تقوم وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة، أنّالينا بيربوك، بزيارة إلى مصر يوم 11 فبراير الجاري تستغرق يومين، وتعتبر الزيارة هي الأولي من نوعها لوزيرة الخارجية الألمانية منذ توليها مهام عملها مع قدوم الحكومة الألمانية الجديدة.
وتلتقي وزيرة الخارجية الألمانية في أثناء زيارتها بنظيرها الوزير سامح شكري وآخرين من أعضاء الحكومة المصرية للتباحث بشأن العلاقات المصرية الألمانية وقضايا إقليمية مهمة.
وتستعرض الوزيرة الألمانية مجالات محتملة للتعاون فيما يتعلق بالمؤتمر السابع والعشرين لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "COP 27" الذي تستضيفه مصر.
الاهتمام بالمناخ
ومن جانبه قال محمد صلاح، مؤسس أمانة المهاجرين بالحزب الاشتراكي الديمقراطي SPDبولاية براندنبورغ، إن وزير الخارجية أنالينا بنبروك في الشرق الأوسط لأول مرة لزيارة للقاهرة والأردن وفلسطين وإسرائيل.
وأضاف صلاح في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن وزارة الخارجية الألمانية أعلنت اليوم، أن هذه الزيارة تعد الأولى للشرق الأوسط تخدم تبادل أعمق لجميع القضايا الثنائية والإقليمية مثل عملية السلام في الشرق الأوسط وهذا له دلاله قوية جدا لدور ومكانة مصر المتنامية على الساحة العربية والإقليمية.
وتابع: "ينبغي رؤية أشكال التعاون الجديدة في مجال المناخ مع مصر خصوصا انها ستنظم مؤتمر المناخ العالمي، وكما معلوم أن من أولويات حزب الخضر قضايا المناخ ومكافحة الاحتباس الحراري".
وأشار أنه ربما ليس رسميا أن يكون لموضوع أوكرانيا وروسيا جانب من المباحثات خصوصا فيما يتعلق بتأمين الغاز للقارة العجوز إن نشبت لا قدر الله حرب، ولأن مصر لاعب فاعل على الساحة ومركز إقليمي للطاقة ربما تكون هذه نقطه اهتمام جديدة تُضاف لقوة مصر على الساحة الدولية.
ووصف صلاح الزيارة بأنها" شيء كبير أن تكون مصر محطة من المحطات الرئيسية في الشرق الأوسط".
واختتم صلاح حديثه: "الملف الليبي من الملفات المطروحة بما يخص عملية السلام في الشرق الأوسط بناء على مؤتمر برلين 1 و 2 بالإضافة إلى قضية سد النهضة والسياحة والاستثمار في مجال الطاقة النظيفة وحقوق الإنسان والقضية الفلسطينية ولبنان وسوريا أما عن الاستثمار في قناة السويس والعلمين والبحر الأحمر أما عن تصدير الغاز من مصر لأوروبا هو ملف مفتوح".
أهمية الزيارة
وفي هذا الصدد قال حسين خضر، عضو مجلس مدينة هيدن هاوزن في ألمانيا والسياسي الألماني من اصل مصري، إن زيارة وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة في هذا الوقت توضح قوة ومرونة العلاقات المصرية الألمانية، حيث انها تعتبر الزيارة الأولى لوزيرة خارجية المانيا منذ توليها منصبها الجديد.
وقال حضر في تصريحات خاصة لصدى البلد، أن سوف المحادثات تتركز على بعض القضايا الإقليمية وهذا يوضح أهمية مصر الإقليمية بالإضافة إلى العلاقات الثنائية العريقة حيث تعتبر مصر شريكًا مهمًا لألمانيا عندما يتعلق الأمر بالهجرة ومكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي فكلا كلا البلدين لهم ثقل سياسي لا يستهان به في شتى المحافل الإقليمية و الدولية وهذا يوضح أهمية التعاون المتبادل في العديد من المجالات بسبب أهميتها السياسية في المنطقة ، كما تعد مصر شريكًا مهمًا لألمانيا في التعاون الدولي.
وأكد خضر على اهتمام ألمانيا ومصر بالحفاظ على علاقاتهم الوثيقة و المتنوعة و القوية منذ عقود، حيث تواصل ألمانيا جهودها بالتعاون مع الجانب المصري لدعم بناء دولة حديثة وديمقراطية في مصر إلى جانب القيام بذلك، تتابع الحكومة الفيدرالية عن كثب وضع حقوق الإنسان في مصر كجزء من سياسة الاستقرار المستدام.
العلاقات المصرية الألمانية
وأضاف خضر أن هناك علاقات اقتصادية وتجارية مكثفة بين ألمانيا ومصر حيث تعد ألمانيا ثاني أكبر شريك تجاري لمصر بعد الصين حيث بلغ حجم التبادل التجاري ما يقرب من 4.5 مليار يورو (2018) وزاد ذلك تدريجيا حتى مارس ٢٠٢١ ثم ظهرت الجائحة وكان لها تأثيرا عالميا على حركة التجارة أيضا ، فمصر مقصد سياحي مهم السياح الألمان ففي عام 2018 وصل عددهم 1.7 و في عام 2019 1,8 مليون زائر و تعتبر بفارق بعيد أكبر مجموعة تزور مصر ولكن أيضا قل ذلك بسبب الجائحة التي أثرت سلبا على حركة السياحة العالمية.
