلم مشهد اجتماع العائلة وتصويرهم كأشباح وخيالات في الخلفية فكثيراً من العلاقات العائلية المحيطة ببعض المتزوجين تتحول إلى صخب مزعج.

والمشهد الثاني هو مشهد السوبر ماركت وهو مشهد كوميدي جداً ولكنه معبر عن أزمة البطل الذي يقوم بدوره الفنان هشام ماجد في أول بطولة منفردة له ومحاولة عبوره أزمة وضع نفسه فيها.

المشهد نفسه انعكاس لمدى الفوضى التي سببها لنفسه لتبدأ بعدها رحلته الداخلية في معالجة هذه الفوضى. وجاء دور البطلة والذي تلعبه الفنانة دينا الشربيني مقاوماً للفوضى التي خلقها البطل وعاكساً لها أيضاً في نفس الوقت وانعكس ذلك في مظهرها وطريقتها وأسلوبها والذي برعت فيه.

متى نخرج من تجربة الإدانة لحياتنا ونعود من تجربة الهروب؟ عندما نتعلم الدرس.