الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صاحبة العصمة

منى أحمد
منى أحمد

رغم مرور أكثر من أربعة عقود على رحيلها  إلا أن بريق صوتها وقوته وسرعة ذبذباته وأداءها المتفرد الذي انفردت به، مازال مستمرا حتي  بعد47 عاما على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم وهي تتربع علي عرش الغناء ومكانة إبداعية لم يستطع أحد أن يقترب منها. 

ومثلما كان صوتها استثنائيا كان جمهورها يشبهها بهيئته المميزة وكان يستعد لحضور حفلاتها بالملابس الرسمية  وكأنها مراسم ملكية، فهم في حضرة سيدة الغناء العربي.

 نشأة أم كلثوم  كانت لها أبلغ الأثر في مشوارها الممتد لأكثر من نصف قرن، فالتلاوة والإنشاد الديني انعكس على طريقة أدائها بداية من التمكن من مخارج كل حرف وكلمة مرورا بتوظيفها لسرعة ذبذبات صوتها والقفلات العبقرية لكل وصلة غنائية. 

رعاية الشيخ أبو العلا محمد  لأم كلثوم كانت الأهم في مشوارها الفني، فتشاء الصدف أن يتعرف على أم كلثوم وهى صغيرة تنشد مع أخيها وأبيها الذي استجاب لنصيحة الشيخ أبو العلا ماضي بالتوجه بابنته الي القاهرة حيث الوهج والشهرة.

وبدوره قام الشيخ أبو العلا محمد بنقل خبراته الكبيرة لأم كلثوم وهو الذي يمثل المرحلة الوسطية في الموسيقى العربية  بين عبده الحامولي الذي أدخل مقامات جديدة علي الموسيقي الشرقية وبين حقبة التحديث التي يمثلها سيد درويش وغنت أم كلثوم من ألحانه تسع قصائد فهو المنحاز دائماً للغة الفصيحة والقصائد الشعرية وكانت مرحلة الشيخ أبو العلا محمد فارقة في اختياراتها حيث اهتمامها بالقصائد التي مثلت 26% من مجمل أعمالها.

محمد القصبجي هو ثاني ملحن لحن لأم كلثوم بعد الشيخ أبو العلا محمد وواحد من أبرز أساتذة الموسيقى العربية والتلحين في القرن العشرين والذي أضفى تجديدا ولونا غنائيا مختلفا ارتضى أن يصبح عوادا في فرقة موسيقية خلف الست لمجرد أن يبقى بقربها وهو أول الملحنين الخمسة الكبار الذين استولوا على عطاء صوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم وأدائها .

وكان الملحن رياض السنباطي  من أهم المحطات في مشوار الست، حيث كونت معه ثنائيا فنيا وخاصة في القصائد وألحان نزلت بالقصيدة من عليائها ليرددها المواطن البسيط وكان للشيخ زكريا أحمد بصمة فنية أخري  بمذاق شرقي خاص وأطلق لقب لقاء السحاب علي تعاون كوكب الشرق مع موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب وأعظم الالحان التي استمتع بها الجمهور العربي. 

ولعل التعاون الأهم والأبرز مع الموسيقار الكبير بليغ حمدي الذي قدمت معه ام كلثوم ألحانا خرجت بها من العباءة الكلاسيكية الي مقامات جديدة وآلات موسيقية لم تكن معهودة في أغاني صاحبة الصوت المعجز والعديد والعديد من الملحنين كلٌ ببصمته الفنية  منهم محمد الموجي، محمود الشريف، كمال الطويل، سيد مكاوي وداوود حسني.

وكان أحد أسباب نجاح أم كلثوم انها دائما ما تسعي لتجديد تجربتها الفنية من خلال اختيارها بشكل دائم شعراء وملحنين جدد فلم تكن سيدة الغناء العربي  مجرد صوت بل كانت مؤسسة فنية ضخمة  دار في فلكها أعظم شعراء الأغنية والقصيدة  في القرن العشرين.

ورغم ان معظم أغنياتها كانت من نصيب الشاعر أحمد رامي الا انها حرصت علي التنوع ما بين بيرم التونسي  وأحمد شوقي وأبوفراس الحمداني وحافظ ابراهيم وعبد المنعم السباعي والهادي آدم وجورج جرداق ومأمون الشناوي وعبد الله الفيصل وإبراهيم ناجي وعبد الوهاب محمد وأحمد شفيق.

وما بين الكلمات العامية وأبيات الفصحى التي رددها الجمهور العربي من المحيط للخليج واستمتعت بها جنسيات غير ناطقة بالعربية استشعرت عظمة صوت الحنجرة الذهبية للمعجزة الغنائية استطاعت كوكب الشرق ان تسكن  بإبداعها الروح والعقل والوجدان العربي الذي توحد تحت رايتها.

صوت أم كلثوم حالة خاصة جدا لم يستطع أحد ان يكتشف سر خلوده مثلها مثل الفراعنة نفس الانبهار نفس الغموض نفس الخلود.. وتبقى أم كلثوم أسطورة وظاهرة لا تتكرر.