وأوضح خضر أن مصر دولة ذات أولوية في سياسة التنمية الألمانية فهي واحدة من أكبر واهم الدول الشريكة في سياسة التنمية المستدامة وأنه تم الاتفاق بين الحكومتين المصرية والألمانية على تشجيع التوظيف من أجل تنمية اقتصادية مستدامة وإدارة المياه والنفايات ، وكذلك تشجيع الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة. بالإضافة إلى ذلك ، توفر ألمانيا أيضًا أموالًا لبناء المدارس الابتدائية ، وتشجيع الفتيات والنساء على التعليم ، والإصلاحات الإدارية ، وكذلك لتطوير المناطق الحضرية في القاهرة.
وقال أنه يوجد بمصر سبع مدارس ألمانية يدرس بها حوالي ٤٠٠٠ طالب و طالبة بما يفوق عدد المدراس الألمانية بالصين أو بالولايات المتحدة الأمريكية ، و على رأسهم المدرسة الألمانية الإنجيلية الثانوية التي يرجع تاريخ إنشائها إلى عام ١٨٧٣، كما تقدم معاهد جوته في القاهرة والإسكندرية مجموعة واسعة من خدمات اللغات والمكتبات بالإضافة إلى العديد من الأحداث. يتم تسجيل حوالي ١٩٠٠٠ طالب في ٣٦ جامعة مصرية ، بدعم من محاضرين من خدمة التبادل الأكاديمي الألماني يقدر العدد الإجمالي لمتعلمي اللغة الألمانية بأكثر من ٤٠٠ الف وينفذ المعهد الأثري الألماني بشكل رئيسي مشاريع التنقيب وكان مسؤولاً أيضاً عن ترميم الآثار الإسلامية في مدينة القاهرة القديمة.
كما تنشط سبع جامعات ومعاهد بحثية ألمانية في قطاع العلوم في مصرو تدعم ألمانيا أيضًا "الجامعة الألمانية بالقاهرة" وجامعة العلوم التطبيقية "الجامعة الألمانية الدولية". منذ أكتوبر 2012 ، يوجد حرم جامعي تابع لجامعة برلين التقنية على البحر الأحمر وهذا يوضح أهمية التعاون المتبادل في العديد من المجالات وأضاف خضر أنه سيتم بحث المزيد من التعاون و التنمية المستدامة.
التعاون السياسي
وأوضح أن مصر تعد شريكًا مهمًا لألمانيا في التعاون الدولي، حيث تقوم المؤسساتالألمانية بالتعاون و بتنفيذ مشاريع في العديد من أنحاء البلاد منذ عشرات السنين.
وأشار أن للتحديات التي تواجه مصر ومنها النمو السكاني القوي ، والكثافة السكانية العالية ، وتناقص الموارد الطبيعية مع زيادة الطلب على الطاقة ، وزيادة البطالة بين الشباب ، والافتقار إلى التعليم المناسب ، والتمييز ضد المرأة ، وضعف الاقتصاد المرتبط بالثورة موضحا أن هناك اهتمام الماني بزيادة الاستثمار و دعم الشباب، حيث يمثل الشباب بما يتحلون به من روح المغامرة والابتكار ثروة كبيرة بالنسبة لمصر و جدير بالذكر أن ألمانيا تدعم بعض الشركات الناشئة من خلال وكالة التعاون الدولي الألمانية.
وأضاف أن التعاون المصري الألماني قوي و مرن نتيجة للتغيرات الاجتماعية والسياسية والركود الاقتصادي الحالي، تظهر تحديات وخيارات جديدة للعمل ويتم دعم الحكومة والتنمية المستدامة من خلال برامج أخرى، حيث يتم تمويل برنامج لتنمية مناطق الفقر في المناطق الحضرية بشكل كبير من قبل الاتحاد الأوروبي.
وتابع: "كل هذا وغيره يدل على أهمية مصر بالنسبة لألمانيا و قوة و مرونة العلاقات المصرية الألمانية، حيث تسعى الوكالات الألمانية التي تعمل في مجال التعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة بمصر وتهدف هذه الشراكات الى تحسين حياة الناس على أساس مستدام من خلال توفير حلول حياتية مستقبلية، والمزيد من الإصلاحات من أجل تحقيق تنمية سياسية واقتصادية وبيئية واجتماعية وتنمية قدرات الأفراد والمنظمات والمجتمعات، وهذا ما وجدناه في التعاون في العديد من المشروعات الكبرى سواء في مجال انتاج الطاقة النظيفة أو تحلية المياه أو أخرى من اجل بنية تحتية قوية".